الحريري: أتيت إلى طهران رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية.. ولبنان تحميه المظلة السعودية ـ السورية

مصادر لبنانية لـ «الشرق الأوسط»: لن يفتح موضوع المحكمة الدولية.. ولا مطالب سياسية

نائب الرئيس الإيراني رضا رحيمي مستقبلا رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وتبدو خلفهما لوحة كتب عليها «خوش أمديد» وتعني «أهلا وسهلا» (رويترز)
TT

بدأ رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري زيارة رسمية إلى طهران، أصرت العاصمة الإيرانية على التعامل معها على أنها «زيارة تاريخية»، من خلال تصريحات القيادات الإيرانية على مختلف المستويات والتعامل الإعلامي معها، بالإضافة إلى نوعية اللقاءات التي حضرت له، والتي ستتوج اليوم بلقاء مع مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، يليه لقاء مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وفيما كان واضحا أن القيادة الإيرانية تتعامل مع هذه الزيارة من خلال رمزية شخص الرئيس الحريري أكثر من رمزية موقعه كرئيس للحكومة اللبنانية، كان الحريري في المقابل يشدد على أهمية «مأسسة» العلاقات بين البلدين والانفتاح على إيران في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي، كما أكدت مصادر رفيعة في الوفد اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، مشددة على أن الرئيس الحريري لم يأت ليطلب شيئا من القيادة الإيرانية، وأنه لن يبادر إلى فتح ملف المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال والده الرئيس الراحل رفيق الحريري وموضوع التوتر السياسي القائم على خلفية القرار الظني المتوقع صدوره في هذه الجريمة.

وحرص نائب الرئيس الإيراني في المحادثات البروتوكولية التي أجريت فور وصول الرئيس الحريري إلى مجمع «سعد آباد» الذي يتخذه رحيمي مقرا له، على الإشادة بزيارة رئيس الحكومة اللبنانية «التاريخية» إلى إيران، مشيرا أمام الوفد اللبناني إلى حجم الاهتمام الإعلامي الإيراني بهذه الزيارة من خلال العدد الكبير للمصورين الذين أدخلوا على دفعات لتصوير اللقاء. وقال أعضاء في الوفد لـ«الشرق الأوسط» إن رحيمي حرص بعد بدء المحادثات على استحضار ذكر الرئيس الراحل رفيق الحريري، فقال متوجها إلى الحريري الابن: «الغائب الأكبر عن هذا اللقاء هو الرئيس الشهيد الذي كان أول من أسس للعلاقات الرسمية بين البلدين وأنت هنا لتكمل المسيرة»، فرد الحريري قائلا: «نحن نريد أفضل العلاقات بين البلدين، وزيارة الرئيس (اللبناني العماد ميشال) سليمان إلى طهران وبعدها زيارة الرئيس (الإيراني محمود أحمدي) نجاد إلى لبنان فتحتا آفاقا للتعاون بيننا، ورهاننا هو على مأسسة العلاقات بين الدولتين، خصوصا في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية». ورد رحيمي بالقول: «نحن نشكرك على هذا التوجه، وأنا بدوري لدي توجهات من قبل الرئيس نجاد بأن نفتح آفاق التعاون بقوة ومن دون محدودية».

ثم انتقل الحريري إلى مقر إقامته في فندق «الاستقلال» حيث اجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي العربي، الذين تحدث باسمهم السفير الكويتي شاكرا في بداية اللقاء للحريري على هذه المبادرة تجاه السفراء بوصفه أول مسؤول عربي يطلب لقاء مماثلا. وجرت خلال اللقاء جولة نقاشات حول العلاقات العربية - العربية واللبنانية - الإيرانية، وتخللتها مداخلات لعدد من السفراء منهم سفراء سورية والعراق واليمن أكدت التضامن العربي في مواجهة التحديات ودور إيران الاستراتيجي في المنطقة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أنه طرحت أسئلة حول جدول أعمال الزيارة، وعما إذا كانت ستتناول أمورا لها صلة بالتطورات اللبنانية والموقف من المحكمة الدولية، فكان رد الحريري: «الزيارة رسمية، وأنا هنا لا أمثل حزبا ولا طرفا، بل أمثل حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية، والمسائل الداخلية تعالج في لبنان». وأضاف «صحيح أن هناك تباينا في وجهات النظر، لكن هناك مظلة عربية تتمثل بالمساعي السعودية – السورية التي تعزز التقارب اللبناني وعوامل الاستقرار في لبنان، وأي جهد يدعم هذه المظلة، هو جهد مشكور ومرحب به». وأكد الحريري خلال اللقاء أنه يلتقي السفراء العرب في كل الدول التي يزورها انطلاقا من قناعة قائمة لديه بأن مثل هذه اللقاءات هي ترجمة للتعاون العربي المشترك، مركزا على أهمية التوحد لمواجهة المخاطر الإسرائيلية التي تتهدد السلام في المنطقة، والتي توجب تضامنا عربيا فوق العادة، وعلى «الدور التوتيري» الذي تقوم به إسرائيل وعملها على «تصعيد التوتر في المنطقة»، مشيرا إلى أن حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو تعمل على التوتير المتصاعد، وآخر «مآثرها» قانون الاستفتاء حول الانسحاب من الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى المجتمع الدولي أن لا يكتفي بالتفرج والخطابات على هذه الخطوات، بل القيام بتحرك رادع يمنعها من المضي في هذه السياسات التي تتهدد استقرار المنطقة.

وقد أكد ممثل حزب الله في الحكومة اللبنانية الوزير محمد فنيش الذي رافق الحريري في زيارته أن طهران «لا تعارض المساعي السعودية - السورية، بل تقف خلفها بقوة»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه المساعي ستكون من دون شك لمصلحة لبنان وستراعي مصالح جميع الأطراف، فلماذا تعارضها إيران»، مشددا على أن إيران تلعب دورا إيجابيا في الأزمة القائمة في لبنان.

وكان الحريري وصل إلى طهران عصر أمس، واستهل نشاطه بزيارة نائب الرئيس الإيراني في مقره حيث نُظم للحريري استقبال رسمي تخلله عزف النشيدين الوطنيين للبلدين، وبعد مصافحة بين الرجلين، توجها إلى الداخل لبدء الاجتماع التحضيري الموسع للمحادثات الرسمية اللبنانية - الإيرانية. وسئل الحريري عما لديه ليقوله لمناسبة وصوله إلى طهران، فرد ضاحكا «خوش أمديد» وهي العبارة التي طبعت في أذهان اللبنانيين خلال زيارة نجاد إلى بيروت من خلال رفعها على يافطات الترحيب بالرئيس الإيراني.

وشارك في المحادثات الحريري ورحيمي، عن الجانب اللبناني؛ وزراء العمل بطرس حرب والإعلام طارق متري، والتنمية الإدارية محمد فنيش، والثقافة سليم وردة، والشؤون الاجتماعية سليم الصايغ، والتربية والتعليم العالي حسن منيمنة، والشباب والرياضة علي عبد الله، والنائب السابق باسم السبع، ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، والمستشار هاني حمود، وسفير لبنان لدى إيران زين الموسوي، وعن الجانب الإيراني؛ نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، ووزير الخارجية منوشهر متقي، ووزير الإسكان علي نيكزاد، وسفير إيران لدى لبنان غضنفر ركن آبادي، وعدد من كبار معاوني نائب الرئيس الإيراني، ومن المقرر أن يقابل الرئيس الحريري عصر اليوم (الأحد) السيد علي خامنئي ويلتقي مساء رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني ثم الرئيس الإيراني الذي يقيم مأدبة عشاء تكريمية على شرفه.