الفساد وتدهور الاقتصاد يهددان مستقبل الحكومة الباكستانية

حزب نواز شريف لـ«الشرق الأوسط»: تراجعنا عن تعهدنا بعدم إسقاط الحكومة

TT

تزداد الرغبة بين صفوف المعارضة الباكستانية في الإطاحة بحكومة حزب الشعب التي يحملونها مسؤولية سوء الإدارة والفساد وتدهور الوضع الاقتصادي. وخلال الشهر الماضي، شكل زعيم المعارضة، رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف، مجموعة عمل خاصة عن «الحكم الرشيد»، التقت ثم قدمت له تقريرها الأول. وفي تقريرها، أوصت مجموعة العمل شريف بأن تكون المهمة الأولى لرئيس الوزراء المقبل، اتخاذ خطوات لاستعادة ثقة الشعب في القيادة السياسية.

وقال قائد بارز في حزب الرابطة الإسلامية، التي يرأسها شريف، لـ«الشرق الأوسط»، إن مجموعة العمل الخاصة قد صاغت الخطاب الأول الذي يفترض أن يلقيه شريف بعد توليه المرتقب رئاسة الوزراء، وسيقول فيه: «ليس لدي أي أسرة أو أصدقاء أو تجارة». هذا هو التعهد الذي تريد مجموعة العمل الخاصة من زعيمها تقديمه للشعب بعد أن يصبح رئيسا للوزراء.

وقال تشودري نصار علي خان، زعيم المعارضة في الجمعية الوطنية والعضو البارز في حزب نواز شريف لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه كان من بين القوى السياسية التي تعهدت قبل ستة أشهر بعدم السعي لإسقاط الحكومة، «لكن تغيرا حدث في طريقة تفكيرنا خلال الأشهر القليلة الماضية، والآن نحن جاهزون لأن نصبح جزءا من الحركة التي تهدف إلى تحقيق تغيير المعالم الدستورية».

بدوره، يقول قادة الحزب الحاكم إن هناك سببين لعدم أخذ تهديدات المعارضة على محمل الجد، أولهما وجود خلافات أكبر بين جماعات المعارضة، وثانيا، أن أكبر جماعات المعارضة، حزب نواز شريف، لديه كثير من المشكلات التي لم تحل مع حلفاء الحكومة مثل حركة «قوامي المتحدة» وحزب «عوامي الوطني» و«جمعية علماء الإسلام» (فصيل رحمن)، (وهي القوى الثلاث التي يمكنها مجتمعة أن تسحب الثقة من الحكومة).

إلا أن حكومة حزب الشعب تملك سببا حقيقيا للشعور بالقلق. وتأتي المعارضة الحقيقية لحكومة حزب الشعب، حسب ما ذكر عدد من المحللين السياسيين، من الجيش والسلطة القضائية وليس من المعارضة البرلمانية.

وقد تم الكشف عن معظم قضايا الفساد الحكومي في القاعة رقم 1 بالمحكمة. فمثلا، جاء معظم النقد اللاذع للسياسة الخارجية للحكومة من القيادة العامة للقوات المسلحة الباكستانية، عندما أثار الاجتماع مع قائد القوات المسلحة اعتراضا على مشروع «قانون كيري لوغار»، الذي ضاعف المساعدة الاقتصادية الأميركية لباكستان ثلاث مرات، الذي رحبت به الحكومة من دون تحفظات. وهناك أمر واحد يسير بالتأكيد ضد حكومة حزب الشعب، وهو صورتها السلبية جدا. ومع كل يوم يمر، يتسع نطاق الحملة التي تشنها وسائل الإعلام التي تظهر فساد الحكومة وافتقارها للكفاءة. وأكد قائد بارز في حزب الرابطة الإسلامية، أنه كان يعلم أن ضباط الجيش كانوا يلتقون مع سياسيين بارزين سرا، وأن هذه الاجتماعات كانت تركز على الوضع الاقتصادي المتدهور. وقال زعيم بارز في المعارضة طلب عدم ذكر اسمه: «كل فرد يعلم أن الجيش يبدي قلقا كبيرا إزاء الوضع الاقتصادي المتدهور، خاصة بعد الفيضانات المدمرة التي قوضت كل الآمال في تحقيق انتعاشة اقتصادية خلال المستقبل القريب».

ويتفق معظم المحللين على أن العلاقات بين حكومة حزب الشعب والجيش كانت سلسة، إلا أن الوضع بدأ يتغير. وقال محلل سياسي: «المؤسسة التي تأثرت بشكل مباشر بتدهور الأوضاع الاقتصادية هي الجيش». وأشار إلى الصعوبات المالية التي يواجهها الجيش جراء عمليات تعقب عناصر الجماعات المسلحة في البلاد.

ويرى العميد المتقاعد شوكت قادر أن إمكانية حدوث أي نوع من التدخل العسكري مستبعدة «لكن هناك سؤالين يتعين على قيادة الجيش الإجابة عنهما خلال الأيام المقبلة، أولا كيفية التعامل مع الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وثانيا، ماذا ستفعل قيادة الجيش إذا أخذت المواجهات بين الحكومة والسلطة القضائية منحنى هابطا».

وهناك جهود تبذل لتوحيد عدة فصائل تابعة للرابطة الإسلامية، بهدف خلق بديل لأكبر حزبين برلمانيين (حزب الشعب وحزب الرابطة الإسلامية). ويقول إعجاز الحق، رئيس أحد الفصائل التابعة للرابطة الإسلامية: «ليس من المتوقع تغيير الحكومة لأن المؤسسة (الجيش) لا ترى حلا قابلا للحياة يمكنه أن يحل محل الحكومة الحالية». وقد بدأ الفصيل الذي يرأسه إعجاز الحق، مفاوضات مع المجموعات السياسية الإقليمية التي عارضت الحكومة. والمسألة الأساسية التي تقسم المعارضة، التي يمكن أن تحدث كثيرا من الارتباك في صفوف المعارضة هي: كيف يمكن تحقيق التغيير؟ وهناك إدراك عام داخل أحزاب المعارضة أن التغيير الداخلي يمكن أن يؤدي إلى حدوث ارتباك سياسي أكبر في باكستان. ولكن في الوقت نفسه، بدأ حزب نواز شريف مشاورات مع جماعات سياسية أخرى في البرلمان من أجل الوصول إلى تفاهم لحل الحكومة عبر خطوة طرح تصويت بسحب الثقة وعقد انتخابات في نصف الدورة البرلمانية.