زعيم المعارضة في البرلمان الباكستاني لـ «الشرق الأوسط»: نعارض إسقاط الحكومة بوسائل غير دستورية

شودري خان زعيم حزب الرابطة الإسلامية «جناح نواز شريف»: انسحبنا من الائتلاف الحاكم والحكومة اليوم «حكومة أقلية»

TT

أعلن حزب الرابطة الإسلامية الباكستاني المعارض (جناح نواز شريف) استعداده للمشاركة في الجهود التي تبذل لتعديل الوضع السياسي في باكستان وذلك ضمن الأطر التي يحددها الدستور.

وفي مقابلة حصرية مع «الشرق الأوسط»، قال الزعيم المركزي في الحزب وزعيم المعارضة في البرلمان شودري نزار علي خان، إن حزبه لم يعد جزءا من التوافق السياسي الذي يرى ضرورة استمرار حكومة حزب الشعب الباكستاني حتى انتهاء ولايتها الحالية. وقال خان: «هناك تغير في المواقف، فقبل ستة أشهر فقط كنا جزءا من توافق عام يرى أن البلاد لا تستطيع تحمل أزمة إسقاط حكومة. ولكن طرأ تغير في موقفنا في الأشهر الستة الماضية، ونحن الآن مستعدون لأن نصبح جزءا من هذه الجهود الساعية لإحداث تغيير ضمن الأطر الدستورية».

وقد استمر تدهور العلاقة بين الحزب الحاكم، حزب الشعب الباكستاني، وأكبر حزب معارض، وهو حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف) خلال الأشهر الستة الماضية؛ حيث اتهم حزب الرابطة الإسلامية حزب الشعب بالفشل في إدارة الملف الاقتصادي وتورطه في الفساد المستشري في الأجهزة الحكومية.

وقد انضم حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف) إلى الائتلاف الحاكم بقيادة حزب الشعب الباكستاني، بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2008. لكن بعد أشهر قليلة تدهورت العلاقة بين الحزبين وانسحب حزب الرابطة الإسلامية من الائتلاف الحاكم واتهم الحكومة بالمساهمة في تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد، من خلال الفساد المستشري بين صفوفها.

ولكن حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف) لا يزال يعارض إسقاط الحكومة بوسائل غير دستورية. وكانت الانتخابات البرلمانية قد أجريت عام 2008 بعد تسع سنوات من الحكم العسكري الذي بدأ بوصول الجنرال برويز مشرف إلى السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1999 بعد إسقاطه لحكومة رئيس الوزراء السابق نواز شريف في انقلاب عسكري.

ويقول خان: «نحن مستعدون لأن نصبح جزءا من تغيير يأتي من خلال العمل الملتزم بالأطر الدستورية». وجاءت المقابلة مع شودري نزار خان على النحو التالي:

* لقد لعب حزب الرابطة الإسلامية الباكستاني دور «المعارضة الصديقة»، وهناك تكهنات بحدوث تغير في التركيبة السياسية القائمة في البلاد، فما هو موقف حزبكم؟ وهل لا يزال يدعم الحكومة؟

- لقد كنا داعمين للحكومة، وجزءا منها في البداية، فهي حكومة جاءت بعد حكم دكتاتوري غاشم، ونحن نريد أن نرسخ الحكم الديمقراطي في بلادنا. لكن الحكومة أضاعت هذه الفرصة وبدأ أداؤها يتدهور، ولهذا السبب قررنا الانسحاب منها، ولكن واصلنا دعمنا لها من أجل الديمقراطية. واسمحوا لي أن أقول إنه بعد ثلاثة أشهر من انسحاب حزب الرابطة الإسلامية، غدت هذه الحكومة حكومة أقلية، ومع ذلك دعمناها. ولكن هذا الموقف لن يستمر الآن، فهناك مراجعة جادة لسياسة الحزب، وإذا كانت هناك أي جهود لإحداث تغيير فإن حزب الرابطة الإسلامية لن يقف عقبة أمامها. لقد تغير الموقف الآن، ونحن لن نستمر في دعمنا للحكومة. وتغير رأي السيد نواز شريف، وأصبح هناك قدر أكبر من الرصانة لدى الحزب. والجميع يريدون روية تغيير ملموس.

