بوادر اتفاق عراقي - كويتي لترسيم الحدود بين البلدين وآخر لاستثمار حقول النفط المشتركة

الكويت أكدت التوصل إلى إنشاء منطقة عازلة بعرض 500 متر وترحيل مزارعين عراقيين

TT

أكدت الكويت أنها توصلت إلى اتفاق حدودي مع العراق ينص على إنشاء منطقة عازلة بعرض 500 متر على جانبي الحدود بينهما وعلى نقل مزارعين عراقيين إلى منازل جديدة، من أجل حسم واحدة من القضايا العالقة بين البلدين منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990. وجاء ذلك بينما أشارت مصادر إلى احتمالية التوصل إلى حل أزمة حقول النفط المشتركة باستثمارها بشكل مشترك بين البلدين.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية تصريحات لجاسم المباركي، المسؤول في الخارجية الكويتية نشرت أمس، أن العراق والكويت اتفقا على إنشاء منطقة عازلة بعرض 500 متر على جانبي الحدود بينهما. وأوضح المباركي، مدير إدارة الوطن العربي في الخارجية الكويتية لصحيفة «السياسة»، أن الكويت تعهدت بموجب الاتفاق ببناء 50 منزلا حدا أقصى داخل العراق لمزارعين يعيشون بالقرب من الحدود.

كما ينص الاتفاق على أن يبقي كل من البلدين شريطا حدوديا بعرض 500 متر يكون خاليا بشكل كامل من أي نشاط باستثناء شرطة الحدود. وبحسب المسؤول فإن الاتفاق تم التوصل إليه خلال اجتماع عقدته مؤخرا اللجنة الكويتية - العراقية للحدود التي يرأسها وكيلا وزارتي خارجية البلدين.

لكن لبيد عباوي، وكيل وزارة الخارجية العراقية، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا معلومات متوفرة حاليا لديها (الوزارة) حول هذا الأمر في الوقت الراهن، ويجب تأمين المعلومات من المصادر الرسمية ليتسنى التصريح بشأن ملف الحدود العراقية الكويتية كونه من أكثر الملفات حساسية ويتطلب توفر معلومات دقيقة حياله».

وكان مجلس الأمن أقر عام 1993، أي بعد 3 سنوات من غزو الكويت، القرار 833 الذي حدد الحدود بين البلدين ومنح الكويت أراضي كانت تحت السيطرة العراقية في السابق.

ووقع البلدان اتفاقا مشابها عام 2006 بعد أن أوقف مزارعون عراقيون بناء أنبوب للري بطول 200 كيلومتر على الحدود! إذ أكدت الكويت أن الأنبوب يمر في أراضيها. وبموجب الاتفاق، الذي لم ينفذ قط، وافقت الكويت على تعويض المزارعين العراقيين وأودعت مبلغا لهذا الغرض لدى الأمم المتحدة. وذكر المباركي أن الكويت ستدفع ثمن بناء منازل جديدة للمزارعين العراقيين كتعويض لهم.

ويسعى العراق إلى الخروج من العقوبات التي أقرت بحقه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بسبب غزوه الكويت إبان نظام صدام حسين عام 1990. وترفض الكويت هذا المسعى مؤكدة أنه يتعين على العراق حل المشكلات الحدودية ومطالب أخرى.

وقد أعلن وزير النفط الكويتي الشيخ أحمد عبد الله الصباح في أغسطس (آب) الماضي أن الكويت والعراق توصلا إلى اتفاق مبدئي ينظم إنتاج النفط في الحقول الحدودية التي سبق أن تسببت في نزاع بين البلدين.

هذا الأمر أكده أيضا المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، أمس، إذ أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود اتفاق مبدئي مع الكويت لتنظيم إنتاج النفط بين البلدين وأن طرفا ثالثا بدأ العمل بشكل فعلي لإجراء المسوحات على الواقع والأرض وتقديم مقترحات بشأنها وأن اللجنتين المكلفتين بدراسة الملف ستعقد اجتماعا بينهما لدراسة ما توصل إليه الطرف الثالث، ومن ثم تحديد آلية التوقيع على الاتفاقية. وهناك عدد من الحقول النفطية بين البلدين منها حقل الرميلة العراقي العملاق الذي يمتد إلى داخل الأراضي الكويتية حيث يعرف باسم حقل الرتقة.

ومعظم الإنتاج العراقي الحالي من النفط يأتي من حقل الرميلة، بمعدل مليون برميل يوميا من أصل 2.5 مليون برميل، بينما الإنتاج من حقل الرتقة لا يتعدى 50 ألف برميل. وكان صدام حسين اتهم الكويت بسرقة نفط الرميلة عندما احتلت قواته الكويت في أغسطس 1990.

وكان رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي عبر أول من أمس عن استعداده لحل جميع المشكلات العالقة مع الكويت، وخصوصا قضية المفقودين.

وقال المالكي خلال استقباله الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق إد ميلكرت والمقرر الخاص لمسألة المفقودين الكويتيين غينادي تاراسوف إن «العراق على استعداد تام لبذل كل ما يطلب منه في هذا المجال والتحري عن أي معلومة يمكن أن تؤدي إلى العثور على رفاة المفقودين». واعتبر أن «البحث عنهم واجب إنساني وديني بغض النظر عن كونه التزاما» مع الكويت. وأكد أن «العراق ملتزم بحل جميع الملفات العالقة وتجاوز آثار الغزو الغاشم من قبل النظام البائد وبأسرع وقت».

وقد أرغم مجلس الأمن العراق على دفع 5% من عائداته النفطية لصندوق تابع للأمم المتحدة كتعويضات. وتلقى الصندوق طلبات تعويض قدرها 368 مليار دولار! إلا أنه أقر 52 مليار دولار فقط بينها 39 مليارا لدولة الكويت، وذلك استنادا إلى أرقام من الكويت ومن الصندوق. وارتفعت القيمة الإجمالية للتعويضات التي دفعت للكويت، حكومة وقطاعا خاصا، إلى 30.15 مليار دولار. وتناهز قيمة المبلغ المتبقي 22.3 مليار دولار. وفضلا عن دفع تعويضات، تتضمن العقوبات إعادة ممتلكات الكويت وترسيم الحدود بين البلدين والكشف عن مصير الأسرى الكويتيين.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعلنت عن اجتماعات تضم ممثلين عن العراق والكويت لكشف مصير الأشخاص الذين فقدوا خلال حرب الخليج الثانية (1990 - 1991).

وأنشئت اللجنة الثلاثية واللجنة الفنية الفرعية المنبثقة منها عامي 1991 و1994 على التوالي! بهدف كشف مصير المفقودين في هذه الحرب.