مصر: وقف القضاء لانتخابات البرلمان في عدة دوائر يربك حسابات المرشحين

أحزاب معارضة تتضامن مع الحزب الحاكم في بلاغه ضد مرشحين من «الإخوان»

TT

فيما أصدر القضاء المصري أحكاما بوقف إجراء انتخابات البرلمان المقرر لها يوم الأحد المقبل في عدة دوائر رئيسية، أعلنت عدة أحزاب معارضة تضامنها أمس مع الحزب الحاكم في بلاغه ضد مرشحين من جماعة الإخوان لرفعهم شعارات في الدعاية الانتخابية تخالف القانون والدستور.

وهيمنت أمس الأحكام القضائية المتلاحقة والصادرة بوقف إجراء الانتخابات على المشهد السياسي وأعمال الدعاية الواسعة التي من المقرر أن يختتمها نحو خمسة آلاف مرشح، مساء اليوم (الجمعة)، استعدادا ليوم الاقتراع المحدد له يوم بعد غد (الأحد) لشغل 508 مقاعد، من بينها 64 مقعدا خاصا بالمرأة.

وأصدرت محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة أحكاما بوقف إجراء الانتخابات في عشرات الدوائر، قائلة في حيثيات أحكامها إن اللجنة العليا للانتخابات رفضت دون مبرر تسجيل أسماء مرشحين يحق لهم الترشح، وإن الكثير من المرشحين سجلوا أنفسهم تحت صفات مهنية تختلف عن صفاتهم الحقيقية، حيث ينص الدستور على أن يكون 50% على الأقل من نواب البرلمان من فئة «العمال والفلاحين».

وأوضح مرشحون حزبيون ومستقلون ومن جماعة الإخوان أيضا أن عمليات تنسيق بينهم في عدة دوائر انتخابية تغيرت رأسا على عقب بسبب أحكام وقف الانتخابات في بعض الدوائر وكذا بسبب تغيير الصفات من «عمال وفلاحين»، أو «فئات (الملاك وأصحاب الأعمال)».

وقال مسؤول في اللجنة العليا للانتخابات، وهي جهة مستقلة تشرف على إدارة العملية الانتخابية في البلاد، إنها (اللجنة) تحترم أحكام القضاء وستنفذها عند الاطلاع عليها وعرضها على اللجان المختصة للبت فيها. وأعلن المستشار سامح الكاشف المتحدث باسم اللجنة إن الانتخابات ستجري في موعدها، لكن عددا من المرشحين المستقلين والحزبيين أبلغوا «الشرق الأوسط» أنهم لم يتمكنوا من تسليم الأحكام التي تقضي بحقهم في الترشح أو بوقف إجراء الانتخابات لتلك اللجنة.

وأربكت الأحكام الصادرة أمس خطط وتحالفات مرشحي عدة أحزاب بما فيها الحزب الحاكم، وعدد من التيارات السياسية الأخرى أبرزها جماعة الإخوان المسلمين. وقال مصدر في البرلمان: «يوجد وزراء ونواب كبار رشحهم الحزب الوطني لانتخابات البرلمان مجددا في عدد من هذه الدوائر»، التي صدرت أحكام بوقف الانتخابات فيها.

ووجه أنور عصمت السادات، ابن شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات، نداء للرئيس المصري حسني مبارك للتدخل من أجل تنفيذ حكم قضائي يقضي بإدراج اسمه في كشوف المرشحين. وقال السادات لـ«الشرق الأوسط»: قرر القضاء تحويل صفتي من «فلاح» إلى «فئات»، لكن لا أحد يريد تنفيذ هذا الحكم. وأضاف الدكتور حسام أبو بكر المتحدث باسم مرشحي جماعة الإخوان في منطقة شرق القاهرة (بها 5 مرشحين إخوان): حصلنا على حكم بإدراج مرشحنا، النائب عصام مختار، في الجداول ولم ينفذ.

