نائب في كتلة حزب الله: حتى لو قتل حزب الله الحريري.. لا مصلحة في تدمير لبنان

رئيس الحكومة يرفض التعليق على تسريبات التحقيق ويؤكد ثقته بالعقيد وسام الحسن * بلمار: قلقون من التسريبات لأنها تعرض حياة أشخاص للخطر

TT

رفض رئيس الحكومة سعد الحريري التعليق على ما جاء في الوثائقي الذي بثته قناة «سي بي سي» التلفزيونية الكندية، من اتهام لحزب الله باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، في وقت كان لافتا فيه ما أعلنه النائب في كتلة حزب الله وليد سكرية، أنه «حتى لو كان حزب الله هو من قتل الرئيس (رفيق) الحريري فلا مصلحة في تدمير لبنان».

ورغم ازدحام مواعيد القادة اللبنانيين وكثرة العناوين المدرجة على أجندة لقاءاتهم في الداخل والخارج، فإن العنوان الوحيد الذي يستأثر بكل المناقشات هو المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والقرار الاتهامي المرتقب صدوره في قضية اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري وتداعياته على الساحة اللبنانية وتردداته الإقليمية. في حين تبدو المساعي العربية في سباق مع الوقت لبلورة صيغة اتفاق يؤمل أن يبصر النور قبل ولادة القرار الاتهامي ويجنب لبنان فتنة يخشى أن تطيح بكل شيء.

وعلق الحريري في دردشة مع الصحافيين المعتمدين في السراي الحكومي، على الوثائقي الذي بثته القناة الكندية حول التحقيق الدولي في جريمة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، فقال: «نحن لا نعلق إجمالا على أي شيء لا يكون صادرا بشكل رسمي عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أو أحد مكاتبها، لكنني شخصيا أرى أن التسريبات الإعلامية لا تخدم مجرى العدالة». وفي جواب على سؤال منفصل حول ما ورد في التحقيق بشأن العقيد وسام الحسن، قال الرئيس الحريري: «إن العقيد وسام الحسن موضع ثقتنا التامة. كان موضع ثقتنا التامة ولا يزال».

وتوقف المراقبون عند تصريح أدلى به أمس النائب في كتلة حزب الله وليد سكرية، اعتبر فيه أن «اتهام حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري يراد منه زرع بذور الفتنة»، وأوضح أن «الفتنة قد تأخذ أشكالا متفجرة هنا أو متفجرة هناك، أو اغتيال شيعي هنا أو سني هناك، ويقوم بذلك عملاء إسرائيل في لبنان». وقال: «أنا لا أؤمن بعدالة دولية، بل بمصالح دولية كبرى»، وعن قول البعض: « فليصدر القرار ونحن نمنع الفتنة»، سأل سكرية: «أين مصلحة الدولة اللبنانية في التمسك بالمحكمة مقابل تدمير لبنان؟ فحتى لو كان حزب الله هو من قتل الرئيس الحريري فلا مصلحة في تدمير لبنان»، داعيا «الدولة اللبنانية إلى سحب يدها من المحكمة الدولية وبالتالي سحب سلاح الفتنة من أيدي الأميركيين». مشيرا إلى أن «المطلوب ليس حربا أهلية على طريقة عين الرمانة - الشياح (التي حصلت عام 1975) بل توتر بين السنة والشيعة في لبنان ونقل هذا الأمر إلى العالم العربي، ليصبح السلام العربي - الإسرائيلي أمرا مقبولا لدى العالم العربي نتيجة تأثير هذا الواقع، وبذلك فالقرار الاتهامي هو بداية إضرام النار». ولفت إلى أنه «لا مصلحة لرئيس الحكومة سعد الحريري في الفتنة لأنها تفكك لبنان».

بدوره قال عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري لـ«الشرق الأوسط»: «ما دامت المحكمة الدولية وحدها الجهة الصالحة للتعاطي بكل التفاصيل المتعلقة في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإنه من غير المفيد التعليق أو الخوض بكل ما يصدر في الإعلام لا نفيا ولا تأكيدا»، مؤكدا أنه «لا أحد يعرف شيئا عن صدقية أو عدم صدقية ما ينشر، وبرأينا ما تقوم به بعض وسائل الإعلام ما هو إلا محاولة لما تعتبره سبقا صحافيا لا أكثر ولا أقل»، مشيرا إلى أن «الاتصالات السعودية السورية شكلت شبكة أمان للبنان»، لافتا إلى «أنه لا تراجع للجهود القائمة بين الرياض ودمشق حول لبنان وأن هذه الشبكة ما زالت مستمرة، وأن مساعيهما لحل الأزمة اللبنانية ستفضي إلى نتائج طيبة».

في غضون ذلك، رد المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان، أمس، على معطيات ذكرتها قناة تلفزيونية كندية في شأن اغتيال رفيق الحريري، معتبرا أنها «قد تعرض حياة بعض الأشخاص للخطر»، مؤكدا أن مكتبه يسعى إلى إصدار القرار الاتهامي في هذه الجريمة «في المستقبل القريب».

وقال دانيال بلمار، في بيان نُشر على موقع المحكمة الخاصة بالنظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق إن مكتبه «يسعى جاهدا ليضمن تسليم مسودة قرار الاتهام في المستقبل القريب إلى قاضي الإجراءات التمهيدية ليصدق عليها».

وأعرب بلمار عن قلقه من تزامن هذا الأمر مع «التقارير التي نشرتها قناة (سي بي سي) الكندية مؤخرا».

كان التلفزيون الكندي العام (سي بي سي) قد ذكر، الاثنين، أن محققين من الأمم المتحدة توصلوا إلى أدلة قوية على أن عناصر من حزب الله نفذوا عملية اغتيال الحريري. واعتبر بلمار أن «أخطر أثر يمكن أن تخلفه تقارير قناة (سي بي سي) هو أن بثها قد يعرض حياة بعض الأشخاص للخطر». وأشار التلفزيون إلى أن لجنة التحقيق الدولية لديها تساؤلات حول دور ما لرئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن بسبب الحجة «الضعيفة» التي أعطاها حول غيابه عن موكب الحريري يوم الاغتيال.

وأضاف بلمار: «يعود إلى القضاة، والقضاة وحدهم، تقييم الأدلة والتوصل إلى نتائج، مستندين إلى الوقائع التي سيتم إثباتها من خلال المحاكمة والقانون».

وشدد البيان على أنه «مهما كانت التحديات التي نواجهها خلال هذا التحقيق الذي تم إجراؤه في ظل ظروف صعبة للغاية يبقى الموظفون في مكتب المدعي العام ملتزمين بإنجاح التحقيق».