السعودية تفكك 19 خلية إرهابية على ارتباط بـ«قاعدة» اليمن وأفغانستان والصومال

تضم 149 شخصا بينهم امرأة.. عناصرها «سعوديون صغار» ومقاتلون عرب وأفارقة وآسيويون.. وخططت لهجمات انتحارية واغتيالات

اللواء منصور التركي خلال المؤتمر الصحافي في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في عمليات أمنية تمت دون تسجيل أي قتلى أو إصابات، أعلنت السعودية، أمس، عن تفكيك 19 خلية إرهابية، يبلغ قوام أفرادها 149 شخصا في عدد من مناطق البلاد من بينهم امرأة وحيدة، منهم 124 سعوديا غالبيتهم من صغار السن، بينما الـ25 الآخرون هم من المقاتلين العرب والأفارقة، ومن جنوب آسيا.

وكانت الخلايا التي تم تفكيكها خلال الأشهر الثمانية الماضية تهدف إلى نشر الفوضى، عبر تنفيذ عدد من الهجمات الانتحارية ضد مؤسسات عسكرية، والقيام باغتيالات في صفوف مسؤولين ورجال أمن وإعلاميين.

وأبلغ اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، الصحافيين، أمس، بأن الخلايا الإرهابية الـ19 على ارتباط بتنظيم القاعدة في كل من اليمن وأفغانستان والصومال.

وشرعت وزارة الداخلية السعودية في إبلاغ الشرطة الدولية (الإنتربول) بأسماء الأشخاص المتورطين في الخارج الذين يقفون خلف التخطيط للعمليات الإرهابية التي حالت يقظة الأجهزة الأمنية دون تنفيذها.

واستعرض المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، في مؤتمر صحافي، الدور الذي أنيط بكل خلية من الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها، في وقت أشار فيه إلى أن الخلايا التي كانت تخطط لتنفيذ اغتيالات في صفوف شخصيات مهمة وصلت مخططاتها إلى «مراحل متقدمة».

وأوضح اللواء منصور التركي في مؤتمره الصحافي بالعاصمة الرياض، أمس، أن 9 أو 10 مخططات إرهابية على الأقل «كانت على وشك التنفيذ»، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية اعترضت تلك المخططات التي وصلت إلى مراحل متقدمة.

واستغل تنظيم القاعدة موسمي الحج والعمرة، في جمع الأموال، وتجنيد الشباب الراغبين في الانضمام إلى صفوف التنظيم.

ورد اللواء منصور التركي على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول الكيفية التي استغل بها تنظيم القاعدة موسم الحج والعمرة، بتأكيده أن الأجهزة الأمنية ضبطت «شبابا مسلمين»، كان لديهم ترتيب مسبق مع «القاعدة» بدخول السعودية بغرض الحج والعمرة، ومن ثم تسهيل التسلل لهم عبر الحدود للتدريب في بعض دول الجوار.

وتنطلق الخلايا الـ19 الإرهابية، التي فككتها السعودية من 4 أهداف رئيسية، طبقا للمتحدث الأمني في وزارة الداخلية، تتمثل في «نشر الفكر التكفيري، وتسهيل سفر المغرر بهم إلى المناطق المضطربة، وتنفيذ مخططات إجرامية تهدف إلى نشر الفوضى والإخلال بالأمن، وجمع الأموال لدعم التنظيم الضال في الداخل والخارج».

وضبطت الأجهزة الأمنية، بحوزة الخلايا الإرهابية المفككة، ما يزيد على المليوني ريال، أكد اللواء التركي أن جزءا منها جمع من خلال «التبرعات»، كما تم ضبط مجموعة من الأسلحة والحواسيب.

وفيما يتعلق بدور المرأة المتورطة في الخلايا المفككة، يتضح أنها كان لها دور إعلامي بالترويج لنشاطات التنظيم عبر الإنترنت، من خلال عدد من المعرفات الإلكترونية، حيث تم تسليمها لذويها بعد التحقيق معها.

وحول الأسباب التي دفعت وزارة الداخلية السعودية إلى إطلاق سراح المرأة على الرغم من مشاركتها في تنظيم القاعدة، أشار اللواء منصور التركي إلى أن بلاده تعتمد في العمل الأمني، معالجة أوضاع النساء المتورطات في التنظيم، حيث تسليمهن لأولياء أمورهن.

