المصريون يرسمون اليوم خريطة البرلمان الجديد.. و«الإخوان» يحذرون من يوم دام

توقعات بفوز الحزب الحاكم بـ80% من المقاعد.. وتحذيرات من أعمال «بلطجة»

TT

ترتسم ملامح الخريطة الجديدة للبرلمان المصري اليوم مع بدء عملية الاقتراع في انتخابات مجلس الشعب، التي تمهد للانتخابات الرئاسية خريف العام المقبل. وفي وقت أجمع فيه المراقبون على أن الجولة الأولى لن تحسم المعركة بانتظار جولة الإعادة في 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلا أنهم يرون أنها ستكشف على الرغم من ذلك عن حظوظ القوى المعارضة في البلاد. وعبرت فيه جهات من خشيتها من «يوم دام» قائلة إن أحداث العنف التي شهدتها عدة محافظات خلال فترة الدعاية الانتخابية ستؤثر سلبا على مشاركة الناخبين.

وحول التوقعات المحتملة لاقتراع اليوم اختلفت وجهات نظر المفسرين وإن تطابقت سيناريوهات المراقبين حول نتائج اقتراع اليوم؛ حيث توقع المراقبون حصول الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) على نحو 80% من مقاعد البرلمان، بينما تحصل أحزاب المعارضة الرسمية على الـ20% من المقاعد المتبقية يشاركها فيها بعض المستقلين.

من جانبه، يرى الحزب الحاكم أن فوزه بالأغلبية «مضمون»، وتوقعت بعض قياداته أن يحصل الحزب على نحو 85% من مقاعد البرلمان، لكنها عزت ذلك لـ«النتائج الإيجابية» التي حققها الحزب على الأرض من خلال برنامج انتخابي واضح وتعهدات تتجاوز ما وصف بـ«الوعود الفارغة» أو «اللعب على وتر الدين».

ويشير الدكتور محمد الغمراوي، أمين الحزب بالقاهرة، إلى أن حزبه هو الحزب الوحيد الذي ينافس في الدوائر الانتخابية كلها (222) على مقعدي الفئات والعمال والفلاحين بالإضافة لدوائر كوتة المرأة الـ(32) على المقعدين أيضا، ويصل عدد مرشحيه إلى نحو 763 مرشحا، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن هذا يجعله (الحزب الحاكم) أقوى الأحزاب المرشحة للفوز بأغلبية البرلمان، لافتا إلى أن الحزب يسعى جاهدا لخوض منافسة شريفة وشفافة.

من جهتها، تحفظت الأحزاب الرسمية عن التكهن بمسار يوم الاقتراع ونتائجه، مكتفية بإعرابها عن أملها في إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقال الدكتور منير فخري عبد النور، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد الليبرالي المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إنه يأمل في انتخابات لا تشهد تدخلا من أي طرف كان، تبقى فيها الأجهزة الأمنية على مسافة واحدة من الجميع وتمنع عمليات تسويد الأصوات (تزويرها لصالح أحد المرشحين). لكن رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي تحفظ على إمكان إجراء انتخابات متكافئة «ما دام رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب الحاكم». ويعتبر الوفد أبرز الأحزاب الرسمية التي تنافس الحزب الحاكم؛ حيث يخوض الانتخابات بـ186 مرشحا، وبحملة دعائية غير مسبوقة.

في المقابل، حذرت جماعة الإخوان المسلمين، أكثر قوى المعارضة تأثيرا في البلاد، من «يوم دام»، وتحدث الدكتور عصام العريان، المتحدث الرسمي للجماعة، عن أنباء تتواتر حول إطلاق وزارة الداخلية المصرية سراح «مسجلين خطر» من أقسام الشرطة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب الحاكم يتصرف بتوتر شديد ويخلق عصبيات عائلية داخل الدوائر».

وحذر العريان من تلك الممارسات قائلا إنها تدفع البلاد لأتون العنف، مؤكدا أن الإخوان لن يُستدرجوا لهذا الفخ، مطالبا من وصفهم بالعقلاء في الحزب الحاكم بـ«الكف عن هذا السلوك الخطر».

