تقارير حقوقية: انتخابات البرلمان مهددة بالبطلان بسبب تجاهل أحكام القضاء

اتهمت السلطات المصرية بالعمل على إبقاء اهتمام الجمهور بالانتخابات في أدنى مستوى

أحد المصريين يمر أمام لوحات انتخابية لمرشحين في أحد شوارع القاهرة أمس (رويترز)
TT

تصاعدت حدة الانتقادات التي وجهتها منظمات حقوقية للسلطات المصرية، مع عمليات مراقبتها للانتخابات البرلمانية المصرية التي تجرى اليوم الأحد.

وحذرت تقارير حقوقية مما وصفته بـ«احتمال اندلاع أعمال عنف وبلطجة خلال عملية الاقتراع»، بينما اتهمت تقارير أخرى وزارة الداخلية بالسيطرة على العملية الانتخابية والوقوف وراء استبعاد العديد من المنظمات من عملية الرقابة، واصفة في الوقت ذاته دور اللجنة العليا للانتخابات بأنه «تراوح بين الصمت الخجول أو التحدث نيابة عن وزارة الداخلية». وحذرت المنظمات من بطلان نتائج العملية الانتخابية بسبب عدم تنفيذ أحكام القضاء الخاصة بإيقاف الانتخابات في بعض الدوائر.

وقال تقرير أصدره الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، أمس السبت، الذي يضم 3 منظمات حقوقية، هي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية نظرة للدراسات النسوية، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية التي رفضت السلطات منح مراقبيها التصاريح الخاصة بمراقبة يوم الاقتراع: «إن سيطرة وزارة الداخلية على مجمل العملية الانتخابية ساطعة سطوع شمس أغسطس، بينما تراوح دور اللجنة العليا للانتخابات بين الصمت الخجول أو التحدث بالنيابة عن وزارة الداخلية».

وأشار التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أنه «بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أنها ستنفذ كل أحكام القضاء الإداري بإعادة المرشحين الذين استبعدتهم مديريات الأمن، اضطرت لابتلاع قرارها والتراجع أمام إصرار وزارة الداخلية على عدم تنفيذ أحكام القضاء، الأمر الذي أدى بالمحكمة الإدارية العليا لإصدار حكم قضائي تاريخي في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، يطالب اللجنة بتنفيذ الأحكام القضائية، ويعتبر استشكالات وزارة الداخلية معدومة الأثر قانونيا، وينطوي هذا الحكم القضائي على إدانة صريحة للجنة العليا للانتخابات، خاصة حين يدعوها للتمسك باستقلاليتها، والتحلي بروح الحياد والالتزام بأحكام القانون والدستور، وألا تكون عقبة في سبيل تنفيذ أحكام القضاء».

وقال التقرير: «هذا الحكم التاريخي الذي يدين كل الأجهزة الرئيسية المسؤولة عن إدارة الانتخابات، وإصدار القضاء الإداري عدة أحكام بإلغاء الانتخابات في 24 دائرة في عدة محافظات - وهى الأحكام التي تماطل السلطة التنفيذية في تنفيذها - والإفراط في التدخلات الإدارية والأمنية في سير العملية الانتخابية، هذه التطورات الثلاثة تهدد الانتخابات بالبطلان».

وتابع: «موقف السلطات الرافض سياسيا للرقابة الدولية والرافض عمليا للرقابة الوطنية من خلال منظمات المجتمع المدني، يؤكد عدم وجود إرادة سياسية لإجراء انتخابات شفافة وحرة ونزيهة، فقد رفضت اللجنة العليا للانتخابات السماح لعدة منظمات حقوقية بمراقبة الانتخابات، بينها الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، عضو الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، أما بقية المنظمات فقد حصلت على نحو 10% من التراخيص التي طلبتها».

وأشار التقرير إلى أن «أجهزة الأمن هي التي اتخذت القرار باستبعاد هذه المنظمات، وعدة آلاف من المراقبين المطلوبين من منظمات أخرى، وقام بإبلاغ القرار ضباط شرطة مقيمون في مقر اللجنة العليا للانتخابات، أكدوا صراحة أن الاستبعاد لأسباب أمنية، الأمر الذي يؤكد مدى شمول سيطرة وزارة الداخلية على كل العمليات المتصلة بالانتخابات، وأن اللجنة العليا ليست سوى (ديكور)، وظيفته الرئيسية إعلان نتائج عملية تديرها فعليا وزارة الداخلية».

وقال التقرير: إن الجهة الإدارية تعسفت أيضا في تنفيذ أحكام القضاء الإداري الخاصة بتعديل صفة المرشحات على المقاعد الخاصة بالمرأة «نظام الكوتة»، كما تنازلت بعض المرشحات من المعارضة عن الترشح، مما زاد من فرص مرشحات الحزب الوطني (الحاكم) في الفوز بأكبر عدد من مقاعد الكوتة (64 مقعدا)، مبينا تعرض المرشحات من المعارضة للكثير من الانتهاكات والتعرض لهن ولأنصار حملاتهن الانتخابية.

وقال التقرير ذاته في مجال رصده للتغطية الإعلامية للانتخابات: إن اهتمام الصحافة والقنوات التلفزيونية بالانتخابات زاد في المرحلة الثانية «مرحلة الدعاية الانتخابية»، إلا أنه ما زال أقل كثيرا مما كان عليه الحال خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 2005، معللا ذلك بقوله: «يبدو ذلك انعكاسا مباشرا للتوجه الرسمي للسلطات في العمل على إبقاء اهتمام الجمهور بالانتخابات والسياسة في أدنى مستوى ممكن».

وأضاف التقرير: «كان انحياز القنوات والصحف المملوكة للدولة للحزب الوطني الحاكم سافرا، على الرغم من أنها وسائل إعلام ممولة من المال العام، فقد أفردت القناة الأولى 72% من إجمالي تغطيتها للانتخابات للحزب الوطني، وفي القناة الثانية 78%، وفي جريدة الأخبار 75%، وفي جريدة الجمهورية 71%، وفي جريدة الأهرام 56%. بينما تراوحت إيجابية هذه المساحات الكبيرة في الصحف القومية تجاه الحزب الوطني بين 94% و99.4%. وفي المقابل فإن التغطية النقدية للحزب الوطني قد شهدت تراجعا في كل الصحف من 64% في المرحلة التمهيدية إلى 55%».

وانتقد التقرير عدم استئناف بث القناة البرلمانية، التي قامت خلال انتخابات 2005 بدور حيوي في تعريف المواطنين بالمتنافسين الحزبيين والمستقلين، وقال: «القنوات التلفزيونية والحكومية هي الأقل تخصيصا لوقت تناول الانتخابات، مقارنة بالقنوات الخاصة، بل إن قناة النيل الإخبارية الحكومية، التي من المفترض أن تكون الأكثر تغطية واهتماما بالانتخابات من كل القنوات الحكومية والخاصة، جاءت في الترتيب الأخير».

ولفت التقرير إلى أن الصحف الحكومية اهتمت نسبيا بتناول تقارير بعض منظمات «المجتمع المدني» للانتخابات، ولكنها اقتصرت في أغلبها على تلك التقارير التي لا تنتقد الأجهزة الحكومية المسؤولة عن الانتخابات، التي تصب أغلب نقدها على الإخوان المسلمين. ولم يحظ المقاطعون للانتخابات بفرصة إعلامية مناسبة لشرح موقفهم للرأي العام، باعتبارهم يمثلون قطاعا مهما في الساحة السياسية في مصر.