واشنطن تدرس إقرار نظام تحذير أكثر دقة وتفصيلا حول التهديد الإرهابي

تفكيك نظام التحذير المؤلف من 5 ألوان الذي اعتمدته بعد 11 سبتمبر

TT

تدرس إدارة أوباما التخلي عن نظام التحذير من التهديدات الإرهابية المعتمد على الألوان، الذي أصبح بمثابة مقياس لحجم القلق الذي يساور البلاد بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، والاستعاضة عنه ببيانات استشارية توفر مزيدا من التوجيهات المفصلة حول الأخطار الناشئة.

وحث مقترح صاغته وزارة الأمن الداخلي وتم تقديمه إلى البيت الأبيض على التحول نحو إصدار تحذيرات أكثر تفصيلا وتفكيك نظام التحذير المؤلف من 5 ألوان، الذي غالبا ما تعرض للسخرية بسبب إثارته قلق المواطنين من دون توفير توجيهات مفيدة حيال كيفية الاستجابة، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون.

وأوضح مسؤول بارز بوزارة الأمن الداخلي، رفض كشف هويته نظرا لاستمرار المناقشات، أن «الهدف هو الاستعاضة عن نظام لا ينقل أي رسائل مفيدة بآخر يوفر معلومات دقيقة يمكن التصرف على أساسها وتعتمد على أحدث المعلومات الاستخباراتية بحيث تتاح أمام سلطات فرض القانون والقطاع الخاص والجمهور الأميركي».

يذكر أن النظام القائم، الذي أقر عام 2002 يعتمد على مجموعة من الألوان - الأخضر والأزرق والأصفر والبرتقالي والأحمر - في ترتيب يشبه إشارات المرور بهدف التعبير عن مستوى الحذر تجاه التهديدات الإرهابية على الصعيد الوطني. ويشير الأخضر إلى مستوى ضئيل من الخطر، بينما يرمز الأحمر إلى وصول تهديد وقوع هجمات إلى أخطر مستوياته.

وخلال فترة سابقة، كان يجري عرض هذا التحذير بصورة روتينية داخل المطارات، وأحيانا خلال النشرات الإخبارية التلفزيونية للتأكيد على مستوى القلق إزاء إمكانية وقوع هجوم إرهابي. إلا أنه في مؤشر على مدى تراجع أهمية هذا النظام، كشف مسؤولون عن أن المرة الأخيرة التي تبدلت خلالها الألوان كانت عام 2006.

منذ ذلك الحين، تم كشف النقاب عن العشرات من المخططات الإرهابية، بما في ذلك محاولة فاشلة لنسف طائرة ركاب كانت في طريقها إلى ديترويت خلال عطلة رأس السنة العام الماضي، ومحاولة أحبطت لتفجير تايمز سكوير من جانب مواطن أميركي باكستاني المولد في مايو (أيار).

وأشار خبراء إلى أن اللون الأحمر تحول إلى ما يشبه بقايا كاد النسيان أن يطويها من حالة الاهتياج الشديد التي ألمت بالبلاد في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.

من جانبه، أعرب بروس هوفمان، الخبير بشؤون الإرهاب بجامعة جورج تاون، عن اعتقاده بأنه «بمرور الوقت، تضاءل نفع هذا النظام ولم يعد الناس يلقون له بالا. وربما سيتعامل الناس بجدية أكبر مع نظام آخر يحمل طابعا رسميا وتفصيلا أكبر».

من جانبهم، رفض مسؤولو وزارة الأمن الداخلي الإفصاح عن تفاصيل بشأن النظام الذي اقترحته الوزارة، مشيرين إلى أنه لا تزال التوصيات قيد المراجعة من قبل هيئات أخرى، منها وزارة العدل والبيت الأبيض. إلا أنهم أشاروا إلى التحذيرات الصادرة الشهر الماضي حول الهجمات الإرهابية المحتملة بالخارج كمثال على الأسلوب الذي ترغب الحكومة أن يعمل به النظام الجديد.

