المالكي يعد بإعلان الحكومة منتصف ديسمبر.. ويحذر من «انزلاق» البلاد في حال الإخفاق

جدد التزامه باتفاق القادة لكنه أكد أنه «لا مجال لمن يريد التعطيل».. وشدد على عدم الحاجة للأميركيين بعد 2011

رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي وعمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي لدى لقائهما مساء أول من أمس في بغداد (المصدر: الموقع الألكتروني للمجلس الأعلى)
TT

عقد رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي أمس أول مؤتمر صحافي بعد تكليفه الخميس الماضي بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة. ورغم التوقعات بأن مهمته لن تكون يسيرة وأنها ستواجه صراعات فإن رئيس الحكومة بدا متفائلا وواثقا من تشكيلها حتى قبل المهلة المحددة له دستوريا وأمدها 30 يوما. وأكد أنه سيعلن تشكيلته الوزارية في موعد أقصاه 10 - 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلا أنه أقر بغياب الاتفاقات مع الكتل السياسية على توزيع الحقائب والمناصب. وبعيدا عن الحكومة بدا المالكي واثقا أيضا من قدرات القوات الأمنية العراقية على إدارة مهامها، وأن بلاده لن تحتاج لوجود القوات الأميركية بعد عام 2011.

وقال المالكي في المؤتمر الصحافي إن «مخاوف تأخير تشكيل الحكومة مشروعة لكننا لا نخشاها (...) سوف تتشكل الحكومة بأقل من الفترة الزمنية الدستورية» البالغة ثلاثين يوما والتي تنتهي أواخر ديسمبر.

لكنه سرعان ما تدارك بأن «البلد سينزلق في حال عدم تشكيل الحكومة في الوقت المحدد إلى اتجاهات لا يعلمها إلا الله.. فمن سيكون قادرا على تشكيل الحكومة؟». وتابع: «لدي سقف زمني بحدود منتصف الشهر المقبل» لكن «لم يتم الاتفاق بين الكتل على توزيع الحقائب الوزارية».

وكان الرئيس جلال طالباني كلف رسميا المالكي تشكيل الحكومة الجديدة التي طال انتظار المواطنين لها لإخراج بلدهم من أزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.

ووفقا للدستور، فإن لدى طالباني مهلة 15 يوما منذ إعادة انتخابه في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لتكليف أحدهم تشكيل الحكومة.

وبالإمكان اعتبار التأخر في عملية التكليف أمرا مقصودا بهدف منح المالكي وقتا أطول، في مؤشر إلى صعوبة الصراع السياسي بين الكتل التي حطمت الرقم القياسي من حيث إطالة أمد مفاوضات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات. وجرت الانتخابات التشريعية في السابع من مارس (آذار) الماضي.

وحول مشاركة القائمة العراقية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، قال المالكي ردا على سؤال حول احتمال مقاطعة «العراقية» للحكومة، إنه «إذا امتنع البعض عن المشاركة، سنكون بين خيارين أولهما التوقف في المنطقة الحمراء والثاني المضي بتشكيلها بالغالبية المحققة». وأضاف: «نتمنى أن تأتي القائمة العراقية بأجمعها وتتفق على تسمية الوزارات التي يرغبون فيها لكن إن أرادت أن لا تشارك فإن ذلك لن يوقف عملية تشكيل الحكومة»، وأضاف أن عدم مشاركة شخصية ما، في إشارة إلى علاوي، لا يعني توقف العملية.

وأكد أن «مشاركة العراقية مرحب بها وأساسية لكن إذا وصلنا إلى التشكيل وترددت فنحن سنمضي ومن يريد أن يمضي فليمض معنا! لكن العراقية تجري حوارا معنا وأعتقد بأنها ستشارك وستكون مشاركتها حقيقية».

وحول المجلس السياسي للأمن الوطني الذي تم الاتفاق عليه بين الكتل السياسية والاتفاق على منح رئاسته لعلاوي، قال المالكي: «لا أستطيع أن اقلل من صلاحيات المجلس السياسي؟ لأن الاتفاق تم على أن يكون للمجلس صلاحيات استشارية غير عادية كونه يضع سياسات الدولة الاقتصادية والسياسية والأمنية». وأكد المالكي أن «للمجلس صلاحيات اتخاذ قرار، وإذا نال ثمانين في المائة من الأصوات سنلتزم بقراراته». وأوضح أنه «لا مجال لمن يريد تعطيل تشكيل الحكومة، كان هناك خلاف لكن الاتفاق حصل» في إشارة إلى اتفاق كبار قادة الكتل وهم المالكي والزعيم الكردي مسعود بارزاني وزعيم قائمة العراقية في العاشر من الشهر الحالي.

