رئاسة الاتحاد الأوروبي لـ «الشرق الأوسط»: حزمة قوانين جديدة تنظم استقدام العمالة الأجنبية

قالت إن «القارة تشيخ عاما بعد عام.. وحريصون على الهجرة الشرعية»

TT

في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قالت الرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي إنها انتهت من إعداد حزمة مقترحات لقوانين تتعلق بتنظيم الهجرة الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الهجرة والإدماج البلجيكي ملكيور واتلي، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي هذه الفترة، إن بلاده أعدت حزمة من المقترحات، وهي الآن مطروحة على البرلمان الأوروبي والمجلس الوزاري، تتعلق باستقدام العمالة الأجنبية من خارج دول الاتحاد الأوروبي، وحول الهجرة للعمل بشكل مؤقت، والهجرة الجوالة التي لها الحق في العمل في أكثر من دولة بالاتحاد الأوروبي. وأضاف في تصريحات على هامش مؤتمر حول سياسات الهجرة انعقد ببروكسل «كما تعلمون، أوروبا تشيخ، وعاما بعد عام يزداد معدل الشيخوخة، وبالتالي نحتاج إلى العمالة الأجنبية الشرعية للعمل، ودعم التنمية في أوروبا، ولهذا حرصنا على تقنين الهجرة الشرعية، ونعمل من أجل مصلحة الطرفين الأوروبيين والمهاجرين، مع احترام القوانين الداخلية لكل بلد».

ويعتبر ملف الهجرة في مقدمة الملفات التي يوليها الاتحاد الأوروبي اهتماما بين الحين والآخر، خاصة بعد اعتماد سياسة أوروبية موحدة في هذا الصدد قبل عشر سنوات، وتخضع لتعديلات حسب المستجدات، وهناك أيضا ما يعرف بالميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، الذي جرى اعتماده في 2008، وتجري مناقشته بشكل سنوي.. وفي هذا الإطار جاء مؤتمر حول سياسة الهجرة القانونية للاتحاد الأوروبي، ونظمته في بروكسل (الجمعة) الرئاسة البلجيكية الحالية للاتحاد، حول الأثر الاقتصادي للهجرة القانونية، واحتياجات سوق العمل الأوروبية، والحاجة إلى تحسين العمل المشترك والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وأطراف خارجية. وتركزت المناقشات بين الأطراف المشاركة في المؤتمر وخصصت ورش عمل لموضوعات مثل البعد الديموغرافي والاقتصادي للهجرة إلى جانب التحدي السياسي والبعد الخارجي.

وعلى هامش المؤتمر، قالت سيسليا مالمستروم، مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية «من المهم جدا أن نجتمع لبحث ملف الهجرة الشرعية والإدماج، وهي نقاط أساسية في أجندة الاتحاد الأوروبي، ولدينا استراتيجيات عدة في مجال تقنين الهجرة الشرعية وتنسيق العمل مع الدول المصدرة للهجرة، ونعمل حتى تكون لها نتائج إيجابية على الجانبين».

وعرفت أوروبا الهجرة القانونية أو الهجرة الشرعية قبل ما يقرب من نصف قرن، عندما استقدمت الأيدي العاملة من دول عربية وإسلامية، خاصة من المغرب وتركيا، لإعادة بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية. ويقول بلحاج حبيبي، أحد المهاجرين القدامى إلى بلجيكا، إن الظروف الآن مختلفة عن الوقت الذي هاجر فيه إلى بلجيكا قبل عقود وعمل في مهن مختلفة، منها سائق للتاكسي وسائق للترام وغيرهما، ومن بين المهاجرين القدامى هناك من نجح وحقق ذاته ومنهم من فشل في ذلك.. «لكن الوضع الآن أصبح صعبا للمهاجرين الجدد لإيجاد العمل المناسب. والمهاجرون العرب أصبحوا يفضلون دول الخليج». ويقول مغربي آخر يدعى الوفدي مصطفى إنه جاء إلى بلجيكا وعمل في معامل عدة، لكنه كان يفتقد بعض الأمور مثل الأهل والأصدقاء ومعاناة الغربة، كما أن المثقفين لم يجدوا الفرص اللائقة بهم للعمل.. أما الآن فأصبحت أوروبا تعتمد على العمالة القادمة من أوروبا الشرقية، لكن في الوقت نفسه يعترف الاتحاد الأوروبي بأنه في حاجة إلى العقول والكفاءات العربية. وحسب البعض من المراقبين في بروكسل فإنه بعد وصول المهاجر القانوني أو الشرعي إلى الدول الأوروبية يواجه أمرا صعبا للغاية يتعلق بكيفية إدماجه في المجتمعات الأوروبية. ويقول بلحاج حبيبي إن السلطات البلجيكية وفرت لهم كل سبل الحياة الكريمة، ونجح البعض منهم في الاندماج، والبعض الآخر ظل متمسكا بهويته العربية، بينما هناك نوع آخر حافظ على هويته وفي نفس الوقت اندمج في المجتمع البلجيكي. أما المواطن الأوروبي فهو بدوره يرحب بالهجرة الشرعية، لكنه يرى أن الظروف حاليا في أوروبا لا تشجع على ذلك، ولا بد من الإعداد الجيد والرقابة. وتقول فتاة بريطانية مقيمة في بروكسل «الهجرة مهمة جدا لأوروبا، لكن الظروف الحالية صعبة، ويجب أن تكون هناك مراقبة لاستقدام المهاجرين حتى لا تتأثر سوق العمل الأوروبية، وعلينا أن نعترف بأن بعض الأعمال يرفض الأوروبيون القيام بها، وعلينا تحقيق التوازن»، واتفق معها في الرأي جان بيير البلجيكي، الذي قال إنه لا بد من التنسيق والعمل المشترك الأوروبي في هذا الصدد.

ويقول البعض إن أوروبا قارة تشيخ، ومعدل الولادة فيها ما فتئ يتضاءل منذ سنوات، وهي بالتالي في حاجة إلى يد عاملة شابة لا تجدها إلا في المهاجرين. وبالتزامن مع جهودها لمواجهة الهجرة غير الشرعية تسعى لاستقدام أصحاب الكفاءات والشهادات العلمية والحرف المختلفة للعمل بعقود محددة في دول الاتحاد، ويأتي ذلك على الرغم من المعاناة بسبب البطالة التي تواجهها بعض الدول الأعضاء.