السودان يقرر عدم مشاركة البشير في القمة الأوروبية الأفريقية بليبيا

مصادر: طرابلس والخرطوم أعدتا سيناريو لتغييب الرئيس بعد ضغوط غربية

TT

أعلن وزير الخارجية السوداني علي كرتي في طرابلس، أمس، أن بلاده لن تشارك في القمة الأوروبية الأفريقية المقررة اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء في العاصمة الليبية.

وقال الوزير السوداني إن الرئيس السوداني عمر البشير «لن يشارك في هذه القمة، ونحن ننسحب من الاجتماع، والسودان لن يكون ممثلا على أي مستوى».

وأضاف أن الرئيس السوداني قرر عدم المشاركة في القمة «لعدم إحراج السلطات الليبية»، مشيرا إلى «ضغوط أوروبية». وأوضح الوزير كرتي أيضا أنه غادر اجتماعا مع نظرائه الأفارقة الذين كانون يعدون موقفا أفريقيا مشتركا من القمة، بعد أن تلقى «تعليمات من الخرطوم بمغادرة الاجتماع».

إلى ذلك، قالت مصادر إن طرابلس والخرطوم أعدتا سيناريو لتغييب الرئيس السوداني عمر البشير عن حضور قمة فرنسا أفريقيا المقرر لها اليوم، لتفادي الحرج، بعد نحو عامين من إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر باعتقال البشير بتهم تدبير إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور، فيما أشارت المصادر إلى ضغوط غربية على ليبيا بشأن مشاركة الرئيس السوداني في هذه القمة.

وحسب المصادر هيمنت أمس مسألة مشاركة الرئيس البشير من عدمها على الأجواء التحضيرية للقمة الأفريقية الأوروبية الثالثة التي ستبدأ أعمالها اليوم وتستمر على مدى يومين بمركز المؤتمرات بغابة النصر في منطقة باب بن غشير في العاصمة الليبية طرابلس، بمشاركة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وقادة معظم الدول الأفريقية.

ومن المنتظر أن يفتتح اليوم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي القمة التي ستعقد تحت عنوان «الاستثمار والنمو الاقتصادي وخلق وظائف عمل»، بمشاركة نحو 80 زعيما ورئيس دولة وحكومة من دول الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ورئيس المفوضية الأفريقية جون بينغ ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبيوي.

وفيما تلقت «الشرق الأوسط» معلومات من مصادر ليبية وغربية رفيعة المستوى في طرابلس عن ضغوط أوروبية مكثفة تتعرض لها ليبيا باعتبارها الدولة المضيفة للقمة، تزايدت أمس الشكوك حول احتمال حضور البشير أعمال هذه القمة بعدما أعلنت وكالة «ليبيا برس» في نبأ مفاجئ وعاجل أن «الرئيس السوداني المعرض للملاحقة القانونية من قبل المحاكمة الدولية الجنائية على خلفية مزاعم بارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور المضطرب منذ سنوات بغرب السودان، لن يحضر القمة الأفريقية الأوروبية».

واعترف مسؤول ليبي بارز لـ«الشرق الأوسط» بتلقي بلاده طلبات من عدة دول رفض تسميتها مشاركة في القمة، تعترض على حضور الرئيس السوداني أعمال هذه القمة، مؤكدا في المقابل أن بلاده لا تملك أن تطلب من البشير عدم الحضور بعد تلقيه دعوة رسمية للمشاركة. وقال المسؤول الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» من العاصمة الليبية مشترطا عدم تعريفه: «ليس سرا أن البعض لا يريد وجود البشير في القمة، نحن من جانبنا نرفض ما يتعرض له ونتضامن معه، لكننا لسنا طرفا في المسألة برمتها».

وأبلغ دبلوماسي غربي مشارك في قمة طرابلس «الشرق الأوسط» أن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي هو من يقف وراء محاولات منع البشير من حضور القمة، لافتا إلى أن ساركوزي قرر مع نظيره المصري حسني مبارك تحويل قمة فرنسا - أفريقيا الأخيرة التي كانت مقررة في شرم الشيخ، إلى مدينة نيس الفرنسية تفاديا لمشاركة البشير.

وكان ساركوزي قد وجه فعلا رسالة إلى الرئيس البشير قبل هذه القمة يدعوه فيها إلى تعيين شخصية تمثل السودان في اجتماع نيس.

وبدا أمس أن سيناريو تغييب البشير بمحض إرادته وبسبب خلافات إجرائية حول الإذن لطائرته بالهبوط في مطار طرابلس الدولي، هو الحل السحري للخروج من هذه الأزمة التي تهدد نجاح مساعي الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لتعزيز العلاقات بين فرنسا والقارة الأفريقية.

وتأتي التسريبات الليبية باحتمال تغيب البشير عن قمة طرابلس متناقضة مع تأكيدات ثابو مبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق بأن البشير سيحضر اجتماع قمة أفريقيا أوروبا، مضيفا «هناك اجتماع قمة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في ليبيا.. وعلى الرئيس البشير الذهاب إلى هناك لحضور تلك القمة التي سيعقبها على الفور اجتماع قمة لمجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي».

وكان وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية كمال حسن علي، قد أكد لسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الأوروبية في الخرطوم، اعتزام الرئيس البشير المشاركة في قمة طرابلس، لكنهم في المقابل أعلنوا معارضتهم لحضوره كما هددوا بالانسحاب من القمة في حال حضوره.

وتستضيف ليبيا الاجتماع بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي وهي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها كما أنها غير ملزمة باعتقال البشير فور دخوله أراضيها.