أردوغان يقوم بـ«مساع حميدة» تشمل حزب الله لاستيعاب تداعيات القرار الظني

جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»: لا داعي لانتظار قرار المحكمة للبراءة منه

TT

في يومه الأول في بيروت، حرص رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على أن يكون «همزة وصل» بين اللبنانيين، بإصراره على من التقاهم من اللبنانيين أن يضعوا «وحدتهم الداخلية فوق أي اعتبار لأن ثمة من يتربص شرا بكم»، متوجها إليهم بالقول أن في أيديهم (اللبنانيين) مفتاح استقرارهم وخرابهم».

وتزامنت زيارة أردوغان مع ارتفاع حدة التوتر الداخلي على خلفية القرار الظني المتوقع صدوره «في وقت قريب جدا» كما قال المدعي العام للمحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار، الذي تعرض أمس لانتقاد عنيف من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط آخذا عليه «ارتباكه في مواجهة التسريبات» كما قال لـ«الشرق الأوسط» داعيا الحكومة إلى «شجب القرار الظني قبل صدوره»، مفضلا عدم انتظاره لإعلان رفضه.

وقال جنبلاط لـ«الشرق الأوسط» إنه يفضل «أن تجتمع الحكومة – إن استطاعت – وأن تدرس جميع الوسائل لدرء مفاعيل هذا القرار السلبية». وشدد على ضرورة «اتخاذ إجراء لبناني معين يدرأ المفاعيل السلبية التي من شأنها أن تزعزع الاستقرار اللبناني نتيجة تلك التصريحات المتنقلة التي حذر، حتى المدعي العام، من ضررها ومخاطرها»، مشيرا إلى أن «لا مكان للعدالة في قواميس من يطلقون هذه التسريبات».

وإذ لاحظ جنبلاط أن المدعي العام في المحكمة الدولية «مرتبك ومحرج»، قال: «ها نحن نرى أن محكمة يجب أن تكون مبدئيا مثالية للعدالة تتسرب حول عملها معلومات مشبوهة بدءا من تقرير (دير شبيغل) الألمانية وصولا إلى تقرير (سي بي سي) الكندي، وأن هذه المحكمة تستخدم من حين لآخر لأغراض سياسية». وردا على سؤال عما إذا كان الأجدر بلبنان انتظار صدور القرار الظني لاتخاذ موقف الشجب بناء عليه، قال: «لا، بالعكس، كان العمل جاريا عبر المبادرة السعودية – السورية على سيناريو يعطل أكبر كمية ممكنة من مفاعيل القرار الظني قبل صدوره»، مشيرا إلى أن هذا يجب أن يتم في الداخل «لأن ما نستطيع تعطيله هو المفاعيل الداخلية، أما إلغاء المحكمة فلم يعد أمرا ممكنا لأنها أصبحت أمرا واقعا لأنها قرار دولي».

وكان جنبلاط قد اعتبر «المحكمة (الدولية) تهدف إلى زعزعة استقرار لبنان بدلا من أن تقيم العدالة فيه»، وقال: «سيكون من المناسب لمجلس الوزراء في هذا الوقت أن يجتمع ويشجب بالإجماع هذه المحكمة ويرفض قرارها الاتهامي». وأضاف: «الشائعات والتقارير الإعلامية المتعلقة بعمل المحكمة الدولية وما توصلت إليه أصبحت بمثابة مسلسل درامي خطير تهدد استقرار لبنان»، معتبرا أن «هذا التحقيق يستخدم لأغراض سياسية، إذ من الواضح أيضا أن المحققين يسربون معلومات ويعملون خدمة لدول لها مصالح».

أما أردوغان، فقد نحى بنفسه عن «أي مبادرة جديدة»، لكنه مع ذلك قرر أن يلعب دور «الموحد»، وهو سيلتقي اليوم وفدا من حزب الله ووفودا من كتل سياسية أخرى في إطار «المساعي الحميدة التي يبذلها». وأكدت مصادر تركية قريبة من أردوغان لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير لم يحمل معه أي مبادرات، إنما شدد في لقاءاته مع القيادات اللبنانية على ضرورة «التعاطي الإيجابي» مع المساعي السعودية – السورية وإعطائها المجال للنجاح في ضبط الوضع اللبناني تحت سقف «الوحدة الوطنية الداخلية»، مشددا على ضرورة «عدم الالتفات إلى من لا يريد الخير للبنان» ومشددا على أهمية «استيعاب تداعيات القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري وألا يؤدي إلى مشكلات تتوسع نحو دول مجاورة».

وقالت مصادر حكومية لبنانية إن «أردوغان أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيسين نبيه بري وسعد الحريري أنه تحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وأبلغه ضرورة أن «يكون القرار الاتهامي مستندا إلى وثائق قانونية». وفي إطار مواز، قال السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي إن زيارة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إلى لبنان في هذا الظرف «تساعد»، قائلا: «إن إيران على اتصال وتشاور مستمرين مع كل البلدان في هذه المنطقة، وهناك اتصالات إيرانية - عربية تجري بشكل عام، وهناك اتصالات إيرانية - سعودية، وإيرانية - سورية، وإيرانية - تركية بشكل خاص»، معتبرا أن الوضع في لبنان «يتقدم».