الحريري يبدأ اليوم زيارة إلى طهران تحمل أبعادا سياسية واقتصادية

مصادر وزارية لــ«الشرق الأوسط»: الاتفاقات العسكرية مع إيران مؤجلة

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى توديعه نظيره رجب طيب أردوغال في مطار بيروت أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

يبدأ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اليوم (السبت) زيارة رسمية إلى إيران تستمر ثلاثة أيام، وتكتسب هذه الزيارة طابعا سياسيا واقتصاديا، إذ من المقرر أن يلتقي خلالها المسؤولين الإيرانيين الكبار وعلى رأسهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، على أن يزور بعدها العاصمة الفرنسية، لتليها زيارة ثالثة إلى تركيا للمشاركة في منتدى اقتصادي، وزيارة في الرابع من الشهر المقبل إلى سلطنة عمان.

وعشية الزيارة الأولى له منذ 15 عاما حين زار طهران برفقة والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، أفادت مصادر مقربة من الرئيس سعد الحريري لـ«الشرق الأوسط» بأن «للزيارة بعدين، الأول سياسي يدخل مباشرة في إطار التسوية التي تطبخ على المحور السوري - السعودي والتي تشكل إيران لاعبا أساسيا لتثبيتها. أما البعد الثاني فهو اقتصادي يتخلله هناك متابعة للاتفاقات الثنائية التي تم التوقيع عليها أثناء زيارة الرئيس نجاد إلى بيروت، كما سيتم التوقيع على اتفاقات أخرى في عدد من المجالات ذات الطابع الاقتصادي والثقافي». وشددت المصادر على أن «إيران بعثت، ومنذ مدة، للحريري إشارات (بناءة، لافتة، ومختلفة) تلقفها رئيس الحكومة، وهو يزور طهران اليوم في إطار استكشافها عن قرب وتطويرها». وأضافت المصادر: «إيران تفتح صفحة جديدة مع العالم العربي بعيدا عن منطق الاستقواء، وهو نهج إيراني جديد نعول عليه كثيرا».

من جهتها، أوضحت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة رئيس الحكومة لطهران لن يتخللها توقيع اتفاقات عسكرية، وذلك بسبب الحرص اللبناني على عدم مواجهة المجتمع الدولي الذي يفرض عقوبات على طهران في هذا المجال، على الرغم من الاندفاع الإيراني الذي يلاقيه لبنان لتسليح جيشه». وأضافت المصادر: «الاتفاقات العسكرية مع إيران مؤجلة إلى إشعار آخر».

بدوره وخلال انتقاله من بيروت إلى طهران، وصف السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي، زيارة الحريري إلى إيران بـ«المهمة والتاريخية»، مشددا على أنها «ستنعكس إيجابا على الداخل اللبناني، وتسفر عن تنفيس للاحتقان الداخلي»، وأضاف: «سيلمس اللبنانيون أجواء وانعكاسات إيجابية لهذه الزيارة خلال الأيام القليلة المقبلة». وأكد أبادي على أن «إيران ليست مع فريق من اللبنانيين ضد فريق آخر، إنما هي مع كل لبنان وتقف إلى جانب المظلومين في مواجهة الكيان الإسرائيلي». وإذ لفت إلى أن بلاده «تريد الكشف عن الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولكن بأفضل الأساليب القانونية المعتمدة على الإثباتات ومن دون تسييس»، أوضح ردا على سؤال عما إذا كانت زيارة الحريري ستشهد توقيع اتفاقات في المجال العسكري أن «هذا الموضوع رهن بمجريات المحادثات والاجتماعات بين الجانبين، ويجب أن يأتي بناء على طلب رسمي من الدولة اللبنانية». ووضع أبادي زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى لبنان «في سياق مكمل لزيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد للبنان»، موضحا أن إيران تدعم كل الجهود والمواقف العربية والإقليمية المضادة لإسرائيل.

وفي المواقف السياسية الداخلية من الزيارة، لفت وزير العمل بطرس حرب إلى أن «زيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى إيران تأتي في إطار تطوير العلاقات اللبنانية - الإيرانية»، مشددا على أن «لهذه الزيارة مغزى كبيرا جدا، وهو ألا تبقى هذه العلاقة محصورة في فئة معينة أو طائفة معينة من اللبنانيين»، وقال: «العلاقة التي تبنى الآن هي في الحقيقة لإعادة الأمور إلى نصابها، بمعنى أن تصبح العلاقة بين الدولة الإيرانية والدولة اللبنانية، وهذا طموحنا». وتمنى حرب أن «يشعر كل اللبنانيين بأن إيران مع الجميع، فلا مصلحة لها في أن يعتبرها فريق من اللبنانيين وكأنها تقف مع فريق معين ضد مصالح وتوجهات الفريق الآخر، ولا مصلحة لإيران في أن تظهر وكأنها جزء من الصراع الداخلي، لا سيما في المحطات المهمة كالمحطة التي يمر بها البلد فيما يتعلق بالمحكمة الدولية».

ورأى وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة الذي يرافق الحريري إلى طهران، أن «أهمية هذه الزيارة تكمن في نظرة الحكومة اللبنانية إلى العلاقة مع إيران، فإيران دولة إقليمية أساسية في المنطقة تربطنا بها علاقات تاريخية قديمة منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونريد منها أن تتعاطى مع لبنان والحكومة، ونطمح إلى بناء أفضل العلاقات الاقتصادية معها»، مضيفا: «هذه الزيارة تكتسب أهمية، لأنها تتم بناء على دعوة رسمية من الدولة الإيرانية، ولأن وفدا حكوميا كبيرا سيرافق الرئيس الحريري، وبالتالي سنكون في انتظار نتائجها وما سيصدر عنها».