كوريا الشمالية «تجرب» مدفعيتها وتحذر من «حرب» عشية المناورات

سيول تعين خليفة لوزير دفاعها تحسبا للأسوأ.. ووزيرا خارجية واشنطن وبكين يبحثان الأزمة

جنود كوريون جنوبيون يؤدون التحية أمام نصب تذكاري لضحايا القصف الكوري الشمالي الأخير، داخل مستشفى عسكري قرب سيول أمس (أ.ف.ب)
TT

أجرت كوريا الشمالية أمس تدريبات مدفعية في البحر الأصفر، بعدما رأت أن المناورات المشتركة الأميركية - الكورية الجنوبية تضع شبه الجزيرة «على شفير الحرب»، فيما وجهت بكين تحذيرا قبل هذه المناورات.

وسمعت عدة انفجارات مصدرها كوريا الشمالية قبالة جزيرة يونبيونغ التي قصفتها بيونغ يانغ يوم الثلاثاء الماضي. وأعرب متحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية عن اعتقاده أن كوريا الشمالية قامت بتدريبات مدفعية. كما ذكرت قناة «إي تي إن» التلفزيونية الكورية الجنوبية أن السكان القلائل المتبقين في الجزيرة هرعوا إلى الملاجئ.

وللمرة الأولى منذ الحرب الكورية (1950 - 1953)، قصفت كوريا الشمالية الثلاثاء منطقة سكنية في كوريا الجنوبية، وأسفر القصف المدفعي عن سقوط أربعة قتلى وعشرين جريحا في جزيرة يونبيونغ. ورد الجيش الكوري الجنوبي بقصف مدفعي.

من جانبها، وجهت الصين تحذيرا من أي نشاط عسكري في منطقتها الاقتصادية الحصرية قبل المناورات العسكرية الأميركية - الكورية الجنوبية التي تبدأ غدا الأحد. وقال ناطق حكومي صيني أمس إن بلاده «تعارض كل تحرك عسكري غير مسموح به داخل المنطقة الاقتصادية الحصرية للصين». والمنطقة الاقتصادية الحصرية لأي بلد تمتد إلى أبعد من مياهه الإقليمية، ويمكن أن تصل إلى مائتي ميل بحري (370 كلم) عن سواحله. ويمكن لدولة أن تمارس سيادة اقتصادية (صيد السمك، استغلال الأعماق، ...) في هذه المنطقة.

كذلك، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أجرت محادثات هاتفية أمس مع مسؤولين صينيين لبحث التوتر بين الكوريتين. وتحدث وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي أيضا مع نظيره الكوري الجنوبي والتقى سفير بيونغ يانغ في بكين لبحث الوضع. وحض يانغ سيول وبيونغ يانغ على إبداء الهدوء وضبط النفس وحل المشكلات عبر الحوار، حسبما جاء في بيان صادر عن الخارجية الصينية نقلته وكالة الأنباء الرسمية «شينخوا». وقال إن «المهمة الملحة الآن هي أن يكون الوضع تحت السيطرة ومنع تجدد حوادث مماثلة».

وكانت الولايات المتحدة قررت مع كوريا الجنوبية القيام بمناورات جوية وبحرية من الأحد إلى الأربعاء في البحر الأصفر بمشاركة حاملة طائرات. وأعلن النظام الكوري الشمالي أمس أن تلك المناورات العسكرية التي يجريها «الإمبرياليون الأميركيون ودميتهم الكورية الجنوبية العدائية» موجهة ضد كوريا الشمالية. وأضاف أن «الوضع في شبه الجزيرة الكورية يكاد يقع على شفير الحرب بسبب هذه الخطط المتهورة والعدائية».

من جانبها، وعدت سيول برد أكثر صرامة في حال وقوع اعتداء مسلح جديد من كوريا الشمالية بفضل «مراجعة كاملة» في سياسة ردها العسكري التي كانت حتى الآن «متسامحة». وأعلن ناطق رئاسي كوري جنوبي أمس أن كيم كوان جين، 61 عاما، عين وزيرا للدفاع خلفا لكيم تاي يونغ الذي استقال أول من أمس «ليتحمل مسؤولية سلسلة من الحوادث الأخيرة». وأوضح هونغ سانف بيو، مستشار الرئيس الكوري الجنوبي، أن مهمة كيم ستكون خصوصا «التصدي بسرعة وحزم للأزمة الجارية» و«إعادة ثقة السكان في الجيش».

وكان كيم رئيسا للأركان من 2006 إلى 2008، ومعروف بقدراته القيادية العالية وتجربته في الاستراتيجية العسكرية بعد خدمة دامت أربعين عاما، لكنه استقال أول من أمس بعدما وجهت له انتقادات حادة اعتبرت أن رد قواته كان ضعيفا جدا بعد القصف الكوري الشمالي الأخير.

من جهته، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية مرزوقي داروسمان، أمس، في سيول إن على نظام بيونغ يانغ أن يتجنب العزلة، داعيا إلى مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية لشعب كوريا الشمالية. ومنعت كوريا الشمالية مرزوقي، الذي يقوم بأول مهمة في شبه الجزيرة الكورية، من دخول أراضيها. وقال داروسمان «على الجمهورية الشعبية الديمقراطية الكورية أن تتجنب العزلة في وقت هي في أمس الحاجة فيه، إلى دعم الأسرة الدولية وتعاونها سواء لمعالجة وضع حقوق الإنسان أو لتلبية الحاجات الإنسانية».

في غضون ذلك، انتقدت وسائل الإعلام الكورية الجنوبية أمس موقف الصين الحيادي والمتسامح مع كوريا الشمالية. واعتبرت صحيفة «كوريا تايمز» في افتتاحيتها أن «خطاب بكين الغامض يعكس شعورا عاما بأنها تفضل استمرار الوضع الراهن على السلام في شبه الجزيرة». وتساءلت الصحيفة أن «روسيا وغيرها من الدول سارعت إلى إدانة المعتدي، فلماذا ترد الصين بشكل مختلف على نفس الواقعة؟».

ولم تدن الصين، وهي من الدول القليلة في العالم التي تساند كوريا الشمالية، قصف جزيرة يونبيونغ، واكتفت بالتعبير «عن ألمها وأسفها للخسائر البشرية». من جهة أخرى، أرجأ وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي زيارة كانت متوقعة أمس إلى سيول، وذلك بسبب مشكلة «في الجدول الزمني» حسبما أفيد رسميا.