الداخلية السعودية: دور النساء في «القاعدة» يتركز في 3 محاور رئيسية

اللواء التركي لـ «الشرق الأوسط»: غالبية المقبوض عليهن إما متزوجات أو أرامل

TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية، على أن دور المرأة في تنظيم القاعدة يتركز في ثلاثة محاور، تتمثل في جمع التبرعات، ونشر الفكر الضال، وإيواء المغرر بهم من أقاربهن، وذلك في ما يتعلق بالحالات التي تعاملت معها أجهزة الأمن في المملكة.

جاء ذلك تعليقا على بيان أصدرته وزارة الداخلية السعودية يوم الجمعة الماضي، وأعلنت فيه عن إيقاف نحو 149 شخصا ممن لهم علاقة بالأنشطة الضالة كانوا يشكلون خلايا إرهابية، من بينهم امرأة تم القبض عليها ضمن عدد ممن يستخدمون الشبكة العنكبوتية لبث دعايات عن الفكر الضال.

ووصف اللواء منصور التركي عدد النساء اللاتي ثبت تورطهن في تنظيمات إرهابية بأنه «محدود للغاية»، مشيرا إلى أن معظم هؤلاء النساء هن في الغالب إما متزوجات أو أرامل، باستثناء امرأة واحدة منهن فقط كانت غير متزوجة.

وحول كيفية التغرير بالنساء من قبل الجماعات الإرهابية في ظل تسترهم بالدين الإسلامي وتشددهم في تعاليمه، أفاد بأن معظم الحالات النسائية المغرر بها اقتصرت على قريبات المغرر بهم من الرجال، غير أنه في حالة واحدة أو أكثر تأثرت المرأة بالفكر الضال نتيجة لتصفح مواقع تخدم أغراض الفئة الضالة.

وبالنسبة للعقوبات التي من الممكن إنزالها بأي امرأة يتم التأكد من علاقتها بتنظيم القاعدة، أبان المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية بأن تلك العقوبات يقررها القضاء، حيث إنه ليس هناك فرق في ذلك بين الرجال والنساء.

لكنه استدرك بالقول «إن الجهات الأمنية تحرص على إطلاق سراح النساء بعد استجوابهن بكفالة، بضمان مكان إقامتهن، حتى الانتهاء من التحقيقات وتحديد ما يثبت عليهن من تهم»، مبينا أن المرأة التي تم إلقاء القبض عليها ضمن آخر اكتشاف للخلايا الإرهابية يوم الجمعة الماضي تمثل دورها في نشر الفكر الضال عبر شبكة الإنترنت.

ومنذ أن صدرت نشرة «صوت الجهاد» التابعة لتنظيم القاعدة عام 2003 وحتى اختفت بفعل الضربات الأمنية المتتالية للتنظيم في السعودية، كان الصوت النسائي فيها شبه معدوم، ما عدا مجلة «الخنساء»، التي ما إن صدر عددها الأول حتى اختفت حيث كانت تقودها «أم أسامة» - مصرية الجنسية - وكانت تنادي النساء بنصرة المجاهدين في مهام لا تتجاوز الطبخ والدعم المادي فقط، وهو ما دفع بنساء أعضاء تنظيم القاعدة إلى الظهور من خلال بعض المواقع الإلكترونية تحت أسماء مستعارة، ولم تتبين هويتهن إلا بعد القبض أو قتل أزواجهن.

وفاء الشهري وهيلة القصير كانتا من أشهر الشخصيات النسائية المتطرفة، بسبب الإعلان عن شخصيتيهما، إلى جانب زوجة المطلوب قائد تنظيم القاعدة سابقا في السعودية صالح العوفي، والذي لقي حتفه على يد قوات الأمن في السادس من أبريل (نيسان) عام 2005.

قصة زوجة العوفي كانت مغايرة، حيث هرب زوجها مع مجموعة من الإرهابيين تاركين وراءهم زوجته وأبناءه حتى تم القبض عليهم، إلا أن زوجته في تلك الفترة كانت متعاونة ومعينة له، في ظل تنقلها معه والمجموعات الإرهابية من منزل لآخر حتى تم القبض عليها في عام 2004.