وقال عن الأسباب التي تقف دون التعامل مع معتقلة «القاعدة» هيلة القصير بالأسلوب نفسه التي تم التعامل معه مع بقية النساء المتورطات في التنظيم، إن هناك صعوبة في إطلاق هذه السيدة نظير حجم تورطها في التنظيم، وعدم وجود الكفالة المناسبة لإطلاق سراحها.

يشار إلى أن هيلة القصير، تورطت في عمليات إيواء لعدد من العناصر الإرهابية، إضافة إلى جمعها أموالا لصالح دعم تنظيم القاعدة في اليمن.

وكان من نتائج الحملة الأمنية التي قادتها السعودية ضد «القاعدة» خلال فترة الـ8 أشهر الماضية، اعتراض مخططات في مراحل متقدمة لتنفيذ اغتيالات، وضبط أسلحة ووثائق ذات علاقة بتلك المخططات، وإبلاغ الشرطة الدولية بالمرتبطين بتلك المخططات من المقيمين خارج البلاد.

وأكد المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، أن عددا من الذين تم إلقاء القبض عليهم في الخلايا الـ19 المفككة، يرتبطون بعلاقات ببعض المطلوبين على قائمة الـ85 التي تطاردهم الرياض منذ فبراير (شباط) 2009. وأفصح اللواء منصور التركي، في سياق توضيحاته حول العمليات الأمنية الأخيرة، عن أن هناك متورطين في الخلايا المشار إليها، لم يتم القبض عليهم، مجددا دعوة الجهاز الأمني لجميع المشتبه بهم، بمراجعة أقرب مركز أمني لإيضاح مواقفهم تجاه ما تم الكشف عنه.

واستبعد المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، وجود علاقة بين المخططات الإرهابية التي تم إحباطها، وعمليات الطرود المفخخة التي ساهمت بلاده في الكشف عنها مؤخرا.

ويأتي كشف الرياض عن هذه المخططات الإرهابية، في الوقت الذي شهدت فيه ذات الفترة، إحباط الكويت لشبكات تجسس، وإحباط البحرين لمخطط تخريبي يهدف إلى قلب نظام الحكم.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول التحدي الأمني الذي يواجه الدول الخليجية من الإرهاب، ومستوى التعاون فيما بينها بكشف المخططات التي تهدف إلى نشر الفوضى في منطقة الخليج، أكد التركي أن التعاون بين دول مجلس التعاون «في أفضل مستوياته، وأنه لا يمكن هزيمة (القاعدة) بواسطة الجهود الأحادية».

وشدد المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، على أن بلاده ماضية في إيقاظ جميع الخلايا النائمة داخلها، كما أكد على ذلك سابقا الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي.

وتندرج 10 خلايا إرهابية، من التي تم تفكيكها على يد الجهاز الأمني السعودي، ضمن شبكات ثلاث، بينما تعمل الـ9 الأخريات وفق خطط منفردة.

وتضم الشبكة الإرهابية الأولى، 5 خلايا، تضم 41 عنصرا، كانت إحدى خلاياها تخطط لتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف مسؤولين ومنشآت أمنية، بينما كانت أخرى تسعى لتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف رجال أمن ومنشآت أمنية.

وتحتوي الشبكة الإرهابية الثانية على 3 خلايا، تضم 24 عنصرا، وكانت تخطط لنشر فكر «القاعدة»، وتنسيق سفر المغرر بهم، وجمع الأموال، وتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف رجال أمن ومستأمنين ومنشآت عسكرية، وتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف رجال الأمن.

وتضم الشبكة الثالثة، خليتين إرهابيتين، يبلغ عدد عناصرها 16 عنصرا، وكانت تسعى لتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف مستأمنين.

وفيما يتعلق بالخلايا الـ9 المتبقية، التي يبلغ عدد عناصرها 79 عنصرا، فكانت تعمل بشكل منفرد، 3 خلايا منها شكلت حلقات ارتباط بتنظيم القاعدة، وتخصصت في صناعة المتفجرات، وتقديم التدريب المهني على إعداد المواد المتفجرة، والتهيئة لتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف مسؤولين ورجال أمن، وتنفيذ مخطط إرهابي يستهدف اغتيال شخصيات، والتدريب على الأسلحة وصناعة القنابل اليدوية، واستهداف منشآت حكومية.

وعبر اللواء منصور التركي عن قناعته بأن الأعداد التي تم القبض عليها في إطار الشبكات والخلايا الإرهابية، وصغر سن المغرر بهم الذين يشكلون الغالبية العظمى، يعكس أنه لا يزال هناك الكثير من الأشياء المتوقعة من «القاعدة»، وأن التنظيم لا يزال قادرا على الوصول إلى صغار السن.

