800 دولار ثمن عضوية المواقع الإلكترونية المتبنية لفكر «القاعدة»

مراسلة إلكترونية بعنوان «كن تكفيريا متطرفا وأهلا بك في الساحة السياسية»

صورة لبريد إلكتروني خاص حصلت عليه «الشرق الأوسط» لمراسلة تمت بين إدارة الموقع المذكور وأحد الأعضاء ردا على موضوع طرح تحت عنوان «كن تكفيريا متطرفا وأهلا بك في الساحة السياسية» («الشرق الأوسط»)
TT

فتحت واقعة المعرفات الإلكترونية، التي أفصحت وزارة الداخلية عنها أمس، الباب أمام البحث عن كيفية الحصول على معرف في المواقع الإلكترونية التي تتبنى طرح فكر تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات التي تحمل طابعا فكريا متشددا.

وطبقا لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن 800 دولار فقط، تكفل لك الدخول لعالم إلكتروني، يعتبر ساحة حوارية، لمتشددين ومتطرفين دينيا، لا يمكن التحاور معهم فيما يخالف فكرهم ورؤاهم وتوجهاتهم، وحكمهم على الآخر، أيا كان حجم ذاك الآخر، كبيرا أو صغيرا، حاكما أو محكوما.

وقاد بحث «الشرق الأوسط» حول موضوع المعرفات واستخدامها في الترويج لفكر تنظيم القاعدة، للحصول على مراسلة إلكترونية بعنـوان «كن تكفيريا متطرفا وأهلا بك في الساحة السياسية»، الذي تم توجيهه لأحد الأعضاء الذين أوقفوا عن المشاركات والعضوية، لاختلافه في الرأي مع من يدير ويشرف على هذا الموقع.

فعلى الرغم من أن الموقع الإلكتروني ذا الشـــــــهرة المنقطعة النظير في منطقة الخليج وربما في العالم العربي «الساحات العربية الحرة» الذي شهد غربلة مرة تلو أخرى خلال السنوات القليلة الماضيــــــــة، يواجه مراقبة فائقة، تقود البعض منها لحرب ضروس إن جاز التعبير بين أعضاء فيه وجهات من مهمتها مراقبة ما يدور في الشــــــــبكة العنكبوتية، لا سيما بعد ثبوت ضلوع بعض من «المتطـــــــــرفين» الذيــــــــــن أوكل لهم من قبل قيـــــــادات تنظيـــــــم القاعدة مهمة الوجود على الشبكة، لتمرير بعض التوجهات أو التحذيرات، عبر «شفرات» لا يفهمــــــها إلا من جند في صفوف التنظــــــيم، الذي بات يلفظ أنفـــــــاسه الأخيرة، بعدما تمكنت قوات الأمن السعودية من منع وكشف مخططات، ربما تكون عواقبها وخيمة لو تمكن المخططون من إنجازها.

ومن باب الاستشهاد، فقد تمكنت قوات الأمن السعودي مع بداية حربها الضروس مقابل تنظيم القاعدة قبل سنوات، من إصابة أحد أعضائه بعيارات نارية في مواجهة أمنية شهدها أحد أحياء شرق العاصمة السعودية الرياض (حي الربوة)، وكان الملــــــقب بـ«أخو من طاع الله» رقما مهما بالنسبة لجهات أمنية واستخباراتية سعودية، كانت تعمل على تتبع خيوط التنظيم، لا سيما الخيوط النائمة، التي كان أحد أطرافها الشاب الذي لم يتجاوز 25 عاما من العمر، والذي كان يعول عليه من قبل التنظيم، في تمرير بعض الـ«شفرات والرموز» التي كانت تعني بشكل أو بآخر توجيها من القيادات لصغار السن من الأعضاء.