في 3 أكتوبر (تشرين الأول)، أصدرت وزارة الخارجية تحذيرا للمواطنين الأميركيين حيال احتمالات وقوع هجمات في أوروبا. إلا أن التحذير لم يتضمن إرشادات للأفراد حيال ما إذا كان ينبغي أن يلغوا خططهم للسفر، وإنما اكتفى بالإشارة إلى ورود معلومات استخباراتية جديدة حول إمكانية شن «القاعدة» هجمات ضد أنظمة نقل عمومية وأهداف أخرى.

وحتى الآن، لم يتضاءل التهديد القائم بأوروبا. وهذا الشهر، اعترف توماس دي مازيير، وزير الداخلية الألماني، بوجود «مؤشرات خطيرة» على أن خططا للهجوم يجري وضعها. وذكر مسؤولون أميركيون أن النظام الجديد يفترض مستوى أساسيا من الحذر العام وسيعمل بناء على فئتين واسعتين من التهديد: الخطير والوشيك. وستبلغ فترة إعلان الآخر أكثر من أسبوع في النوبة الواحدة، وسيصاحبها إن أمكن معلومات محددة حول طبيعة التهديد.

وذكر مسؤول بوزارة الأمن الداخلي أن التحذير «قد يصدر في صورة نشرة مشتركة عن وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي موجهة إلى سلطات فرض القانون، أو بيان موجز لشركات الشحن»، أو بيان صادر عن مسؤولين «إلى المقيمين بمنطقة بعينها».

وجاءت هذه التوصيات بعد عملية مراجعة، طلبت جانيت نابوليتانو وزيرة الأمن الداخلي العام الماضي إجراءها. جدير بالذكر أنه حال التخلي عن نظام التحذير المعتمد على الألوان، فإن ذلك سيشكل أفول نجم أحد أبرز إجراءات مكافحة الإرهاب المميزة لعهد الرئيس جورج دبليو بوش.

وتأتي التغييرات المقترحة في وقت يواجه فيه المسافرون بغية قضاء عطلات إجراءات تفتيش جديدة صارمة بالمطارات عبر مختلف أرجاء البلاد، بما في ذلك المسح الكامل للجسم والتفتيش الذاتي، مما أثار اعتراض بعض المسافرين.

وبدأ تطبيق هذه الإجراءات في أعقاب مخطط نسف طائرة ركاب الذي أحبط في 25 ديسمبر (كانون الأول) عندما سيطر الركاب على رجل نيجيري متهم بمحاولة إشعال متفجرات مختبئة بملابسه الداخلية.

مؤخرا، انهمكت الحكومة في محاولة تحديث إجراءات تفتيش الشحنات بعد ضبط سلطات في إنجلترا ودبي حزما من المتفجرات كانت متجهة من اليمن إلى عناوين في شيكاغو.

من ناحيتهم، ذكر مسؤولون بوزارة الأمن الداخلي أن الوزارة ترسل بصورة روتينية معلومات حول مستويات التهديد الإرهابي إلى سلطات محلية ومجموعات بالقطاع الخاص، حتى مع عدم تغيير مستوى التحذير العام.

وقد عملت الوزارة مع صناعة الفنادق لتعزيز الأمن في أعقاب المذبحة التي تعرض لها نزلاء فندق «تاج محل بالاس آند تاور هوتيل» في مومباي. وتضمنت الجهود «تدريب قوة العمل بالفنادق على ما ينبغي أن يبحثوا عنه والمؤشرات التي ينبغي أن ينتبهوا لها»، حسبما كشف مسؤول بوزارة الأمن الداخلي. يذكر أن نظام التهديد المعتمد على الألوان جرى تعديله 16 مرة منذ إطلاقه للمرة الأولى في 12 مايو 2002. ووصل إلى اللون الأحمر مرة واحدة في 10 أغسطس (آب) 2006 في خضم مخطط لـ«القاعدة» تم إحباطه لاستهداف طائرات بين جانبي المحيط الأطلسي.

ومنذ ذلك الحين، ثبت مستوى التهديد عند اللون البرتقالي (خطير) بالنسبة لقطاع الطيران، والأصفر (مرتفع) لباقي أرجاء البلاد.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»