قيادي في الائتلاف الوطني لـ «الشرق الأوسط»: سوق للحقائب الوزارية وعملاء يتفاوضون بين الكتل

وزارات النفط والمالية والتجارة هي الأغلى وقد يصل سعرها إلى 7 ملايين دولار

عمال نفط عراقيون في حقل القرنة النفطي بالبصرة أمس. وتسعى الكتل السياسية إلى الحصول على وزارة النفط باعتبارها إحدى الوزارات السيادية (أ.ب)
TT

كشف قيادي في الائتلاف الوطني العراقي، برئاسة عمار الحكيم، عن وجود «سوق سرية لبيع وشراء الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة»، مشيرا إلى أن هذه السوق نشط عملها قبل أن يتم التكليف الرسمي من قبل الرئيس جلال طالباني لنوري المالكي بتشكيل الحكومة.

وقال القيادي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، إن «كل ما يتطلبه السوق من شروط متوافر في عملية بيع وشراء الحقائب الوزارية، وأعني وجود سماسرة لتسهيل عمليات البيع والشراء، ومفاوضين لهم صلاحيات طرح سقوف معينة للأسعار»، مشيرا إلى أن «السماسرة الذين يتوسطون في بيع وشراء الحقائب الوزارية هم الأكثر استفادة ماديا، إذ يأخذون عمولة من الطرفين، البائع والمشتري».

وأضاف القيادي في الائتلاف الوطني، الذي فضل عدم نشر اسمه خشية «من خسارة حقيبة وزارية وُعدت بها»، على حد تعبيره، بأن «أسعار الوزارات السيادية تراوحت بين خمسة وسبعة ملايين دولار، وأن التعامل حول هذه الوزارات يتم بين كتل سياسية معينة وليس بين أشخاص مرشحين لتسلم حقائب وزارية».

وأوضح القيادي أن أعضاء في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، المكلف برئاسة مجلس الوزراء، على صلة بهؤلاء السماسرة، حيث يسربون بعض الأنباء عن ترشيح هذا وذاك لوزارات معينة، مقابل ما يسمونه بالمكافآت أو الهدايا، والتي هي «عبارة عن مبالغ مالية تدفع بالدولار الأميركي»، منبها إلى أن «من ينتظر ترشيحه لتسلم حقيبة وزارية معينة سيكون كريما في هديته المالية إذا ما عرف بترشيحه، ويدفع المكافأة حتى قبل أن يتأكد من صحة المعلومة تماما».

وأشار القيادي في الائتلاف الوطني إلى أن «هؤلاء السماسرة قسموا الوزارات إلى مربحة وغير مربحة، ومربحة جدا وأخرى مربحة بصورة اعتيادية، وعلى ضوء ذلك يتم التعامل مع البائع والمشتري وتحديد الأسعار وعقد الصفقة»، منوها إلى أن «وزارات النفط والمالية والتجارة هي الأغلى على الإطلاق في السوق أو المزاد السري للحقائب الوزارية». وقال «إن الموائد العامرة في بعض البيوت والمكاتب عادت للازدهار مع اللقاءات والاجتماعات المحدودة للتداول في موضوع الحقائب الوزارية وتوزيعها، وأن هذه اللقاءات قد تمتد إلى ساعات مبكرة من الصباح».

ونقل القيادي في الائتلاف الوطني عن «قياديين في المجلس الأعلى الإسلامي تمسكهم بوزارة المالية، على أن تسند ثانية للقيادي في المجلس باقر جبر صولاغ، وقد تم إبلاغهم من قبل حزب الدعوة بأن وزارة المالية كانت من نصيب المجلس الأعلى للسنوات الأربع الماضية وقد تم الاستفادة منها لصالح المجلس، وأنه سيتم إسنادها لكتلة أخرى بحاجة لأن تحسن أوضاعها المالية، وقد تكون الكتلة الصدرية التي تطالب بوزارة سيادية، وأن المجلس طالب حزب الدعوة بعدم الاحتفاظ بوزارة النفط أو التجارة اللتين تشكلان مصدرا ماليا جيدا لحزب المالكي».

وأفاد القيادي في الائتلاف الوطني بأن «ائتلاف (العراقية) والتحالف الكردستاني بعيدان حتى الآن عن هذا البازار، فـ(العراقية) تعرف ما تريد وسوف تحصل تقريبا على ما تريد من الوزارات السيادية، فهي تطالب بوزارة النفط، التي تعد الحقيبة الأغلى في سوق التعامل الوزاري، إذ بلغ سعرها سبعة ملايين دولار، أو المالية، وهي وزارة غالية أيضا، وأن توزيع الحقائب الوزارية الأخرى المخصصة لـ(العراقية) سيتم بالاتفاق بين قياديي الكتل المؤتلفة فيها، في حين أن التحالف الكردستاني لم يحسم حتى الآن مطالبه من الوزارات، وطالب ببقاء الخارجية لهم، وهذا تقريبا ما سيتحقق لهم، وهذا يعني خروج هاتين الكتلتين من سوق التعامل الوزاري وبقاء الصراع بين الكتل والأحزاب الشيعية والحزب الإسلامي الذي له ستة مقاعد لا تؤهله لتسلم حقيبة سيادية».

ووصف عملية بيع وشراء الوزارات السيادية بين الكتل الكبيرة بأنها «اتفاقات الكبار الذين لا يتوانون عن دفع ملايين الدولارات من أجل الحصول على وزارات تبيض ذهبا، أما سوق الحقائب الوزارية الاعتيادية فيتم التعامل به بين مرشحين أو غير مرشحين لتسلم أية حقيبة، وهؤلاء يدفعون مقابل التوسط لهم عند الكبار للحصول على منصب الوزير، وتتم هذه العمليات عادة بين أعضاء الكتلة الواحدة»، منبها إلى أن «التيار الصدري سوف يتصدى بقوة لحزب الدعوة من أجل الحصول على ما يريد، إذ يعتبرون هذه الحقبة فرصتهم الثمينة ولا يريدون خسارتها، بينما سيكون المجلس الأعلى أكثر الخاسرين في هذه العملية».

وحول الأشخاص الذين يلعبون دور المفاوضين أو السماسرة في عمليات بيع وشراء الوزارات، قال «هؤلاء هم من المقربين لقيادات في كتل مختلفة، ويتزاورون بين أعضاء هذه الكتل لمعرفة آخر أخبار الترشيحات، وبينهم من يتحدث باسم الطائفة أو المكون الأكبر، حيث يجيدون لعبة التفاوض والتجارة، كونهم يؤمنون بأن كل شيء قابل للتجارة وخاصة المناصب الحكومية ما دامت تأتي بالمورد لأصحابها».

يذكر أن سامي العسكري، القيادي في ائتلاف دولة القانون، ومحمود عثمان، القيادي في التحالف الكردستاني، أوضحا من خلال تصريحات إعلامية ببغداد، أن «مسألة بيع وشراء الحقائب الوزارية، والسيادية منها خاصة، تحتاج إلى التحقيق بين الكتل السياسية لمعرفة الحقيقة».