وأضاف العريان أن الجماعة تحملت الضغوط الشديدة التي تعرض لها كوادرها على الأرض من اعتقالات وتضييق أمني على المرشحين وصل إلى حد تعرض رئيس الكتلة البرلمانية بالجماعة لمحاولة قتل. وتعتبر الجماعة أقوى منافسي الحزب الحاكم، وحصلت في الانتخابات الماضية على 20% من مقاعد البرلمان، وتخوض الجماعة المنافسة بـ130 مرشحا بالإضافة إلى 13 مرشحة على المقاعد المخصصة للمرأة، بينما تحتفظ الجماعة بمرشحين احتياطيين لا تعلن عن أعدادهم.

من جهته، يرى الدكتور محمد حبيب، النائب السابق لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، أن المؤشرات التي سبقت يوم الاقتراع تدل على أن نتائج الانتخابات محسومة سلفا. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن الحزب الحاكم سيحصل على نحو 85% من مقاعد البرلمان والنسبة الباقية، أو ما سماه «(فتات الكعكة)، سيوزع على الأحزاب الأخرى»، لافتا إلى أن نصيب حزب الوفد سيكون الأكبر من بين الأحزاب الرسمية.

وأشار حبيب إلى أن مظاهر العنف التي سبقت الانتخابات ستؤثر سلبا في نسب المشاركة «الضعيفة أصلا»، متوقعا إحجام الجماهير عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وقال: «سيدفع هذا الأمر حزب السلطة كالعادة للجوء إلى الموظفين العموميين لكي يخلق مظهرا تبدو معه مقار اللجان كما لو أنها تحتشد بالناخبين». وتوقع حبيب أن تتراوح مقاعد جماعة الإخوان المسلمين بين 10 و15 مقعدا على الأكثر.

وأضاف حبيب أن الحزب الحاكم لجأ هذه المرة لمجموعة من التدابير في محاولة لتفادي احتمال نجاح الإخوان، من هذه التدابير البلاغ الذي تقدم به الحزب الحاكم للنائب العام يتهم فيه مرشحين مستقلين بالانتماء إلى الإخوان، التي يتهمها الحزب الحاكم بالعمل على أساس ديني خلافا للدستور، وقال: «بإمكانه (الحزب الحاكم) أن يقول ردا على اتهام الجماعة بتجاهله لأحكام القضاء إن هذه بتلك».

من جانبه، استبعد الدكتور حسن نافعة تكرار سيناريو انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان) التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي وسط انتقادات عنيفة واتهامات بعمليات تزوير واسعة لصالح الحزب الحاكم، لكنه رأى أن العملية الانتخابية برمتها تبدو كمسرحية عبثية معلومة النتائج، ووزع نافعة مقاعد البرلمان حسب رؤيته كالتالي: «25 مقعدا لحزب الوفد، 10 لحزب التجمع (اليساري)، 5 للحزب العربي الناصري»، وقال: هذه هي مكافأة تعاونهم مع الحزب الحاكم.

وأشار نافعة إلى أن الحزب الحاكم سيمنح للأحزاب الصغرى مقعدا على الأقل في البرلمان لضمان مشاركتها في الانتخابات الرئاسية المقبلة «تحسبا لإحجام قيادات الأحزاب الرسمية الكبرى عن المشاركة فيها».

على خلاف نافعة، حذر أمين إسكندر، وكيل مؤسسي حزب الوسط (تحت التأسيس)، من العنف، متوقعا أن يشهد اليوم أعمال شغب «وقد يسقط فيه قتلى»، مشيرا إلى ملمحين أساسيين، أولهما: حالة الارتباك غير المبررة لدى قيادات الحزب الحاكم، معتبرا أنها مؤشر خطير يسهم في تأجيج العنف المتوقع، وثانيهما: تآكل مؤسسات الدولة، مدللا على ذلك بما جرى خلال اليومين الماضيين في أزمة كنيسة العمرانية التي أثارت غضب المسيحيين في البلاد، لكنه استبعد أن تؤثر الحادثة على التصويت المسيحي ضد الحزب الحاكم، قائلا: «قد يكون هذا صحيحا في حال إجراء انتخابات نزيهة وهو ما لن يحدث في الانتخابات غدا (اليوم)».

وأوضح إسكندر بقوله: إن هذه الانتخابات تُجرى وقد فقد مجلس الشعب الجديد شرعيته بالفعل بعد أحكام قضائية بوقف الانتخابات في دوائر عدة، وتوقع حل البرلمان الحالي عقب الانتخابات الرئاسية.