المنشأة النووية الجديدة في كوريا الشمالية تثير قلقا دوليا

واشنطن تعتبرها مؤسفة جدا وليست «أزمة».. وتزايد الضغط على الصين لوقفها

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل يتفقد مفاعلا نوويا في بيونغ يانغ (أ.ب)
TT

أثار كشف كوريا الشمالية أمام عالم أميركي عن وجود مصنع قيد العمل لتخصيب اليورانيوم مما يمكن أن يخولها صنع قنبلة نووية ثانية، موجة ردود فعل غاضبة أمس في واشنطن وسيول وطوكيو. وقال كبار مسؤولي الدفاع الأميركيين إن المصنع يمكن أن يعطي الدولة الشيوعية إمكانية صنع أسلحة نووية إضافية فيما اعتبرت اليابان ذلك أمرا «غير مقبول على الإطلاق» وعبرت كوريا الجنوبية «عن قلق عميق». واعتبر المبعوث الأميركي الخاص المكلف الملف الكوري الشمالي ستيفن بوسوورث أن المنشأة النووية الكورية الشمالية الجديدة المخصصة لتخصيب اليورانيوم تعتبر «مؤسفة» لكنها لا تشكل «أزمة».

وقد أدلى بتصريحاته أثناء توقفه في سيول في طريقه إلى اليابان، وترك الباب مفتوحا أمام إجراء حوار مع الدولة الشيوعية.

ويقوم بوسوورث الذي يزور الصين بعد طوكيو، بجولة على الدول المشاركة في المحادثات السداسية الهادفة إلى نزع أسلحة كوريا الشمالية النووية التي تضم الكوريتين وروسيا والولايات المتحدة واليابان والصين.

وبدأت ردود الفعل تصدر بعدما كشف عالم أميركي أنه قام بجولة في مصنع حديث وجديد لتخصيب اليورانيوم مجهز بنحو ألف جهاز طرد مركزي على الأقل في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) في مجمع يونغبيون النووي في كوريا الشمالية.

وقد كشف العالم الأميركي سيغفريد هيكر في نهاية الأسبوع أنه قام بجولة في مصنع حديث جديد لتخصيب اليورانيوم مجهز بألف جهاز طرد مركزي على الأقل في 12 نوفمبر في مجمع يونغبيون النووي. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» السبت الماضي عن العالم الأستاذ في جامعة ستانفورد قوله إنه «دهش» أمام تطور المنشأة التي تضم مئات من أجهزة الطرد المركزي المركبة والمشغلة، مشيرا إلى أنه أبلغ البيت الأبيض بما شاهده قبل أيام إثر عودته من بيونغ يانغ.

وكتب هيكر: «بدلا من رؤية بعض أجهزة الطرد المركزي الصغيرة، التي أعتقد أنها موجودة في كوريا الشمالية، رأينا مصنع أجهزة طرد مركزي حديث ونظيف». وأضاف: «من الممكن أن تكون خطوات بيونغ يانغ الأخيرة تهدف بشكل خاص لإنتاج الكهرباء التي تحتاجها بشدة»، مشيرا رغم ذلك إلى أن «القدرة العسكرية لتقنية تخصيب اليورانيوم تعتبر جدية». وقال هيكر إن مرشديه أبلغوه عن وجود ألفي جهاز طرد مركزي تنتج يورانيوم ضعيف التخصيب للمساهمة في إنتاج الطاقة لمفاعل طاقة نووية. وشددوا على أنها موجهة لبرنامج مدني لإنتاج الطاقة الكهربائية.

وقال قائد أركان الجيش الأميركي الأميرال مايكل مولن لشبكة «إي بي سي» إن الافتراض هو «أنهم يواصلون المضي في اتجاه صنع أسلحة نووية إضافية».

من جهته قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في بوليفيا إن «مصنعا لتخصيب اليورانيوم كهذا، إذا افترضنا أنه فعلا كما يقولون، يعطيهم بالتأكيد القدرة على صنع سلاح نووي».

وفي طوكيو قال الناطق باسم الحكومة اليابانية يوشيتو سنغوكو للصحافيين إن «تطور كوريا الشمالية نوويا غير مقبول على الإطلاق من وجهة نظر أمن اليابان والسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف: «سنواصل بذل جهود كبرى في اتجاه تعليق تطور كوريا الشمالية النووي بالتعاون مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين».

وفي سيول قال وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم تاي - يونغ للبرلمان إن سيول وواشنطن تتشاطران «قلقا عميقا» إزاء هذه المسألة. وكانت كوريا الشمالية التي أجرت تجربتين نوويتين انسحبت من المحادثات السداسية في 2009. وأعلن النظام الكوري الشمالي أيضا السنة الماضية أنه سيعيد تشغيل مجمع يونغبيون خارج العاصمة بيونغ يانغ بعدما فرضت الأمم المتحدة عقوبات عليها.

وقال هيكر إن علماء كوريين شماليين أبلغوه أن أعمال البناء في المنشأة بدأت في أبريل (نيسان) 2009 في نفس الشهر الذي انسحبت فيه بيونغ يانغ من المحادثات السداسية واستكملت قبل أيام.

وقال ديفيد أولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي الذي يوجد مقره في واشنطن إن ألفي جهاز طرد مركزي يمكن أن تنتج نحو 26 كلغم من اليورانيوم المخصب بدرجة يمكن فيها صنع أسلحة! ما يكفي لصنع سلاح واحد. ورأى في تعليقات وردت إلى وكالة الصحافة الفرنسية عبر البريد الإلكتروني أن كوريا الشمالية وعبر الكشف عن مصنعها لعالم أميركي، قد تكون تحاول السعي إلى «إعفاء للاستخدام السلمي» لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم أو فرض ورقة تفاوض جديدة في المحادثات.

إلى ذلك، صرح مسؤولون أميركيون كبار بأنه يتعين على الصين حليف كوريا الشمالية الرئيسية الضغط على بيونغ يانغ لإقناعها بالتخلي عن طموحاتها النووية. وقال الأميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة إن ما تم الكشف عنه يوضح أن كوريا الشمالية «دولة خطيرة» تهدف إلى صنع أسلحة نووية وإنه يجب على القوى الكبرى أن تتعاون سويا للضغط على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل.

وقال مولين في تصريحات لمحطة «إيه بي .سي» يجب «أن نواصل الضغط عليه بصفة خاصة. علينا جميعا ولا سيما الدول المشاركة في المحادثات السداسية روسيا والصين والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية أن نواصل عمل ذلك».

وخص مولين بالذكر الصين وهي أوثق حليف لكوريا الشمالية قائلا إن بكين سيكون لديها بالضرورة «عمل ضخم للقيام به» في إطار محاولات إضافية للتأثير على بيونغ يانغ. وقال لمحطة «إيه بي سي» نعمل «مع الصين منذ فترة طويلة من الوقت بخصوص كوريا الشمالية. .أعتقد أن جزءا كبيرا من هذا العمل يجب أن يتم من خلال بكين».