أزمة لبنان السياسية تنعكس على احتفالاته بالقصر الجمهوري في الذكرى الـ67 لاستقلاله

رئيس الوزراء القطري يخرق المراوحة على الساحة الداخلية

فرقة من الجيش اللبناني تسير أمام منصة وقف عليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري وذلك في العرض العسكري الذي أقيم في بيروت أمس بمناسبة ذكرى الاستقلال (أ.ف.ب)
TT

بينما كان منتظرا أن تشكل ذكرى الاستقلال اللبناني الـ67 محطة جامعة للمّ شمل أركان الدولة الرافضين التلاقي في المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها مجلس الوزراء وطاولة الحوار، انعكست الأزمة السياسية على المشهد في قصر بعبدا حيث توافد المهنئون الذين غاب عنهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ورئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود.

وخرق رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني المراوحة التي يشهدها الوضع السياسي اللبناني، إذ وصل في زيارة مفاجئة إلى بيروت، حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي توجه بعد اللقاء إلى دولة قطر تلبية لدعوة رسمية من أميرها للمشاركة في حفل افتتاح الحوض الجاف لإصلاح السفن. وأوضحت أوساط متابعة للزيارة أنها تأتي في إطار التحركات والمساعي الإقليمية لإيجاد حلول للمشكلة اللبنانية.

وعلى وقع الأزمة، احتفل لبنان الرسمي بذكرى الاستقلال في جادة شفيق الوزان الواقعة بين مرفأ العاصمة وقاعدة بيروت البحرية، بحضور الرؤساء الثلاثة وحشد كبير من السفراء والدبلوماسيين والسياسيين والعسكريين. وكان للمناسبة عرض عسكري استعرض خلاله الجيش اللبناني عدته وعتاده القديم منه والمرسل حديثا في إطار المساعدات والهبات الأجنبية. وبعد العرض، انتقل الرؤساء الثلاثة من وسط بيروت إلى القصر الجمهوري في بعبدا حيث استقبلوا المهنئين بالعيد.

وبينما رفضت معظم قيادات التيار «الوطني الحر» الذي يرأسه العماد عون، التعبير علنا عن البرودة الكامنة في العلاقة بين العمادين سليمان وعون التي أدت إلى غياب عون عن قصر بعبدا، لمحت مصادر «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاطعة الاحتفال بعيد الاستقلال تأتي في سلسلة مقاطعة عون لطاولة الحوار ومجلس الوزراء». وإذ رد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا غياب عون إلى «أسباب خاصة» تساءل: «لماذا نعيّد الرئيس سليمان بالعيد؟ الحري بنا معايدة الشعب اللبناني»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن رئيس الجمهورية يمثل كل الفرقاء ومقاطعة تهنئته بالعيد لا تعني مقاطعة رئاسة الجمهورية»، وتمنى نقولا أن «تحل ذكرى الاستقلال العام المقبل ولبنان مستقل كليا وله حرية اتخاذ قراراته»، وأضاف: «كيف تريدون منا الاحتفال بالعيد والشعب اللبناني يرزح تحت أعباء اقتصادية لا تنتهي؟!».

وفي الإطار عينه، أكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب فريد الخازن، أن «التواصل بين بعبدا والرابية لم ينقطع، وليس هناك أي إشكال»، معتبرا أن «اللقاء بين العماد عون ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يمكن أن يحصل في أي وقت».

من جهته، أوضح المسؤول الإعلامي في تيار «المردة» لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم مشاركة رئيس التيار في مراسم التهنئة في بعبدا تقليد يتبعه كل عام وعادة لديه لن يحيد عنها»، مشددا على أن «العلاقة مع رئيس الجمهورية (جيدة جدا)، وأن الاتصالات لم تنقطع بين سليمان وفرنجية».

وفي هذا الوقت، نقل السفيران السعودي والسوري بعد تهنئة الرئيس سليمان أجواء إيجابية ودعوا إلى انتظار ما ستؤول إليه الاتصالات السعودية والسورية. بدوره، لفت السفير الإيراني في لبنان، غضنفر ركن أبادي، إلى أن «المشهد الذي شهدناه في ذكرى الاستقلال يجب أن نشهده في كل يوم»، معتبرا أنه «رمز من الرموز الأساسية لانتصار هذا البلد والوحدة الوطنية فيه تجاه أي مؤامرة خارجية، خصوصا من جانب إسرائيل»، معربا عن أمله في أن «يحضر الجميع حفل الوحدة الوطنية في لبنان».

وإذ شدد رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل على أن «الكل يعلم اليوم أن استقلالنا يبقى غير ناجز»، أكد أن «المسيرة مستمرة رغم العقبات والعثرات، وصولا إلى السيادة الكاملة». وقال بعد تهنئة الرؤساء سليمان وبري والحريري في قصر بعبدا: «عدم إحقاق الحق هو الذي سيؤدي إلى اضطراب وعدم استقرار في البلد، والطمأنينة للشعب اللبناني تمر بالعدالة»، موضحا أن «لا قيام لدولة من دون عدالة وقضاء عادل يفصل بين المواطنين ويضبط الوضع العام ويعاقب المجرمين، فشريعة الغابات لا تخدم مصلحة لبنان»، مشيرا إلى أن «المطالبة بالمحكمة هي من أجل لبنان وليس من منطلق شخصي أو عائلي، وأن تعطيل المؤسسات الدستورية هو ضرر للجميع، والموقف العبثي بمقاطعة جلسات الحوار ومجلس الوزراء لن يخدم أحدا»، وأضاف: «علينا العودة إلى هذه الطاولة وطرح القضايا الكبيرة عليها»، متسائلا: «هل سندع الدول الخارجية تحدد لنا سياستنا الداخلية؟!».