* لماذا تعتقد أن هناك ضرورة لحدوث تغيير في التركيبة السياسية؟

- لقد حصلت الحكومة على فرصة جيدة. وكما قلت، فالديمقراطية جاءت بعد دكتاتورية غاشمة وبعد تقديم الكثير من التضحيات. وعلق المواطنون الكثير من الآمال والتطلعات على هذه الحكومة. وكانت هناك أزمة اقتصادية في البلاد والمؤسسة العسكرية كانت مشغولة بمشكلاتها الخاصة. ولا أحد يريد تغيير الحكومة. وأتيحت لها الفرصة لتتحرك بحرية، ولكنها لم تحسن استغلال الفرصة وخسرت الكثير. وبدأت في التراجع منذ البداية. خذ على سبيل المثال حالة القضاء، كان يتعين على الحكومة أصلاح وضع القضاء بعد وصولها إلى السلطة مباشرة، لكنها لم تفعل. ولسوء الحظ، فقد خيبت آمال وتطلعات الشعب فيها.

* لماذا لا يزال يقدم حزبكم الدعم للحكومة؟

- نحن ندعم النظام والديمقراطية. ولكن هناك تغيرا في المواقف، فقبل ستة أشهر فقط كان حزبنا جزءا من توافق عام يرى أن البلاد لا تستطيع تحمل أزمة إسقاط الحكومة. ولكن طرأ تغير على تفكيرنا وموقفنا في الأشهر الستة الماضية، والآن نحن مستعدون لأن نصبح جزءا من هذه الجهود الساعية لإحداث تغيير في إطار المعايير الدستورية. وهناك أسباب لذلك، فقد بدأت حالة الاستياء والغضب منذ السنة الأولى لهذه الحكومة حيث بدا أن آصف علي زرداري يريد إدارة الحكومة وفقا لأهوائه الشخصية. وكان هدفه هو حماية ماضيه غير المشرف. وبدا هذا واضحا عندما قرر الترشح لرئاسة الدولة، خلافا لتعهده السابق بعدم التنافس على منصب الرئاسة. ولكنه لم يكن يريد أن يصبح رئيسا للوزراء، بل كان يريد أن يحمي نفسه وماله الذي جمعه من طرق غير شرعية، وكرئيس للوزراء كان سيتعين عليه تقديم إقرار ضريبي والإعلان عن ممتلكاته، لكن كرئيس لن يطلب منه ذلك. ومع ذلك، نحن نعتقد أنه لو كان قرر بدء فصل جديد بعد أن أصبح رئيسا، لأصبح الوضع أفضل. ولكنه لم يستمع للنصيحة. وبدأ حكمه بالأسلوب الذي كان ينتهجه قبل مغادرته باكستان في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1996. وقد وضع له نمطا مختلفا للحكم، وعطل كل جوانب السياسية في البلاد. واستفاد من الوضع السائد، حيث كانت كل الأطراف في البلاد تحاول ترسيخ الديمقراطية.

* من أين بدأت خلافاتكم مع الرئيس زرداري؟

- كنا نريد محاكمة الجنرال برويز مشرف. وحاولنا مناقشة هذا الأمر في البرلمان، لكن لا زرداري ولا الجيش كانا يرغبان في ذلك، لأنهما لم يكونا يريدان رؤية فضائحهما تظهر في العلن. وقدم (الرئيس زرداري) إلى المؤسسة العسكرية تأكيدا بأنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية، وعلى هذا الأساس وافق الجيش على الضغط على الجنرال مشرف لتقديم استقالته. وفي الواقع فإن المؤسسة العسكرية طلبت إعفاء الجنرال مشرف من أي مساءلة قانونية بعد 48 ساعة من تقديمه للاستقالة. ورفضنا هذا الطلب، لكن حزب الشعب الباكستاني وأحزابا أخرى وافقت.

