أجواء الانتخابات تشعل الصخب في الشوارع المصرية

دعايات على حبال الغسيل والنقر على أواني الطهي والأغاني الشبابية تتصدر حملات المرشحين

TT

طغى مشهد الانتخابات البرلمانية على الشارع في مصر وأصابه بربكة مرورية في القاهرة وأغلب المحافظات؛ حيث تم تغيير المسارات والتقاطعات في معظم الشوارع الرئيسية والجانبية، خاصة الواقعة أمام المقار الانتخابية، لتسهيل وصول المواطنين إليها، والتيسير على قوات الأمن في الحفاظ على النظام، بينما أدى تجنيد عدد كبير من الحافلات العامة وسيارات الميكروباص الخاصة لخدمة العملية الانتخابية، ونقل المشرفين على اللجان، وصناديق الاقتراع بعد انتهاء عملية التصويت، إلى صعوبة في حركة تنقل المواطنين.

وعاشت العاصمة المصرية القاهرة أمس ليلة ساخنة، لم تخل من ضجيج اللافتات والأغاني والشعارات الانتخابية التي واصل المرشحون تجهيزها ليتم رفعها أمام المقار الانتخابية. بينما كثفت السلطات الأمنية حالة الطوارئ في جميع مرافقها. وكان لافتا في القاهرة والمحافظات الكبرى، بروز الدعاية الغنائية كعنصر مؤثر في جذب الناخبين، خاصة أنها تلعب على أوتار أغانٍ شعبية وعاطفية شهيرة ومحببة، يتم قلب كلماتها ومضمونها لتصب في صالح المرشح. وهناك أغانٍ تم تأليفها خصيصا للدعاية الانتخابية لعض المرشحين، وفيها استعان مؤلفوها بأغان شهيرة، سواء وطنية أو عاطفية، كلها تنطلق من ميكروفونات مثبتة في مقار الدوائر الانتخابية وأخرى جوالة فوق سيارات، ظلت تجوب الشوارع طوال ليلة الانتخابات، حاملة مكبرات صوت ضخمة لحس الناس على المشاركة في الانتخابات. كما استعان عدد من المرشحين ببعض المطربين الشعبيين لغناء أشعار وضعت خصيصا من أجل الحملات الدعائية، وقرر بعضهم وضع سيارات تحمل (d.j) أمام مقار اللجان الانتخابية لجذب الناخبين. في جولة لـ«الشرق الأوسط» بأحياء القاهرة رصدت مشاهد من أغاني المرشحين في عدد من الدوائر الانتخابية، فلقد استعان مصطفى عبد الوهاب، مرشح الحزب الوطني (الحاكم) بحي الزيتون شرق القاهرة، بألحان الأغنية الشهيرة في أفلام الستينات «يا مصطفى يا مصطفى»، وغنى مريدوه «يا مصطفى يا مصطفى أنا بحبك يا مصطفى، أربع سنين مبسوطين، وإحنا بنحبك يا مصطفى».

بينما اختار مرشح جماعة الإخوان المسلمين السيد عسكر عن مدينة طنطا بمحافظة الغربية أغنية الأطفال «ماما زمنها جاية» للمطرب الراحل محمد فوزي، وقام مؤيدوه بترديد «جدو عسكر، زمانه جاي، جاي بعد شوية، جاي من البرلمان».

وعلى أغنية فيلم «سكر بنات» للمطربة رشا رزق، جابت السيارات حاملة مكبرات صوت في حي باب الشعرية والموسكي بوسط القاهرة دعما لمرشحة حزب الوفد، الفنانة سميرة أحمد بأغنية «قوليلي إيه يا مرايتي، قوليلي إيه حكايتي».

وفي حي عين شمس شرق القاهرة دارت مكبرات الصوت بأغنية «علشان كامل أبو عايش، هنقول كلام كتير، علشان كامل أبو عايش دايما بيعطف على الكبير وعلى الفقير.. وآآآآآآآيه» على غرار أغنية المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم الشهيرة «أنا بكره إسرائيل».

أما في دائرة المعهد الفني بشبرا الخيمة (القاهرة الكبرى) فلقد جابت السيارات في الأحياء، وأمام المقار الانتخابية، مرددة أغنية لتأييد يوسف بطرس غالي، وزير المالية، مرشح الحزب الوطني الحاكم، وجاءت كلماتها «الباشا، ابن الباشا، بيقابل الناس ببشاشة، مبارك قال هاتوه، دا شبعان من بيت أبوه». بينما اختارت مرشحة جماعة الإخوان المسلمين «المحظورة» على مقعد كوتة المرأة في محافظة المنوفية قصيدة شعرية بدلا من الأغاني الصاخبة، وسجلتها لتذاع أمام اللجان جاءت كلماتها «عايزين سفينة البلد على بر نور ترسى، علشان كده بالزجل أعلنها من حرصي، لو محتاجين نائبة تعاهدكو ع الإصلاح، فتوكلوا ع الكريم واختاروا سلوى صلاح».

أما في منطقة الساحل بحي شبرا بالقاهرة الكبرى، جابت سيارات لدعم مرشح حزب الوفد نجم الكرة طاهر أبو زيد مرددة: «لذيذ وطاهر، أبو قلب طاهر، دايما معانا كلك أمانة، أبو زيد ده مننا ومنور حينا».

من جانبه، فسر الدكتور عبد الراضي حمدي، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، ظاهرة الدعاية الغنائية للمرشحين بأنها الأقرب إلى الوصول إلى الناخبين، خاصة إذا صاحبتها موسيقى صاخبة، ولغة بسيطة شعبية تجذب الانتباه.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن ذلك يعود إلى أن المواطنين، قد ملوا من الأساليب التقليدية في الدعاية، وهي المنشورات، التي لا ينظر إليها الناخب أثناء توزيعها».

وفي الإسكندرية شهدت ليلة الانتخابات طرائق دعائية طريفة، كان أبرزها في مسيرة صاخبة في منطقة ميامي استمرت حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس نظمتها مجموعة كبيرة من الشباب من أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير، واستخدموا خلالها طريقة مبتكرة في دعوتهم لأهالي المدينة للمشاركة في الانتخابات؛ حيث رفعوا أواني للطهي (فارغة) وقاموا بالطرق عليها بشدة، ما أثار المئات من الأهالي بشارع جمال عبد الناصر فالتفوا حولهم وشاركوهم الطرق على الأواني. وحث الشباب من المشاركين الأهالي على الذهاب إلى صناديق الاقتراع واختيار الأصلح.. كما توقف عدد كبير من السيارات المارة وشاركوا في المسيرة وأطلقوا أصواتا عالية من آلات التنبيه. ومن أطرف أساليب الدعاية بالإسكندرية قيام العشرات من المرشحين المستقلين بتعليق أوراق دعايتهم الانتخابية على حبل غسيل كبير، للفت الانتباه. وأعلن عاطف بودي – أحد المرشحين المستقلين المستبعدين - أنه قد قام مع 63 من زملائه المرشحين بتكوين اتحاد يجمعهم، وأنهم سوف يتخذون من المقاهي الشعبية المختلفة مقرا لعقد اجتماعاتهم، مشيرا إلى أنهم كمواطنين مصريين سوف يقومون برفع توصيات بما توصلوا إليه لممثلي الحكومة والأجهزة التنفيذية في الإسكندرية.