أردوغان يهاجم إسرائيل بشدة: لن نسكت عن قتل الأطفال في لبنان وغزة بعد اليوم

رئيس الحكومة التركية يختتم زيارة حققت توازنا مع الدور الإيراني في لبنان

أردوغان يحمل طفلا لبنانيا سماه والده على اسمه وذلك في احتفال حضره سعد الحريري لافتتاح المستشفى التركي في صيدا أمس (أ.ب)
TT

اختتم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زيارته الرسمية للبنان بلقاءات عقدها مع أركان في المعارضة اللبنانية، قبل أن يغادر بيروت عائدا إلى تركيا، لتتحول نتائج هذه الزيارة إلى مادة للتشريح السياسي وتصبح عرضة للتأويلات والتحليلات في ظل المواقف اللافتة التي أطلقها في عاصمة لبنان وشماله وجنوبه، والتي حملت رسائل في أكثر من اتجاه، لا سيما في الشأن اللبناني.

وتوقف المراقبون عند دلالات الحفاوة التي لقيها الضيف التركي الكبير سواء في المهرجانات الشعبية الحاشدة التي أقيمت احتفاء به في منطقة عكار (شمال لبنان) أو في مدينة صيدا عاصمة لبنان الجنوبي أم عبر حفل التكريم الذي أقامه له المؤتمر المصرفي العربي في فندق فينيسيا في بيروت.

وأكدت مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة والاحتفالات الشعبية التي خصصت لضيف لبنان، تتعدى إطار افتتاح مشاريع صحية وتربوية مولتها الدولة التركية، وهي في الحقيقة تحمل معاني سياسية كانت عن قصد أو غير قصد أشبه بإيجاد توازن بين الدور التركي والدور الإيراني في لبنان، كما هو التوازن القائم في الدورين السعودي والسوري على الساحة اللبنانية»، وأشارت المصادر إلى أن «الاحتفالات التي أقيمت في مناطق ذات غالبية سنية، أوحت وكأنها بمثابة رد على الحفاوة التي حظي بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال زيارته إلى لبنان منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مناطق شيعية مثل الضاحية الجنوبية ومدينة بنت جبيل».

وكان اليوم الثاني من زيارة رئيس الوزراء التركي إلى لبنان، استهل بالمؤتمر المصرفي العربي الذي خصص لتكريم الضيف الكبير، وألقى أردوغان كلمة في المناسبة قال فيها «نحن نأتي من ثقافة حولنا فيها الجار إلى علاقة أخوية، فتشاركنا الأحزان والأقدار وسوف نتشارك في الرفاهية والإنسانية أيضا»، وإذ تحدث عن رفع التأشيرات مع كل من سورية ولبنان والأردن، أكد أن «من نتائج ذلك ليس رفع التأشيرات بل رفع الحسرة بين شعبينا القائمة منذ مئات السنين».

وهاجم أردوغان إسرائيل بلهجة شديدة، قائلا «تقتل الأطفال في لبنان وتهدم المدارس والمستشفيات وبعدها تطلب منا أن نسكت، وتستخدم أحدث الأسلحة وتدخل غزة وتقتل الأطفال وبعد ذلك تطلب منا أن نسكت، تقوم بالقرصنة في البحر الأبيض المتوسط وتقتل تسعة مواطنين من الأتراك كانوا في طريقهم إلى غزة وبعدها تطلب منا أن نسكت، فلن نسكت وسنقول الحق ونكون مع الحق». وأكد أن «تركيا دائما تهتم بمصالح دول الجوار وبمصالحها، وتبذل جهودها من أجل السلام، وسنستمر في أن نقول غزة وكابل وبغداد وبيروت والقدس، من أجل السلام، وما أقوله الآن سيقال من آلاف القلوب في المستقبل وهذا مهم جدا». ولفت إلى أن تركيا «منذ بداية الأزمة العالمية كانت تقول إن عالما لا عدالة فيه لا يمكن الهروب فيه من الأزمات، إذ سيبقى يعاني العالم من الأزمات في حال عدم ردم الهوات».