* ولكن قادة حزبك لديهم اتصالاتهم الدائمة مع الجيش؟

- نعم، كانت هناك اتصالات بيني وشهباز شريف والجيش. ولكن هذا لم يكن له أي علاقة بمساءلة الجنرال مشرف. لكن حزب عوامي الوطني وحزب جماعة علماء الإسلام (جناح فضل) تحالفا مع زرداري واتفقا على منح مشرف حصانة، ورفضنا ذلك وأوضحنا أننا لن نمنحه هذه الحصانة التي طلب الحصول عليها في غضون 48 ساعة.

* ما هو رأيكم بالحكم؟

- لقد أخذ جميع المؤسسات والحزب رهينة لديه. أخذت سياسة حافة الهاوية التي كان ينتهجها، البلاد إلى الهاوية، فصراعه مع القضاء والفساد المستشري في جميع المؤسسات ولجوؤه إلى النظام الرئاسي ومعاملته لرئيس الوزراء كخادم شخصي له وتراجع الوضع الاقتصادي، كل ذلك أرسل رسائل تحذيرية ودق ناقوس الخطر في جميع أرجاء البلاد. ونرى أن الوقت قد حان للتغيير وسوف يحدث هذا التغيير.

* ما هو التغيير الذي ترى أنه يجب أن يحدث في التركيبة السياسية الحالية؟

- هناك كثير من الخيارات التي يتيحها التغيير الديمقراطي. وسيكون هذا تغييرا سياسيا، ونحن لن نقف كعقبة في وجهه، بل سنؤيده. وقد يكون هناك تغيير في البرلمان ويرغم رئيس الوزراء على تقديم استقالته. كما أن انتخابات التجديد النصفي خيار آخر متاح، وإذا جاء تحالف آخر إلى السلطة، فسوف نعمل على ضمان أن يوافق على إجراء انتخابات تجديد نصفي.

* ولكن ألن يؤدي هذا إلى تعطيل النظام؟

- لا، لا يمكنك المساواة بين دعم النظام ودعم آصف زرداري. الآن لدينا كثير من الخيارات. إن جمال الديمقراطية يكمن في أنها توفر آليات لإحداث التغيير السلمي. وسيكون هناك تغيير ملموس، ونحن نعمل من أجل تحقيق ذلك. نحن نريد حكما رشيدا وحزبنا مشغول الآن بوضع خطط لعمله المستقبلي.

* هل يمكنك توضيح ما هي خططكم المستقبلية؟

- أولا يجب استعادة ثقة المواطنين، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال ما تقدمه نماذج الشخصيات الحاكمة، فعليهم أن يظهروا للمواطنين في هذا البلد أنهم منهم ويجب أن تكون هناك مساءلة للجميع، ويجب أن تكون هناك شفافية وحكم رشيد وأن يسود القانون، وعلى الحكومة أن تثبت أنها سوف تلتزم بهذه القواعد.

لقد شكلنا لجان عمل لإعداد خارطة طريق للمستقبل. وسوف يكون هناك تغير كبير في السيناريو السياسي للبلاد. لقد ناقشنا وتقريبا قررنا أننا إذا ما وصلنا إلى السلطة فسوف نوضح بجلاء أن هذه ستكون حكومتنا وانتخاباتنا الأخيرة. وسوف يعلن نواز شريف في أول خطاب له (كرئيس للوزراء) «أنني ليس لدي عائلة، ولا أصدقاء ولا أعمال». هذا هو الالتزام الذي نود أن يعطيه قائدنا للشعب الباكستاني. وما لم يغير الحكام موقفهم وسياساتهم ويعملون بتفان، فإن الوضع في باكستان لن يتحسن. والأحزاب السياسية مسؤولة عن رعاية مصالح المواطنين والارتفاع فوق المصالح الشخصية والسياسية أو غيرها.