وجدد المالكي التزامه باتفاق القادة، وأضاف: «بدأنا عملنا في وضع الأسس التي تتشكل وفقها حكومة الشراكة الوطنية وطلبنا اختيار وزراء على مبدأ الكفاءة والمهنية. طلبت من الكتل التي تريد أن تشارك في الحكومة الإسراع في تقديم ثلاثة مرشحين لكل وزارة». وتابع أن «الوزارة الجديدة ستكون بالعدد السابق ذاته (37 حقيبة) وربما بزيادة واحدة لأن الجميع يريد المشاركة»! مشيرا إلى ثلاثة نواب لرئيس الوزراء يتولى أحدهم ملف الاقتصاد والثاني الطاقة والثالث الخدمات.

وأكد أن «الوزارات الأمنية ستسند إلى مستقلين». وأضاف رئيس الوزراء المكلف: «نتطلع إلى معالجة كل السلبيات السابقة (...) عانينا في المرحلة السابقة. يجب أن يكون خطاب الحكومة واحدا ليسمع الغير كلمة واحدة (...) كانت الخطابات مؤلمة»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

كما أشار المالكي إلى الوضع الأمني في البلاد، وقال إن «تحقيق الاستقرار الأمني هو القاعدة الأساسية لتحقيق التطور في ميادين الأعمار والبناء»، مطالبا بـ«تقديم الدعم للقوات الأمنية في معركتها مع الإرهابيين كون تحقيق الاستقرار الأمني مسؤولية الجميع وليست مسؤولية القوات الأمنية فقط».

ونقلت وكالة الاسوشييتد برس عن المالكي، تأكيده على أن القوات العراقية قادرة على الإمساك بزمام الملف الأمني، وأن موعد انسحاب القوات الأميركية المتبقية في العراق وهو نهاية 2011 حسب الاتفاق المبرم بين بغداد وواشنطن، سيبقى كما هو.

وأكد: «لا أشعر بالحاجة إلى وجود القوات الدولية لمساعدة العراقيين في السيطرة على الوضع الأمني». وينص الاتفاق المبرم بين البلدين على بقاء القوات الأميركية في البلاد في حال طالبت السلطات العراقية بذلك.

وكان المالكي قد زار عمار الحكيم، في مقر المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه، وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» من داخل الاجتماع الذي جمع الحكيم بالمالكي مساء أول من أمس إن الطرفين تبادلا حديثا وديا تناول مجمل الهموم العامة في المشهد العراقي والتطورات في الساحة العراقية وأن المالكي طلب دعم ومساندة المجلس الأعلى في المرحلة المقبلة من تشكيل الحكومة.

وكانت الخلافات قد دبت بين الشريكين التاريخيين ووصلت إلى حد إعلان الحكيم أن تحالف «الائتلاف الوطني العراقي» لن يشارك في حكومة يشكلها المالكي.

وأشار المصدر إلى أن المالكي أكد أن الحكومة المقبلة ستجمع كل الأطراف في العملية السياسية وأن القرار الحكومي سيكون قرارا جماعيا.

من جانبه، قال علي الموسوي، مستشار المالكي، لـ«الشرق الأوسط» عن زيارات المالكي للقادة العراقيين بمن فيهم الحكيم وطارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي، إن «زيارته تلك تؤكد إنتاج مناخ جديد من التعاون والتحرك الشخصي باتجاه الكتل لإعطاء الطابع التعاوني بين الجميع لإنتاج حكومة شراكة».

وفيما إذا كان المالكي قد قدم عروضا ومناصب أثناء زيارته لبعض القادة، أكد الموسوي أن «المالكي لا يملك اقتراح أي مرشح أو أي منصب على الكتل لأن الأمر سيخضع لسياسية التنقيط وسيكون بمقدور أي كتلة معرفة حصتها من الوزارات والمناصب حسب عملية التنقيط»، وأضاف أن الأسبوع الحالي سيشهد عملية البدء في تقديم المرشحين لرئيس الوزراء وأن الشهر المقبل لن ينتهي قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة.

إلى ذلك، طالب التركمان بمنحهم منصب رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء كاستحقاق قومي. وقال النائب التركماني عن القائمة العراقية أرشد الصالحي لـ«الشرق الأوسط»: «إن أحد هذين المنصبين هو أقل ما يستحقه التركمان كونهم القومية الثالثة والأصيلة في العراق، لذا فإن التركمان سيدينون بشدة أي كتلة تحاول الوقوف في طريق الاستحقاق الانتخابي للتركمان في المناصب السيادية».