«دي فيلت» الألمانية تتهم إيران بانتهاك حقوق الإنسان على خلفية اعتقال صحافيين ألمانيين

القضية تعكس مزيدا من التدهور في العلاقات الإيرانية ـ الألمانية

TT

عبرت صحيفة «دي فيلت» اليومية الواسعة الانتشار عن قلقها العميق حيال وضع الصحافيين الألمانيين المعتقلين في إيران وقالت إن السلطات الإيرانية لم تسمح للسفارة الألمانية بزيارتهما سوى مرتين منذ اعتقالهما قبل 6 أسابيع. ومعروف أن «دي فيلت» تصدر عن دار «إكسيل شبرنغر» التي تصدر أيضا صحيفة «بيلد» اليومية التي يعمل الصحافيان المعتقلان لها.

وكانت سلطات طهران اعتقلت الصحافيين في أكتوبر (تشرين الأول) أثناء إجرائهما مقابلة صحافية مع نجل الإيرانية سكينة محمدي أشتياني التي حكم عليها بالموت رجما بتهمة الزنا وقتل زوجها عام 2006. وقد أثارت القضية حملة تضامن واسعة مع المرأة، كما اهتمت الصحافة العالمية والمنظمات الإنسانية بالقضية.

واتهمت الصحيفة السلطات الإيرانية بانتهاك حقوق الإنسان وبخرق اتفاقية فيينا الخاصة بحقوق مواطني البلدان المختلفة. وأشارت إلى أن المادة 36، الفقرة 1، من اتفاقية فيينا، التي وقعتها 150 دولة بينها إيران، تنص على حق المواطنين في الاتصال بسفاراتهم وقنصلياتهم والحصول على دعمها، وهو ما تحاول جمهورية إيران الإسلامية التنصل منه.

ونددت الصحيفة بانتهاك إيران لحقوق الإنسان وتحدثت عن معاناة الصحافيين من وضع نفسي وصحي سيئين في سجن «تبريز». وشككت «دي فيلت» في أن تكون السلطات الإيرانية قد أطلعت الصحافيين على أن أقوالهما ستنشر في أجهزة الإعلام العامة، واتهمت الأجهزة الإيرانية بإجبار الصحافيين على إثقال نفسيهما والآخرين بالتهم.

ولم تنكر الصحيفة تبرير إيران حول دخول الصحافيين إلى البلد بتأشيرات دخول سياحية ثم قيامهما بمهام صحافية غير مجازة، لكنها تساءلت: «إن صح ذلك، فإن طريقة التعامل مع الصحافيين غير مبررة ولا تتناسب مع تهمة خرق تعليمات تأشيرات الدخول».

وعن موقف وزارة الخارجية الألماني، قالت الصحيفة إن وزير الخارجية غيدو فيسترفيلي وصف الحالة بـ«الصعبة للغاية». وأكد الوزير لصحيفة «دي فيلت» أنه حمل مبعوثه للشرق الأوسط، آندرياس ميشايلز، رسالة واضحة بهذا الخصوص عند زيارته المقبلة للشرق الأوسط.

ويبدو أن العلاقات الإيرانية - الألمانية تشهد تدهورا استثنائيا هذه المرة بسبب اعتقال صحافيي «بيلد»؛ إذ حافظت ألمانيا، وطوال أكثر من 20 سنة، في زمن حكم المستشارين السابقين هيلموت كول وغيرهارد شرودر، وبفضل صادرات ألمانيا التي تبلغ 5 مليارات يورو سنويا، على علاقاتها مع إيران. وكانت فترات «الجليد» بين الدولتين تبدأ وتنتهي بعقد صفقات «سرية» تدور حول إطلاق سراح معتقلين في إيران أو مخطوفين ألمان بلبنان، أو محاكمة إيرانيين في ألمانيا بتهم التجسس أو الاغتيال. إلا أن فترة حكم المستشارة أنجيلا ميركل شهدت تدهورا كبيرا في العلاقات على خلفية التجاوب الذي تبديه ميركل مع سياسة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران. وذكرت ميركل في أول تصريح لها، بعد فوزها بانتخابات 2005، أنه إذا لم تتجاوب إيران مع مطالب الإجماع الدولي فلا يبقى سوى «السوط» للتعامل معها.

وألغت ألمانيا «ضمانة هرمز» التي كانت قد منحتها للشركات الألمانية التي تعمل في إيران، وهو ما أضر كثيرا بتوظيفات الرساميل الألمانية في إيران. كما صارت البنوك الألمانية ترفض التعامل مع إيران بالدولار، وهو ما ألحق بإيران خسائر فادحة بسبب ارتفاع اليورو. ورفعت البنوك الألمانية قيمة تأمينها على الأعمال في إيران من 2 إلى 10% فجأة؛ الأمر الذي دفع كثيرا من الشركات الألمانية إلى وقف مشاريعها في إيران.

صحيفة «دي فيلت» كانت عام 2004 مصدر المعلومات حول «صفقة» أمنية جديدة بين ألمانيا وإيران عندما أشارت إلى عدم حيادية الوسيط الألماني في قضية تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل. ورفضت وزارة الخارجية الألمانية وقتذاك التعليق على معلومات أوردتها «دي فيلت» تشي بأن صفقة تبادل الأسرى تضمنت اتفاقا على إطلاق سراح فلسطينيين وإيراني أدانتهم محكمة «ميكونوس» البرلينية باغتيال الزعيم الكردي الإيراني صادق شرفقندي ويقضون فترات حكم مؤبد في أحد سجون العاصمة الألمانية.

واستشهدت «دي فيلت» آنذاك بتقرير لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية اليومية تحدثت فيه عن «التفاتة حسن نية» من الألمان. ويفترض حسب هذا التقرير أن تكون الحكومة الألمانية قد أبدت استعدادها لإطلاق سراح قتلة شرفقندي من سجنهم البرليني في المرحلة الثانية من تنفيذ الاتفاق لقاء إطلاق سراح الطيار الإسرائيلي رون آراد.

وكانت النيابة العامة الألمانية في 24 فبراير (شباط) 2006 أعلنت عن اعتقال رجلي أعمال ألمانيين بتهمة التجسس وتزويد «دولة أجنبية» بتقنيات تدخل في صناعة الصواريخ. وعلى الرغم من أن فراوكه - كاترين شويتن، المتحدثة الرسمية باسم النيابة العامة في كارلسروهه (جنوب)، رفضت الإفصاح عن الدولة التي صدرت إليها التقنية المحظورة، إلا أن حملات المداهمة التي طالت أكثر من عشرة ألمان خلال السنتين الماضيتين، بتهم مماثلة، لا تدع مجالا للشك بأن الدولة المقصودة هي إيران.

وفي 27 مارس (آذار) 2006 أكدت النيابة العامة الألمانية في بوتسدام (شرق) تقريرا تلفزيونيا تحدث عن مداهمة مقار 41 شركة ألمانية بتهمة تزويد إيران بالأجهزة والمعدات اللازمة لاستكمال برنامجها النووي. وأفاد بينديكت فيلفن، المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة آنذاك، أن 250 موظفا وشرطيا داهموا مقار 41 شركة ألمانية في 10 ولايات.