الطلاب ينزلون إلى الشوارع مرة جديدة في بريطانيا ومشاهد الشغب تتكرر

الرئيس الجديد لأكبر نقابة عمالية يحذر من أن لا مفر من الإضرابات

طلاب يتظاهرون في وسط لندن احتجاجا على خطط الحكومة البريطانية برفع الرسوم الجامعية (رويترز)
TT

نزل الطلاب في بريطانيا مرة جديدة إلى الشوارع أمس، اعتراضا على رفع الأقساط الجامعية، وتكررت مشاهد العنف التي صبغت المظاهرة الأولى قبل أسبوعين، وإن كانت على درجة أقل. وعلى الرغم من أن أعداد المشاركين في مظاهرة أمس كانت أقل بكثير من المرة الأولى، فإن مجموعة صغيرة من الملثمين هاجمت شاحنة فارغة للشرطة في وسط لندن، بالقرب من مقر وزارة الخارجية، وكسرت زجاجها وكتبت عليها شعارات ضد الحكومة والشرطة. ورمت مجموعة أخرى من المتظاهرين رجال الشرطة الذين كانوا يحوطونهم بالعصي وأجزاء لافتات.

وجاءت مظاهرات أمس التي عمت أنحاء البلاد، وليس فقط لندن، ليس تجاوبا مع دعوات نقابة الطلاب كما المرة الأولى بل بتنظيم الطلاب أنفسهم، وشارك فيها على خلاف المرة السابقة طلاب مدارس سيدخلون الجامعات في السنوات المقبلة. وخرج عدد من طلاب الجامعات والمدارس من الصفوف في الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، ليعتصموا خارج جامعاتهم. وكانت معظم التحركات التي انتشرت في المدن الكبرى، من مانشستر إلى أكسفورد وغلاسكو وغيرها، سلمية، باستثناء تلك التي شهدتها العاصمة لندن. وأعلنت الشرطة عن اعتقال 15 شخصا بسبب ممارستهم العنف، مقارنة بـ70 اعتقالا أجرته في المظاهرة السابقة.

ووجه المتظاهرون غضبهم على الشريك الصغير في الحكومة الائتلافية، حزب الليبراليين الديمقراطيين، وزعيمهم نيك كليغ الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء. واتهم الطلاب الذين دعموا حزب الليبراليين الديمقراطيين بقوة في الانتخابات كليغ بالكذب بسبب تراجعه عن وعده الذي قطعه خلال الحملة الانتخابية بعدم رفع الأقساط الجامعية. وتريد حكومة ديفيد كاميرون أن ترفع أقساط الجامعة من 3 آلاف جنيه إسترليني سنويا، لتصل إلى 9 آلاف جنيه إسترليني كحد أقصى. ويدعم حزب الليبراليين الديمقراطيين الاقتراح الذي تقدم به حزب المحافظين، الشريك الأساسي في الحكومة.

غير أن كليغ عبر أمس عن أسفه لعدم قدرته على الوفاء بتعهده، وقال في تصريح لراديو الـ«بي بي سي» تعليقا على الغضب الطلابي ضده: «لم ننجح في الانتخابات وهناك تنازلات يجب أن نقدمها في الحكومة الائتلافية.. أكره بالطبع أن أطلق وعودا ثم أكتشف أنني لم أستطع الحفاظ عليها». وأضاف: «ولكن نحن في الحكومة وأعتقد أننا نجحنا في تقديم شيء سيجعل نظام الجامعات أكثر عدلا.. قطعنا وعدا ولا يمكننا الحفاظ عليه». وحث كليغ الطلاب على أن ينظروا إلى تفاصيل القانون الجديد، قبل التظاهر ضده، مصرا على أنه يفيد الطلاب الفقراء أكثر من الأغنياء.

ورفض وزير التعليم مايكل غوف التراجع عن الخطط المقترحة، وقال إن هناك «أقلية تعبر عن غضبها من الخطط، والأكثرية تستغل التحرك للتصرف بعنف»، ولكنه شدد على أن الحكومة ماضية في خطتها الإصلاحية ولن تردعها تحركات الطلاب.

وتمكنت الشرطة من السيطرة على الحشود هذه المرة، وحوطت المتظاهرين في بقعة صغيرة، ومنعتهم من الاقتراب من مقار حزبي الائتلاف الحاكم. ولم تكن الشرطة محضرة خلال المظاهرة الأولى لأعمال العنف، ولم تنشر الحكومة أعدادا كافية منهم لردع المتظاهرين الذين حطموا زجاج المبنى حيث مقر حزب المحافظين.

وقد لا تكون تحركات الطلاب هي الوحيدة التي ستقلق الحكومة الائتلافية، إذ حذر أمس الأمين العام الجديد لأكبر نقابة عمالية من أنه لن يكون بالإمكان تجنب الإضرابات قريبا، اعتراضا على سياسة التقشف الحكومية، عندما يبدأ عشرات الآلاف بخسارة وظائفهم. وقال لين ماكلاسكي، الأمين العام الجديد لنقابة «يونايد» التي تضم نحو 1.5 مليون عامل: «سندعم أي عضو من أعضائنا يرغب في أن ينفذ إضرابات لكي ننقذ 1.5 مليون وظيفة مهددة في القطاعين العام والخاص». وأضاف: «أعتقد أن هكذا تحركات لن يكون هناك مفر منها». ولعب ماكلاسكي، وهو من مدينة ليفربول، دورا في إدارة الإضرابات التي عمت ليفربول، وبريطانيا، في الثمانينات، اعتراضا على خطط حكومة مارغريت ثاتشر. وقد انتقد كاميرون أمس ماكلاسكي، مذكرا بدوره في مظاهرات الثمانينات، وقال أمام البرلمان في جلسة الاستجواب الأسبوعية: «أعتقد أنه مخطئ تماما، وأعتقد أنه من الجنون أن يتم انتخاب شخص يدعم النزعة المقاتلة ليرأس أكبر نقابة في البلاد».