«القاعدة»: تكلفة طرود الاستنزاف 4200 دولار.. وهدفنا الدمار الاقتصادي

مولن: التنظيم في اليمن تهديد «خطر»

TT

كشف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عن تفاصيل العبوات الناسفة التي تم شحنها على متن طائرات تابعة لشركات شحن في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، مشيرا إلى أن تكلفة العمليات بلغت 4200 دولار فقط.

جاء هذا الكشف المفصل في العدد الأخير من مجلة «إنسباير» التي يصدرها فرع التنظيم في اليمن باللغة الإنجليزية، ونشرته مواقع أصولية قريبة من «القاعدة» على الإنترنت أمس، الذي تم تخصيصه للحديث عن «المؤامرة»، التي أطلقت عليها اسم «عملية عبوات الاستنزاف».

وجاء في عناوين جانبية على غلاف العدد: «أهداف عملية طرود الاستنزاف» و«تفاصيل فنية» و«صور حصرية»، حيث تضمنت صورا نشرت لأول مرة للطرود الناسفة قبيل شحنها، بحسب المجلة. وكتب في المجلة عدد من الأصوليين تحت أسماء مستعارة، مثل إبراهيم البنا ويحيى إبراهيم ، وإكرامه المهاجر. وقالت المجلة: «لقد نجحت العملية في تحقيق أهدافها.. نحمد الله ونشكره على نعمه».

ووعد التنظيم بمواصلة الهجمات «الصغيرة» بهدف التسبب «بنزيف قاتل» للولايات المتحدة من أجل «تركيعها»، مبينا أن عملية الطرود الأخيرة التي لا تتجاوز تكلفتها المالية 4200 دولار، كانت لتحقيق خسائر اقتصادية كبيرة وبالأخص لقطاع اقتصاد الطيران بين الغرب والولايات المتحدة.

وقالت «القاعدة» إن الطرود البريدية التي أرسلت الشهر الماضي تهدف إلى التسبب بآلاف الجروح التي ستؤدي إلى «نزيف قاتل»، حسبما ذكر مركز «إنتل سنتر» لرصد المواقع الإلكترونية الإسلامية.

وتزامنا مع بيان «القاعدة»، أكد الجيش الأميركي أن عمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب باتت تمثل تهديدا أخطر على الولايات المتحدة عما كان عليه الأمر قبل عامين.

وفي خطوة لتأكيد نجاح عمليات «القاعدة»، قال التنظيم إن الطرود التي أرسلت إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي لم يكن هدفها القتل، بل التسبب بأكبر قدر ممكن من الاضطرابات الاقتصادية.

وأضاف أن هذه الطرود البريدية التي اكتشفتها الشرطة في دبي وبريطانيا تندرج في إطار «إحداث نزيف» لم يكلف تنفيذها سوى 4200 دولار.

وتابعت «القاعدة» لتركيع الولايات المتحدة، لسنا بحاجة إلى توجيه ضربة كبيرة، حسبما ذكر مركز (إنتل ستنر).

وادعى المقال المنشور في مجلة «القاعدة» مسؤولية التنظيم عن «مؤامرة أكتوبر»، التي تم خلالها شحن عبوات ناسفة على متن طائرات شحن، وكذلك مسؤولية التنظيم عن إسقاط طائرة شحن تابعة لشركة «يو بي إس» الأميركية، التي انفجرت فوق إمارة دبي، بدولة الإمارات العربية في الثالث من سبتمبر الماضي، مما أدى إلى مقتل طاقمها المؤلف من شخصين. وكانت السلطات في بريطانيا والإمارات العربية المتحدة قد اعترضت في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي عبوات ناسفة تم إرسالها من اليمن وموجهة إلى كنيس يهودي أميركي. وأكد البيان «في أجواء كهذه من الخوف الأمني الذي يسود كل أميركا، من الأسهل تنفيذ هجمات صغيرة تتطلب عددا أقل من المنفذين ووقتا أقصر، لكننا سنتمكن على الأرجح من الالتفاف على الحواجز الأمنية التي كابدت أميركا لإقامته وتوقع عدد أكبر من الضحايا عن الذي حدث في واشنطن سبتمبر 2001».

وأضاف أن «هذه الاستراتيجية لمهاجمة العدو بعمليات أصغر، لكن أكثر تواترا هي ما يسميه البعض استراتيجية آلاف الجروح والهدف هو دفع العدو إلى النزيف حتى الموت».