وبعد القبض على الرجل، وجدت الجهات الأمنية السعودية، والجهات الأخرى التي من شأنها مراقبة شبكات الإنترنت ضرورة إحكام السيطرة على مواقع إلكترونية، كان التنظيم يعتمد عليها في تمرير بعض توجيهاته لأعضائه، وأخذت على عاتقها تطبيق برامج تقنية عالية الدقة والتجهيز، من شأنها متابعة ورصد أي تحركات غير مطمئنة، قد تظهر في موقع إلكتروني بشكل أو بآخر.

ولجأت الجهات الرقابية في المملكة لإغلاق أي موقع على الشبكة، يثبت أو يشتبه باستخدامه في تمرير أو مداولة معلومات ترمز بأي شكل من الأشكال للتنظيم أو توجهاته أو أعضائه. وتقلصت بعد الحرب على الإرهاب في المملكــة أعداد المواقع الإلكترونية التي يسلكها أعضاء التنظيم، وزادت في ذات الوقت المواقع التي يتم حجبها من قبل الجهات الرقابية في السعودية.

وعقب وضع الجهات الأمنية السعودية مجهرها على تلك المواقع، وهو ما قاد البعض من روادها للمتاجرة بطريقة غير مباشــرة، بمعرفات تمكن من الانتماء لعضويتها، في الغالب ما تكون قد تم أو تأسيسها من قبل بعض الأعضاء المنتمين لذات الموقع، وهنا الحديث ربما ينطبق على مواقع عدة، وليس الموقع الإلكتروني المشار إليه.

الأمر هنا لا يكلف سوى مئات من الدولارات، لتجد نفسك مالكا لمعرف، من السهل جدا أن يقودك لأن تصبح «منظرا» في حال اتفقت الرؤى والتوجهات مع ما يدور وما يطرح في ذاك المجال الإلكتروني، فالعملية لا تحتاج عدا مراسلة من يكون قد أفصح عن امتلاكه معرفات يتم عرضها بشكل واضح وصريح في بعض المنتديات، ليتسنى بذلك مراسلته، للاتفاق على عملية حصوله على قيمة المعرف، التي قد تتراوح في البعض منها على حسب تميز ذاك المعرف من 1000 ريال، إلى 3000 ريال (800 دولار).

وفي الجهة المقابلة، ما يلفت الانتباه بعض الشيء لمن يهمه متابعة ما يدور في مثل تلك المواقع، أعداد زوار ما يتم طرحه من مواضيع وآراء، الذين قد تتخطى أعدادهم في البعض منها أكثر من 100 ألف قارئ، فيما تتجاوز مشاركات الأعضاء بعض الأحيان عشرات الآلاف.

وفي ذات الوقت، يكرس بعض الأعضاء نفسه لتقديم خدمات للموقع، عبر تلقي رسائل إلكترونيــــة من قبل من لا يملك معرفا، لنشر رأيه الذي إن لم يكن موافقــــــــــــــا لرؤى متلقي الرســـــالة، فلن يرى النور وينشر مهما كلف الأمر.

الأسماء النسائية التي تنتمي في العضوية للموقع ليست بذات قدر الأسماء الرجالية أو الوصفية، فبرزت أسماء نسائية، يعتقد أن من يستغلها في المشــــــــــــــــــاركات بالآراء ربما يكون رجلا، لكنه انكفأ وراء اسم نسائي لتمرير بعض الرؤى الفكرية والعقائدية بشكل أو بآخر.

ويتأكد ذلك جليا في إعلان وزارة الداخلية السعودية، أول من أمس، التي أكدت أنه ومن خلال متابعتها لما يبث من أفكار متطرفة في مواقع على الشبكة العنكبوتية، استدلت وتمكنت من القبض على مستخدم المعرفات «قاتل - أنور - المحب بالله - أبو ريان» بالإضافة إلى القبض على مستخدم معرفات أخرى «الأسد المهاجر - الغريبة - بنت نجد الحبيبة - النجم الساطع» اتضح أنها تعود لسيدة، أكدت الداخلية أنها سلمتها لذويها بعد معالجة أمرها.