قرار العراق مقاطعة حفل تسليم جائزة نوبل للسلام لمعارض صيني يثير صدمة في الغرب

تساؤلات عن سبب وقوفه إلى جانب الصين وروسيا وكوبا.. وبغداد ترد: نحن على الحياد

للمعارض والمنشق الصيني ليو تشياوبو (أ.ف.ب)
TT

أثار قرار العراق مقاطعة مراسم تسليم جائزة نوبل للسلام للمعارض والمنشق الصيني ليو تشياوبو في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل تساؤلات وربما «صدمة» في الأوساط الغربية عن جدوى إنفاق مليارات الدولارات، ناهيك عن الخسائر في الأرواح من أجل عملية «تحرير العراق» لتخليص ذلك البلد من نظام صدام حسين ونشر الديمقراطية فيه، فإذا به بعد 7 سنوات من الإطاحة بالنظام السابق وتنفس هواء «الحرية والديمقراطية» يرفض المشاركة في حفل لتكريم معارض سعى من داخل زنزانته إلى الحرية والسلام والديمقراطية في الصين. وجاء ذلك بينما عللت بغداد موقفها بأنه يأتي للتعبير عن موقفها بالوقوف إلى جانب «الحياد».

ورفضت 6 دول الدعوة الموجهة إلى سفرائها في أوسلو لحضور حفل تسليم جائزة نوبل، وقال سكرتير لجنة نوبل النرويجية غاير لوندشتاد في تصريحات، إن الدول الست بالإضافة إلى الصين هي: العراق وروسيا وكازاخستان وكوبا والمغرب، مضيفا أن الدول الست لم تعط أسبابا لرفض الدعوة.

وشنت الصين حملة شعواء لتخريب المشاركة في مراسم تقديم الجائزة، كما دعت إلى مقاطعة مراسم التسليم وحذرت من عواقب وخيمة للدولة المشاركة في الحفل، دون أن تحدد ماهية تلك العواقب.

وتساءلت صحيفة «التايمز» اللندنية في مقالة نشرتها مؤخرا قائلة «ما الذي كان يفكر فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عندما قرر أن العراق، دون كل الدول، يجب أن ينضم إلى جانب أدعياء في مجال حقوق الإنسان، مثل روسيا وكوبا، لمقاطعة مراسم تسليم جائزة نوبل للصيني ليو تشياوبو في أوسلو؟».

وأضافت المقالة متسائلة «كيف يمكن لدولة، تم تحريرها مؤخرا من لعنة الدكتاتورية، أن ترفض حضور هذه المناسبة التي سيصوت من خلالها العالم أجمع على التضامن مع أبرز معارض في الصين؟».

ووصفت المقالة قرار العراق بأنه «سخرية قدر مريرة» في أن «يدير ظهره للرجل الذي قضى السنتين الأخيرتين من حياته في الزنزانة دفاعا عن الحرية».

وحكم على ليو تشياوبو (54 سنة)، أستاذ الأدب والشخصية البارزة في حركة تيانانمان الديمقراطية سنة 1989، بالسجن 11 عاما عام 2009، بتهمة «المساس بسلطة الدولة».

وأخذ عليه أنه كان ضمن الموقعين الـ300 على «ميثاق 80» الذي يطالب بصين ديمقراطية. وهذا الميثاق مستوحى من «ميثاق 77» الذي دعا إلى إرساء الديمقراطية في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية، ووقعه سنة 1977 عدد من المثقفين من بينهم فاتسلاف هافل. وقد دعا هذا المنشق السابق، الذي أصبح رئيسا لجمهورية التشيك، إلى منح ليو تشياوبو جائزة نوبل.

وقالت المقالة إن دول التحالف التي شاركت في عملية تحرير العراق، لم تتوقع كلمة «شكرا»، ولكن بعد مقتل 4 آلاف جندي أميركي و179 بريطانيا و139 من بقية دول التحالف، وكذلك مقتل أكثر من مائة ألف مدني عراقي وإنفاق ما بين تريليون إلى 3 تريليونات دولار، «هل يتخيل الغرب أن عراق ما بعد صدام حسين يفشل في أول اختبار دولي لإظهار شجاعته؟».

ويقول مراقبون إن لبغداد علاقات اقتصادية متينة ببكين، وهي شريك مهم للعملاق الآسيوي منذ سنوات طويلة، لكن من الصعب القول بأن الرغبة في استمرار تلك العلاقات وديمومتها وراء ذلك القرار الذي «هز صورة البلد وأثار شكوكا حول مستقبل الديمقراطية فيه».

غير أن العراق لم يرجع قراره إلى العلاقات التجارية بل إلى وقوفه على الحياد في القضايا الدولية.

وقال عقيل المندلاوي، مدير عام العلاقات الخارجية والداخلية في وزارة الثقافة العراقية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن رفض السفير العراقي في أوسلو الدعوة الموجهة إليه كممثل للعراق كان وراءه التوجيه بالسياسة الثقافية العامة للبلاد بالوقوف على مبدأ الحياد تجاه كل الفعاليات الثقافية والسياسية».

وأكد المسؤول أن العراق «لا يقف مع طرف ضد أي طرف آخر في هذه القضية أو غيرها، لكنه وفق حالة التغيير التي يمر بها لا يتحمل الدخول مع أطراف ضد أطراف أخرى»، حسب قوله.