وتابع أن «الطرود القليلة التكلفة ستكلف الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى مليارات الدولارات وهذا ما يجعلنا نحقق أهدافنا إذا قررنا أن نستهدف الاقتصاد». وأشار التنظيم إلى أن «هذه الطرود يسهل مرورها رغم الإجراءات الأمنية والأمر الثاني أنها تثير مخاوف الغربيين وتجعلهم ينفقون مليارات الدولارات على الإجراءات الأمنية». وكان الطردان اللذان اكتشفا مرسلين إلى مركزين يهوديين في مدينة شيكاغو الأميركية. وعلى أثر اكتشاف الطرود اجتاحت مطارات العالم حملة لتشديد الإجراءات الأمنية وقالت المجلة إن «القاعدة» تعمل على نقل خبرتها في هذا المجال إلى جماعات إسلامية أخرى متطرفة لتشجيعها على القيام بمثل هذه العمليات. وتابع «سنواصل القيام بمثل هذه العمليات ولا فرق لدينا إطلاقا إذا تم اعتراضها»، مؤكدا أن «نشر الخوف في صفوف الأعداء وإبقاءهم في حالة استنفار مقابل بضعة أشهر من العمل وبضعة آلاف من الدولارات يشكل صفقة رابحة».

وأكد بن فينزك، المدير التنفيذي لمركز «إنتل ستنر» أن «تفاصيل عمليات (القاعدة) التي أوردتها المجلة تمثل تحولا في طريقة عمل الإسلاميين المتطرفين». وأضاف «لم نشهد من قبل أي مجموعة جهادية تعلن تفاصيل كهذه قبل أسابيع من تنفيذ عملياتها»، موضحا أنه يتوقع أن «تتبع هذه الخطوة عملية كبيرة». وتابع أن هذا «يمثل مستوى جديدا من التفاعل بين المجموعات الجهادية، بعيدا عن أيام تبني العمليات بتحفظ أو طرح تساؤلات عن الجهة المسؤولة عن هجوم». ورأى أن «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مجموعة ملتزمة وثابتة في مواقفها ومتطورة»، معتبرا أن التنظيم «سيواصل توجيه الضربات إلى الولايات المتحدة إلى أن تسبب واحدة منها آلاف القتلى أو خسائر اقتصادية جسيمة».

إلى ذلك، قال الأميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان الأميركية، إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يمثل تهديدا «خطرا» على الولايات المتحدة، وأصبح أكثر خطورة عما كان عليه قبل عامين.

وأضاف «ذراع تنظيم القاعدة فتاكة للغاية. وأنا أصدق ما يقولونه إنهم يسعون لمهاجمة الولايات المتحدة».

وفي نفس الوقت، نشرت تقارير صحافية أن القوات الأميركية بدأت في نقل معدات عسكرية من العراق إلى اليمن، خاصة طائرات هليكوبتر.

وكان وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، قال إن الولايات المتحدة تنوي مساعدة اليمن ضد تنظيم القاعدة من خلال تقديم تجهيزات وتدريب قوات الأمن ولكنها لا ترغب في خوض «حرب أخرى». وقال خلال مؤتمر نظمته صحيفة «وول ستريت جورنال»: «لسنا في حاجة لحرب جديدة». لكنه قال إن واشنطن تريد تأهيل قوات الأمن اليمنية، وتقديم معدات عسكرية، وخصوصا طائرات هليكوبتر.

وقال غيتس إن التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة توسع من شمال غرب باكستان إلى اليمن ثم إلى الصومال وإلى المغرب.

وقال «مارسنا الضغط على (القاعدة) في وزيرستان الشمالية (باكستان)، وتفرق الإرهاب في اتجاهات مختلفة، منها اليمن». وقال إن حكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تواجه «تحديا كبيرا».

وأشار مراقبون في واشنطن بأن الولايات المتحدة كانت رفعت مساعداتها المخصصة لمكافحة الإرهاب في اليمن خلال السنة المالية 2010 إلى 155 مليون دولار بعد أن كانت لا تتجاوز 4.6 مليون دولار في عام 2006.

وقال تقرير نشرته مواقع أميركية إن إعلان الناتو سيساعد الولايات المتحدة على زيادة وجودها العسكري في الشرق الأوسط، وأشار إلى «العراق وإسرائيل والأردن والكويت والبحرين وعمان وقطر واليمن». وأضاف أن عدم وجود قوات للناتو في الدول الأفريقية يجعل القوات الأميركية «حارسة» لأفريقيا. وأضاف «من بين 54 دولة أفريقية، فقط إريتريا وليبيا والسودان وزيمبابوي تجنبت التورط في علاقات عسكرية ثنائية مع البنتاغون، ويشمل ذلك مناورات، ونشر قوات أميركية، وتدريب قوات تلك البلاد».

وكان مسؤول مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية، دانيال بنجامين، قال في الأسبوع الماضي إن اليمن على رأس أولويات الإدارة الأميركية في مكافحة الإرهاب.

وعن حكومة الرئيس صالح، قال إنها وضعت بالغ الأهمية في العام الماضي لمواجهة «القاعدة»، بعد أن أدركت التهديد الحقيقي الذي تطرحه.