زيارة الحريري إلى طهران تحيي اللجنة اللبنانية ـ الإيرانية العليا

وزير الدفاع الإيراني يبدي الاستعداد لدعم الجيش اللبناني.. وينتقد المحكمة الدولية

رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، يستمع إلى شروحات وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي، خلال زيارته معرضا عسكريا أقامته الوزارة في طهران، أمس (أ.ب)
TT

أثمرت الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى طهران إعادة إحياء اللجنة اللبنانية - الإيرانية العليا التي ستبدأ اجتماعاتها خلال شهرين لإعادة إطلاق المشاريع المشتركة المجمدة، التي ستكون مناسبة لزيارة ثانية سيقوم بها الحريري إلى طهران في فبراير (شباط) المقبل، كما أوضحت مصادر الوفد اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، معتبرة أن «وضع العلاقات الثنائية على سكة المؤسسات الرسمية بين البلدين هو أولى إنجازات الزيارة»، ناقلة عن الرئيس الحريري تأكيده على ضرورة «الربط التجاري والاقتصادي والثقافي بين البلدين كخطوة لازمة لإحياء العلاقة الرسمية بينهما من منطلق دولة لدولة»، مكررة التشديد على أن الحريري لن يطلب من القيادة الإيرانية التوسط في أي موضوع داخلي، في إشارة إلى الخلاف القائم حول موضوع القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين الإيرانيين أكدوا أمام الحريري على التزامهم باستقرار لبنان باستعمال عبارة: «إن استقرار لبنان وأمنه هو من أمن واستقرار إيران»، ونقلت عن نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي قوله للحريري: «نحن نتطلع لكي تكون زيارتكم نقطة تحول في العلاقات اللبنانية - الإيرانية، ونرى أن دولتكم تمثلون كل لبنان وواجبنا أن نقف إلى جانبكم بقوة».

وفي أول موقف رسمي إيراني من موضوع المحكمة الدولية خلال زيارة الحريري، قال وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي إن منفذي اغتيال الرئيس رفيق الحريري «هم من أعداء لبنان»، موجها الانتقاد إلى المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشأتها الأمم المتحدة لمحاكمة قتلة رفيق الحريري قائلا: «إنها تهدف إلى إفساح المجال للبعض في خارج البلاد لأخذ لبنان رهينة». وأكد وحيدي خلال استقباله الرئيس سعد الحريري في وزارة الدفاع الإيرانية أمس استعداد بلاده لـ«التعاون مع الجيش اللبناني»، مشيدا بـ«دور الجيش اللبناني في مواجهة إسرائيل»، قائلا: «لقد كنا فخورين عند رؤية اشتباكات الجيش اللبناني مع النظام الصهيوني، لأننا لاحظنا أن هذا الجيش يمكنه الدفاع عن حقوق الأمة اللبنانية». وقام وحيدي، في خطوة رمزية، بتقديم رشاش إيراني مذهب من نوع «توندار» للحريري. وبث التلفزيون الإيراني صورا لهذا السلاح الذي قدم في علبة من الخشب. من جهته، عبر الحريري عن الأمل في أن «تتيح زيارته تطوير التعاون بين إيران ولبنان في مجال الدفاع».

وكان الحريري تابع لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين أمس، فزار عصرا رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني، الذي رحب بالحريري وأشاد بالعلاقات اللبنانية - الإيرانية «التي كانت دائما على أعلى المستويات»، منوها بالدور المميز الذي لعبه الرئيس الراحل رفيق الحريري في ترسيخ هذه العلاقات.

من ناحيته، شكر الحريري لاريجاني على الاستقبال الحار الذي لقيه خلال اللقاءات التي أجراها مع المسؤولين الإيرانيين وقال: «لقد شعرنا خلال جميع اللقاءات أننا في بلدنا، وقد أردت زيارة إيران في هذه المرحلة لتدعيم العلاقات بين البلدين، لأهمية قيام هذه العلاقة بين المؤسسات في كلا البلدين».

وكان الحريري وعدد من أعضاء الوفد اللبناني المرافق ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في بيروت محمد شقير قد زاروا مصنع سيارات إيران «خودرو»، وقام بجولة ميدانية في أرجائه، واستمع إلى عرض مفصل حول كيفية تصنيع وتجميع سيارات «سورين» في إيران. ولدى انتهاء الجولة قدم القيمون على المصنع سيارة هدية للرئيس الحريري الذي حيا «الشعب والحكومة الإيرانيين وفخامة الرئيس أحمدي نجاد على الإنجازات التي يقومون بها، التي يجب أن تكون مدعاة فخر، خاصة هذا المصنع، حيث يتم تصنيع أنواع عدة من السيارات»، وأضاف: «نحن هنا لتدعيم العلاقات بين لبنان وإيران.. بين الحكومة اللبنانية والحكومة الإيرانية، ولمأسسة هذه العلاقات لكي تكون علاقات مميزة بإذن الله. نحن نشكر إيران أيضا لوقوفها سياسيا إلى جانب لبنان في كل الأوقات الصعبة.. وقد زرت اليوم وزارة الدفاع، وهذا أمر يجب أن تكونوا فخورين به في إيران.. وإن شاء الله نشهد تعاونا بين الدولتين الإيرانية واللبنانية في كل المجالات، فنحن وإياهم منفتحون على ذلك، ويجب أن نطور هذا الأمر من خلال عمل دؤوب تقوم به الحكومة اللبنانية، وسنفعل أيضا عمل اللجنة العليا بين البلدين، ونتمنى أن تكون العلاقة بين البلدين على مستوى المؤسسات بين كل الوزارات اللبنانية والإيرانية».

وأكدت مصادر في الوفد اللبناني أن الحريري شدد في لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين على أن «المسار السعودي - السوري هو المسار الذي نراهن عليه من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية في ما خص الأزمة الداخلية»، وأشارت المصادر إلى أن الجانب الإيراني أكد بدوره على تأييد هذا المسار، معتبرين أن الوحدة الوطنية الداخلية أمر مهم وأساسي في مواجهة التحديات والمخاطر الإسرائيلية، مشيدين بـ«حكمة الرئيس الحريري في مقاربة القضايا الخلافية الداخلية».

وأشارت المصادر إلى أن موضوع المحكمة الدولية تم طرحه من قبل الجانب الإيراني من زاوية أن إيران هي مع العدالة، لكنهم أشاروا إلى أن «هناك من يريد استغلالها من أجل افتعال الفتنة»، فرد الحريري قائلا: «الفتنة لا يمكن أن تحصل ما دام أن القيادات اللبنانية واعية بأن هناك جهات تريد حصول هذه الفتنة، فمصير الفتنة في أيدينا ولبنان لن يقع فيها».