وفي كلمة ألقاها في المؤتمر، أشاد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بدور الرئيس أردوغان في «إرساء دعائم التطور الاقتصادي والاجتماعي في تركيا، إذ أصبحت ذات ثقل عالمي في مختلف الميادين وهي تقف إلى جانب القضايا المحقة في العالمين العربي والإسلامي، كما كانت السند الوفي للبنان في كل الأوقات الصعبة، وهي تعمل على الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان، ويتجلى ذلك بانضمامها إلى اليونيفيل التي تعمل على تطبيق الـ1701». وقال الحريري «نتطلع إلى تعزيز قنوات التعاون بين لبنان وتركيا في الميادين الاقتصادية والاستثمارية المختلفة، فالبيئة في لبنان قادرة ومهيأة لاجتذاب الاستثمارات، ونطمح إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين تركيا ولبنان، ولقد وقعنا مع الرئيس أردوغان اتفاقية منطقة التجارة الحرة، وأعلنا ولادة اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، وهذا يندرج في إطار اتفاقيات أوسع بين لبنان والأردن وسورية ونطمح إلى توسيعها لمزيد من الدول العربية».

ومن بيروت انتقل أردوغان إلى مدينة صيدا الجنوبية، وكان في استقباله حشود سياسية ونقابية وشعبية، حيث افتتح مع نظيره اللبناني سعد الحريري، مستشفى الحروق في صيدا، وألقى كلمة في المناسبة شدد فيها على «الوفاق والوحدة بين لبنان وتركيا»، معتبرا أنه «يجب المحافظة عليها ومنع المغرضين من التسلل إليها، ولبنان كان ولا يزال مثالا للتعايش».

وأشار إلى أن «لبنان تعايشت فيه كافة المذاهب والأديان على مر التاريخ، لكن من فترة لأخرى ظهر من يسيء لهذا الأمر، ويجب ألا نترك لهم الفرصة بل أن نسير معا إلى المستقبل على قاعدة أساسها اللبنانية، وإذا نجحنا في ذلك اعلموا أن لبنان سيكون نجما ساطعا في المنطقة». وخاطب أبناء الجنوب قائلا «إن الآلام التي عانيتم منها في الـ2006 عانينا منها، لذا فإغناء لبنان هو سبب سعادة لنا». وأعرب عن إيمانه «أن مستشفى حروق في صيدا سيسد ثغرة من ثغرات الطلب على هذا النوع من المستشفيات، وسيوفر الرعاية صحية لأهل صيدا ولكل لبنان».

من جهته أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن «لبنان سيكون بخير، وأن اللبنانيين بكل أطيافهم وفئاتهم السياسية لن يفرطوا بوحدتهم الوطنية مهما تصاعدت حدة الخطاب السياسي ومهما أسمعتهم من الكر والفر الإعلامي».

وقال إن «خيارنا في هذا البلد أن نعيش معا، وأن نعمل معا، وأن نتوحد في مواجهة التحديات الإسرائيلية وأن نعالج قضايانا بالحوار والحوار، ولن نيأس من الدعوة إلى تحكيم العقل، ومن التمسك بالحوار الوطني بقيادة الرئيس ميشال سليمان سبيلا وحيدا لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر وفي ظل مظلة عربية توفرها المساعي المشتركة للقيادتين في سورية والمملكة العربية السعودية»، معربا عن إيمانه «أن الوحدة اللبنانية باتت تشكل عنصرا حيويا في الشراكة الاستراتيجية التي نتطلع إلى قيامها مع تركيا، فاستقرار لبنان جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة وأصبح بمثابة المؤشر السياسي العام للاستقرار الإقليمي».

بعدة ذلك انتقل المسؤول التركي إلى منطقة صور، وتفقد الكتيبة التركية العاملة ضمن قوات «اليونيفيل» واجتمع بقائد الكتيبة وكبار الضباط واطلع على مهماتها، في حضور القائد العام لـ«اليونيفيل» اللواء ألبرتو أسارتا. وقبل أن ينهي زيارته اجتمع أردوغان بعدد من أركان المعارضة اللبنانية.