ضغوط أميركية لضمان «التوازنات» في العراق عبر المجلس الوطني للسياسات برئاسة علاوي

واشنطن تسعى لتشكيله تزامنا مع إعلان الحكومة.. ومسؤول لـ«الشرق الأوسط»: يجب الالتزام بالتعهدات

راهبة عراقية تهدئ من روع مسيحية قتل اثنان من أقاربها في هجوم مسلح في الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

هناك مخاوف في الولايات المتحدة من انهيار الاتفاق السياسي بين الكتل العراقية حول تشكيل الحكومة المقبلة في حال تم التأخر في إقرار المجلس الوطني للسياسات العليا أو محاولة التقليص من صلاحياته.

وتشدد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على أن الساسة العراقيين اتفقوا على تشكيل هذا المجلس ويجب الالتزام بتطبيق ذلك من أجل حماية «التوازنات» بين الكتل المختلفة وخاصة بين قائمة «دولة القانون» التي يتزعمها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي وقائمة «العراقية» التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي. وبينما تعتبر واشنطن المجلس الوطني ضمانا لسلامة سير العملية السياسية في بغداد، تواصل من ضغوطها لاحترام الاتفاق المبرم لإنشاء المجلس وحمايته من خلال إقراره بقانون عراقي ملزم.

وقال مسؤول أميركي في البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط»: «المهم أن المسؤولين العراقيين يعملون بجدية باتجاه تشكيل الحكومة والالتزام بالاتفاقات التي توصلوا إليها». وحول إمكانية تشكيل الحكومة قبل إقرار المجلس السياسي، الذي يحتاج إلى إقرار قانون عراقي جديد لإنشائه، رد المسؤول الأميركي: «يجب الالتزام بالتعهدات التي قاموا بها».

وبينما صلاحيات المجلس لم تحدد كليا بعد، تم الاتفاق على أن يترأس علاوي المجلس الوطني للسياسات العليا بمشاركة كبار المسؤولين العراقيين، بمن فيهم المالكي. وبينما تحرص واشنطن على ألا يعتبر هذا المجلس «حكومة ظل» للمالكي، إلا أنه يعتبر عاملا أساسيا في ضمان مشاركة «العراقية» في تحديد القرارات الاستراتيجية للبلاد بعد أن حصلت على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان العراقي وأظهرت مدى شعبيتها في الشارع العراقي.

وبينما تدور تقارير حول تدخلات أميركية لتعطيل ترشح نوري المالكي لتشكيل الحكومة العراقية إلى حين ضمان إقرار المجلس الوطني عبر تشريعات في البرلمان العراقي، تؤكد مصادر أميركية أنها لا تعمل على تعطيل هذه العملية. وقال مسؤول مطلع على الملف العراقي في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف الذي نشترك به مع القادة العراقيين هو تشكيل حكومة شاملة في إطار الدستور». ويشدد مسؤولون أميركيون على أهمية الالتزام بالجداول الزمنية التي ينص عليها الدستور العراقي، وهي تكليف الرئيس المرشح لرئاسة الوزراء خلال 15 يوما من انتخاب البرلمان العراقي للرئيس، وبعدها تقديم رئيس الوزراء حكومته لمصادقة البرلمان خلال 30 يوما. وبينما من المرتقب أن يكلف الرئيس العراقي جلال طالباني رئيس الوزراء المالكي غدا بتشكيل الحكومة، أقر المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بأن «هذه ستكون عملية معقدة».

وتعقيد عملية اختيار المرشحين للوزارات العراقية، وخاصة السيادية منها، يؤدي إلى التعطيل في تشكيل الحكومة، ولكن هناك توقعا أميركيا بأن تنتهي هذه العملية قبل نهاية العام. وهناك تطلع أميركي إلى إقرار البرلمان العراقي المجلس السياسي الجديد خلال الأسابيع المقبلة من أجل ضمان نجاح الاتفاق السياسي بين الكتل الرئيسية بعد تعطيل 8 أشهر من إجراء الانتخابات النيابية. ولا تتوقع واشنطن أن يتم التصويت على إنشاء المجلس الوطني للسياسات العليا قبل تكليف المالكي غدا ولكنها تدفع باتجاه إقراره تزامنا مع تشكيل الحكومة.

وعبر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عن اهتمام واشنطن بإنشاء المجلس السياسي في مقال رأي نشرته «الشرق الأوسط» يظهر علنا مدى الضغوط الأميركية على السياسيين في بغداد بالالتزام بتعهداتهم. وبينما أثنى بايدن على الاتفاق العراقي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، قال إن «الخطوة المقبلة هي لالتزام قادة العراق في الحكومة الجديدة بالالتزام التاريخي لتقاسم السلطة، وهو تعهد يجسده المجلس الوطني للسياسات العليا».

وتعتبر واشنطن هذا المجلس رمزا للاتفاق على تقاسم السلطة وعدم حرمان «العراقية» والأحزاب التي تمثلها من المشاركة في العملية السياسية. وأوضح بايدن أن «مسؤوليات وسلطات (المجلس الوطني) لم تقرر بعد ولكنها ستكرس في القانون».

وكان موقف بايدن واضحا في مقاله الذي نشرته أصلا صحيفة «نيويورك تايمز»، مؤكدا على أهمية تشكيل المجلس الجديد وهو أمر أشار إليه في بداية مقاله في دليل على الأولوية التي تعطيها واشنطن لهذه الخطوة.