أبو علاء لـ«الشرق الأوسط»: قانون الاستفتاء الإسرائيلي يدمر أسس السلام

عريقات يدعو المجتمع الدولي إلى الرد بالاعتراف بدولة فلسطينية بحدود 1967

TT

اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق أحمد قريع (أبو علاء) مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يلزم أي حكومة إسرائيلية بإجراء استفتاء عام على مصير كل من الجولان والقدس، أنه يمثل تهربا إسرائيليا من استحقاقات ومتطلبات التسوية السياسية للصراع. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال أبو علاء إن القرار الإسرائيلي: «يضيف المزيد من التعقيدات على الواقع المعقد أصلا، ويمثل تخريبا متعمدا للجهود التي تبذل لإحراز تسوية ويرسم علامات استفهام كبيرة حول مصير الحراك الدولي والإقليمي الهادف لتهيئة الأجواء أمام استئناف المفاوضات المباشرة».

وكان الكنيست قد أقر مساء أول من أمس بالقراءة الثانية والثالثة مشروع قانون يلزم الحكومة الإسرائيلية بإجراء استفتاء عام حول أي تسوية تتعلق بكل من مصير القدس وهضبة الجولان في حال صادق الكنيست على هذه التسوية بأغلبية مطلقة فقط، وهذا يعني أن نتائج الاستفتاء العام يمكن أن تلغي قرار الكنيست.

وحذر أبو علاء من أن دلالات القانون الإسرائيلي واضحة جدا، حيث إنه يهدف إلى تحويل المفاوضات إلى هدف بحد ذاتها ويدمر كل الأسس التي يمكن أن ترتكز عليها العملية التفاوضية. وأشار إلى أن إسرائيل تحاول من خلال هذا القانون المس بمرجعيات العملية التفاوضية، على اعتبار أن مصير القضايا التي ستبحث في المفاوضات سيحسم من قبل الناخب الإسرائيلي وليس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، موضحا أن سن التشريع الإسرائيلي يأتي في ذروة عمليات التهويد التي تقوم بها إسرائيل في القدس المحتلة التي باتت تجعل من المستحيل الرهان على مخرجات العملية التفاوضية.

وقال أبو علاء: «هناك سباق محموم على تغيير الواقع على الأرض عبر بناء المزيد من المستوطنات واجتثاث أكبر عدد من الفلسطينيين»، محذرا من التداعيات الخطيرة لـ«أسرلة الأرض الفلسطينية عبر الاستيطان والتهويد». وأوضح أن سن هذا القانون وغيره من القوانين العنصرية يأتي في ذروة سعي إسرائيل لتغيير الميزان الديموغرافي في القدس، مشيرا إلى المخطط الإسرائيلي الرامي إلى مضاعفة الوجود اليهودي في القدس المحتلة بحلول عام 2030.

وحث أبو علاء الجانب الفلسطيني والحكومات العربية على استخلاص العبر من السلوك الإسرائيلي، مشيرا إلى أن العرب والفلسطينيين يجب أن يجيبوا على السؤال التالي: «هل بقي ثمة رهان على المفاوضات مع إسرائيل في ظل ما تقدم عليه من سلوك استيطاني ومحاولتها حسم مستقبل المفاوضات قبل أن تبدأ عبر سن مثل هذه القوانين». وخلص أبو علاء إلى القول إن إسرائيل «معنية بالحصول على البيضة وقشرتها، فهي من ناحية معنية بالاحتفاظ بالأرض وفي نفس الوقت تدعي أنها حريصة على تحقيق السلام».

وأصدر صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية بيانا رفض فيه القرار جملة وتفصيلا، معتبرا أنه «يشكل خرقا واضحا لقرارات الشرعية الدولية ورهنها بأهواء الرأي العام الإسرائيلي. هناك التزامات واضحة ومطلقة على إسرائيل، بموجب القانون الدولي، للانسحاب من كافة الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 وليس فقط من القدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية»، مستطردا «من غير المعقول رهن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بأي استفتاء مهما كان».

وشدد عريقات على رفض أية محاولة إسرائيلية لخلط الأوراق من خلال استخدامها مظاهر ممارسة الديمقراطية الإسرائيلية لحجب حقوق الشعب الفلسطيني التي ضمنها له القانون الدولي، مؤكدا أن «إنهاء الاحتلال واستعادة الفلسطينيين لحريتهم يعتبر من أسمى القيم الديمقراطية»، مطالبا المجتمع الدولي بأن يكون الرد على إقرار إسرائيل لهذا القانون اعترافا بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.

من ناحيته وصف النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة، قانون الاستفتاء بأنه «اختراع إسرائيلي لا مثيل له في العالم أو في التاريخ»، مشيرا إلى أنه «في حالات الاحتلال يجري استفتاء الشعوب الواقعة تحت الاحتلال لتقرر مصيرها، وجرى ذلك عشرات المرات خلال القرن الماضي، أما القانون الإسرائيلي الجديد فهو ينص على استفتاء المحتلين ليقرروا مصير المناطق المحتلة ومصير الشعب الرازح تحت الاحتلال». واعتبر زحالقة في مداخلة أمام الكنيست القانون «رسالة واضحة بأن إسرائيل لا تريد التسوية ولا تريد السلام، الأغبياء فقط سيفاوضون إسرائيل بعد قانون الاستفتاء، فهو ينسف أي إمكانية للتوصل إلى حل، لأن تمريره شبه مستحيل»، حسب قوله.

وقال النائب زحالقة خلال معارضته للقانون بأنه لا يحق للكنيست تقرير مصير القدس والجولان فهي مناطق محتلة، ويسري عليها وعلى مصيرها القانون الدولي والشرعية الدولية وليس القانون الإسرائيلي، فاحتلال القدس والجولان ليس مسألة إسرائيلية داخلية ليقرر فيها الكنيست، مشيرا إلى أن اليمين المتطرف هو أكثر من يدعم القانون، وذلك لمنع أي تسوية مستقبلية، ودعم الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو له هو دليل قاطع على النيات الحقيقية لهذه الحكومة. وقال كل من لديه أوهام حول المفاوضات معها، عليه أن يصحو من أوهامه، فالقانون لا يترك مجالا حتى لسراب التسوية. واعتبر أن إسرائيل من خلال هذا القانون تطلب «وضع العراقيل في طريق التسوية، ومن يريد السير في طريق لا يضع بيديه العراقيل فيه، فهو لا يريد أن يسير فيه ولا يريد ذلك لمن يليه في الحكم».