دراسة: حرب جديدة بين شمال وجنوب السودان ستكلف العالم 100 مليار دولار

وضعت 4 سيناريوهات تبدأ بإحلال السلام وتنتهي بحرب واسعة

TT

كشفت دراسة نشرت أمس أن حربا جديدة في جنوب السودان الذي يستعد للتصويت في استفتاء على تقرير المصير، العام المقبل، ستكلف السودان والمنطقة والمجتمع الدولي أكثر من مائة مليار دولار.

ووضعت منظمة «ايجيز تراست» غير الحكومية وثلاثة مراكز للدراسات بينها معهد دراسات السلام المتمركز في جنوب أفريقيا 4 سيناريوهات تبدأ بإحلال السلام وتنتهي بحرب واسعة بين الشمال والجنوب. وحمل التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه عنوان «تكلفة الصراع في السودان»، وينشر قبل أقل من 44 يوما على استفتاء هام حول حق تقرير مصير الجنوب. ويعترف التقرير بوجود صعوبات في قياس التكاليف المحتملة للصراع في المستقبل. ويقدم سيناريوهات مختلفة - سيناريوهات منخفضة ومتوسطة وعالية المستوى للصراع وسيناريو للسلام - وأيضا نماذج لمسارات مختلفة للنمو الاقتصادي.

وقدرت الدراسة خسائر السودان في هذا النزاع إذا استمر عشر سنوات وكان متوسط الحدة، بمليار و52 مليون دولار تضاف إلى خسائر إثيوبيا وكينيا وأوغندا المجاورة للسودان، التي تقدر بـ29 مليار دولار. اما كلفتها للمجتمع الدولي فستتجاوز الثلاثين مليار دولار لقوات لحفظ السلام وعمليات إنسانية. وقال ماثيو بيل الذي يعمل في مركز الحدود الاقتصادية الذي يتخذ في لندن مقرا له إن «التقرير يشير إلى الكلفة العالية للنزاع. هذا يتطلب أن تتساءل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية: هل نقوم بما يكفي لتفادي نزاع يمكن أن يكلف أكثر من مائة مليار دولار ويدمر حياة عدد لا يحصى من الأشخاص؟».

وبنت الدراسة خسائر السودان على أساس تراجع سنوي بمقدار 2.2 في المائة في إجمالي الناتج الداخلي. وتشير الدراسة إلى أن استمرار الحرب ستكلف كينيا وإثيوبيا خسائر تبلغ أكثر من مليار دولار سنويا، محذرة من أن الحرب ستضر أيضا بمصر الجارة الشمالية للسودان وأكبر اقتصاد في المنطقة. وسيكون تأثير هذه الحرب مضاعفا في حال حرب شاملة تؤدي إلى توقف إنتاج النفط في أكبر دولة أفريقية يزيد احتياطيها النفطي على ستة مليارات برميل. وتقول الدراسة إنه في حال إقامة سلام وعلاقات سليمة بين الشمال والجنوب وتحسن الوضع الأمني في دارفور فإن معدل نمو الاقتصاد في السودان سيستقر عند 6.2 لخمس سنوات ويصل إلى نسبة 9 في 2016.

ويخلص التقرير إلى أنه بينما قد يكون هناك بعض الآثار الإيجابية على المنطقة من إعادة توجيه الاستثمارات من السودان، فإن الدلائل تشير إلى أن الأثر الصافي للصراع سيكون سلبيا إلى حد كبير. وقال جيمس سميث، المدير التنفيذي لأيجيز تراست، «من المسلم به على نطاق واسع أن العودة إلى الحرب في السودان يمكن أن تتسبب في معاناة إنسانية هائلة. هذا التقرير يجب أن يكون موجها إلى صناع السياسة الذين يشعرون بالقلق أيضا إزاء استقرار الاقتصادي المستقبلي في المنطقة». وقال كينيث مبييسي من معهد الدراسات الأمنية في نيروبي «لم يتبق سوى أقل من 50 يوما على استفتاء قد يغير خريطة أفريقيا. إن هذا التقرير يدل على أنه ليس بوسع السودان أو دول الجوار أو المجتمع الدولي تحمل أي تصعيد خطير في أعمال العنف».

إلى ذلك دعا المراقبون الأميركيون التابعون لمؤسسة كارتر اللجنة المسؤولة عن تنظيم الاستفتاء حول مصير جنوب السودان إلى اتخاذ إجراءات «عاجلة» من أجل تسهيل تسجيل الجنوبيين على اللوائح الانتخابية. وأشار المراقبون إلى أن التصريحات الحربية المتبادلة بين الشمال والجنوب عززت المخاوف ودعوا حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم، والحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب، إلى تخفيف حدة التراشق الحاد بينهما حتى إجراء الاستفتاء في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال المركز في بيان أصدره إن «الاتهامات المتبادلة المترافقة مع لغة خشنة أثارت مخاوف وشعورا بعدم الارتياح».

وأضاف المركز: «رغم أن الادعاء بحدوث تلاعب يجب أن يكون موضع تحقيق دقيق يبدو أن بعض أعضاء المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يبدون أكثر حرصا على تحقيق أهداف سياسية من حرصهم على نزاهة عملية التسجيل». وطالب المركز الطرفين بالابتعاد عن المناورات السياسية التي تزيد التوتر. والمح المركز إلى أن تبادل عبارات الحرب بين الطرفين بدأ في سبتمبر (أيلول) الماضي عندما أعلن وزير الإعلام كمال عبيد «أن الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال سيفقدون حق مواطنتهم إذا انفصل الجنوب» مما أثار غضب الجنوبيين.