وكانت الداخلية السعودية قد افتتحت بيانها الذي أعلنت فيه عن تلك المخططات بتأكيدها «أن الأجهزة الأمنية المختصة لا تزال ترصد التوجهات الإجرامية للتنظيم الضال المتمركز في الخارج ومحاولات قيادته المستمرة لإيجاد مواطئ قدم لعناصره داخل الوطن واستغلال مواسم الحج والعمرة في ذلك ونشر أفكارهم التكفيرية والتغرير بحديثي السن وتحريضهم على الخروج إلى مواطن الفتنة والاقتتال بدعاوى مضللة، والعمل على جمع الأموال لتمويل أنشطتهم الإجرامية في الداخل والخارج بأساليب تسيء إلى أعمال الخير التي جبل عليها - ولله الحمد - أبناء المملكة، بالإضافة إلى استقطاب عناصر لتنفيذ مخططاتهم تلك التي تستهدف أمن ومقدرات الوطن والمواطن والمقيم، غير آبهين بحرمة ودم المسلم أو المستأمن، ولا بحرمات الزمان والمكان».

وأكد بيان الداخلية السعودية، أنه قد تم اعتراض وإفشال المحاولات «البائسة»، على حد تعبير البيان، التي كانت «القاعدة» تخطط لتنفيذها داخل الأراضي السعودية.

وأشارت الداخلية السعودية، إلى أن عملها خلال الأشهر الثمانية الماضية أسفر عن إيقاف ما مجموعه 149 ممن لهم علاقة بالأنشطة الضالة، وقد بلغ عدد السعوديين من بينهم 124، والبقية، وعددهم 25، من جنسيات مختلفة. وأوضح البيان أن «أنشطة هؤلاء المتورطين توزعت على ما مجموعه 19 خلية في عدد من مناطق البلاد معظمها في بداية التكوين ولها ارتباطاتها الخارجية وروابطها الفكرية التكفيرية، حيث جند أعضاؤها أنفسهم لنشر الفكر التكفيري المنحرف، وجمع الأموال لدعم التنظيم الضال في الداخل والخارج، فقد ضبطت في مواقع لهم مبالغ نقدية مقدارها مليونان ومائتان وأربعة وأربعون ألفا وستمائة وعشرون ريالا، بالإضافة إلى قيامهم بتسهيل سفر المغرر بهم إلى المناطق المضطربة ومحاولة تنفيذ مخططات إجرامية تهدف إلى نشر الفوضى والإخلال بالأمن».

وأضاف البيان أنه من خلال المتابعة الأمنية لتلك الخلايا تم اعتراض مخططات في مراحل متقدمة لتنفيذ اغتيالات بحق رجال أمن ومسؤولين وإعلاميين ومستأمنين، وقد تم ضبط وثائق وأسلحة لها علاقة بتلك المخططات، كما اتخذت الإجراءات النظامية عبر الشرطة الدولية بحق المرتبطين بتلك المخططات من المقيمين بالخارج.

وأوضح بيان الداخلية السعودية، أنه من خلال متابعة ما يبث من دعايات للفكر الضال على الشبكة العنكبوتية، فقد تم القبض على مستخدم معرفات «(قاتل)، (أنور)، (المحب بالله)، (أبو ريان)»، كما تم القبض على مستخدم المعرفات التالية: «(الأسد المهاجر)، (الغريبة)، (بنت نجد الحبيبة)، (النجم الساطع)» التي اتضح أنها تعود إلى امرأة، وقد جرى بعد معالجة أمرها تسليمها لذويها.

وأكدت وزارة الداخلية أنها «إذ تعلن ذلك، تؤكد أنه على ضوء ما اتضح للجميع من حقيقة هذه التنظيمات الضالة وأهدافها الإجرامية وإساءتها إلى الدين الإسلامي الحنيف وخدمتها لأعداء الإسلام بإلصاق تهم الإرهاب الزائف بأتباعه، لن تتوانى في متابعة وضبط كل من يرتبط بتلك التنظيمات وتقديمه للشرع الحنيف لينال ما يستحقه من جزاء رادع، وفي الوقت ذاته تدعو كل من وضع نفسه في محل اشتباه أو ارتبط بعلاقة مع العناصر الضالة بأي صورة كانت، أن يتقدم إلى الجهات المختصة لإيضاح حقيقة موقفه، وسوف يؤخذ ذلك في الاعتبار عند النظر في أمره».