وقالت مصادر قضائية إن غالبية الأحكام التي صدرت بوقف الانتخابات هي أحكام إلزامية ينبغي على جهة الإدارة تنفيذها، مشيرة إلى أنه تم الحكم بوقف الانتخابات في غالبية الدوائر في محافظة الإسكندرية التي تعتبر العاصمة الثانية للبلاد، وأكثر المحافظات حدة في المنافسة الانتخابية.

وتقدمت الأمانة العامة للحزب الوطني بالإسكندرية باستشكال لوقف تنفيذ حكم وقف الانتخابات في عشر دوائر بالإسكندرية، التي يبلغ عدد المرشحين فيها من مختلف القوى السياسية 212 مرشحا يتنافسون على 24 مقعدا. وقال سعيد الدقاق أمين الحزب بالمحافظة أمس: «نحن نحترم أحكام القضاء، لكن لنا الحق القانوني في تقديم الاستشكالات القانونية لوقف تنفيذ الحكم القضائي» الخاص بوقف الانتخابات.

وقالت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الليلة قبل الماضية، برئاسة القاضي عادل عزب، إن وقف الانتخابات في الدوائر العشر، بالإسكندرية (عدا دائرة غربال)، سببه «عدم إدراج لجنة قبول طلبات الترشيح للمرشحين المستبعدين الذين سبق للمحكمة أن منحتهم قرارات نهائية بإعادة إدراجهم بالكشوف لخوض هذه الانتخابات».

وصدرت أحكام قضائية أخرى تخص دوائر في القاهرة والجيزة وأخرى بمنشأة القناطر والبدرشين وشبين القناطر وبنها وطوخ وكفر شكر وشبرا ثان، إضافة إلى جميع الدوائر التسع بمحافظة كفر الشيخ، بسبب مخالفات إما لعدم إدراج بعض المرشحين في الكشوف النهائية للانتخاب، أو لتغيير في الصفات المهنية. وردّ المرشحون المتضررون من وقف الانتخابات، وغالبيتهم من الحزب الحاكم، بتقديم استشكالات قانونية لوقف تنفيذ تلك الأحكام.

وأعلن الدكتور هاني الناظر القيادي في الحزب الحاكم أن الاستشكال الذي قدمه مرشحو الحزب في محافظة السادس من أكتوبر «تم قبوله»، وهو ما يعني السير في إجراء الانتخابات في موعدها. وتحدد لنظر هذا الاستشكال جلسة بالمحكمة تحدد لها يومي 12 و13 من الشهر المقبل.

وهدد المشرف على انتخابات حزب الوفد المعارض بمحافظة الإسكندرية، المستشار محمد حافظ، بالاستقالة من الحزب في حال مشاركته الانتخابات، وذلك «احتراما لأحكام القضاء ولمبدأ سيادة القانون». وأضاف في مؤتمر صحافي: «حتى لو حاول الحزب الوطني (الحاكم) الالتفاف حول حجية هذه الأحكام وقام برفع إشكالات في تنفيذها أمام محاكم غير مختصة لتعطيل التنفيذ، فإن ذلك يمثل اعتداء على الدستور والقانون وهي أمور نربأ بحزب الوفد العريق أن يشارك فيها».

على صعيد متصل، أيدت أحزاب معارضة الحزب الحاكم في البلاغ الذي قال إنه تقدم به للنائب العام ضد جماعة الإخوان المسلمين لأنهم يمارسون نشاطا سياسيا على أساس ديني، بالمخالفة للقانون والدستور والخروج على الأحكام التي تنظم الانتخابات البرلمانية‏.‏ وقال ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي المعارض، إنه يتضامن مع الحزب الحاكم، داعيا لرفع شعار الوطنية المصرية كأساس للعمل السياسي. فيما قال الحزب العربي الديمقراطي الناصري إنه يتابع باهتمام، البلاغ الذي تقدم به الحزب الحاكم، مشددا على أن انتخابات مجلس الشعب الحالية لا يمكن أن تتحول إلى صراع دموي أو تتحول إلى ممارسة غير مسؤولة بالالتفاف عليها تحت شعارات دينية مهما كان مصدرها.