وبعد مجريات التحقيق مع زوجة العوفي، تم توجيه عدد من التهم لها، من ضمنها وجودها في موقع لتخزين الأسلحة يحوي مطلوبين أمنيا، إلى جانب تسترها على أعمالهم وموافقتها على بقاء أطفالها الثلاثة في موقع خطر من دون مراعاة حالتهم السيئة. ثم أصدر وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز قرارا بإطلاق سراحها. وقد تم إنهاء إجراءات ذلك بحضور شقيقها نايف، وروعي في إطلاق سراحها وضعها كامرأة وحاجة أبنائها لرعايتها وإعادة تأهيلهم نفسيا بعد ما شاهدوه من اشتباكات في مقر إقامتهم.

ومنذ عام 2006 تقريبا، انتهى الحديث عن الدور النسائي في تنظيم القاعدة، عدا استخدام الإرهابيين الذكور للأزياء النسائية للتخفي، إضافة إلى تقارير أمنية عن استخدام بعض الإرهابيين لزوجاتهم أو أمهاتهم للسفر بهن إلى دول مجاورة بهدف شراء الأسلحة وتهريبها.

أول عودة للدور النسائي منذ ذلك الوقت جاءت على يد وفاء الشهري، زوجة سعيد الشهري نائب قائد تنظيم القاعدة في اليمن حاليا، حيث تجسدت تلك العودة في نداءات لزوجات الإرهابيين من أجل اللحاق بأزواجهن إلى اليمن مناصرة لهن.

وكانت وفاء الشهري قد غادرت مسكن والدها بحي النسيم شرق الرياض إلى اليمن يوم العاصفة الترابية التي شهدتها العاصمة السعودية، وحجبت الرؤية كليا، مما أدى إلى اختفائها مع أبنائها الثلاثة، لتظهر بعد ذلك في اليمن ضمن حوار بث عبر الإنترنت بأحد المواقع القريبة من «القاعدة في جزيرة العرب»، وأطلقت على نفسها اسم «أم هاجر الأزدي».

أما هيلة القصير فكانت قد تمكنت خلال العامين الماضيين من جمع تبرعات للتنظيم في اليمن، عن طريق الحصول على حلي ومجوهرات ومبالغ مالية تحت غطاء بناء مساجد ودور أيتام هناك، وذلك وفق ما أعلنت عنه في وقت سابق مصادر أمنية مسؤولة، والتي أكدت على أن القصير كانت مسؤولة عن قيادة أكثر من 60 عنصرا متورطا في العمليات الإرهابية، إضافة إلى إيوائها للمطلوبين في منازل آمنة.

وقامت القصير بتحويل مبالغ مالية (فاقت الـ600 ألف ريال) إلى تنظيم القاعدة في اليمن عبر عمليات غسل أموال، في حين لفتت المصادر آنذاك إلى أن هيلة كان لها دور كبير في تسلل وفاء الشهري «أم هاجر الأزدي» إلى اليمن، مؤدية مهمات التنسيق للرجل الثاني في تنظيم القاعدة باليمن سعيد الشهري زوج وفاء.

وأكدت المصادر ذاتها أن هيلة القصير كانت تستجلب صغيرات السن من ذوي المطلوبين أمنيا لإدراجهن في التنظيم بشكل أو بآخر، سواء عبر توفير الدعم المادي أو المعلومات عن ذوي المطلوبين وأحوالهم، فضلا عن محاولاتها استقطاب عدد من زوجات المطلوبين وأخواتهم للحاق بهم في اليمن كما فعلت مع زوجة سعيد الشهري.

المرأة التي أعلنت الجهات الأمنية يوم الجمعة الماضي عن إلقاء القبض عليها والتي عرفت باسم «بنت نجد» هي المسؤولة الإعلامية لتنظيم القاعدة على الإنترنت، حيث تم اكتشاف دخولها بأسماء مستعارة وتزويدها لمواقع المتطرفين بالتسجيلات الصوتية والمرئية والبيانات الرسمية للتنظيم وبثها بواسطة تلك المواقع.

من جهته، ذكر اللواء المتقاعد يحيى الزايدي، أحد الخبراء الأمنيين في السعودية، أن المرأة قد تستغل لأسباب كثيرة خصوصا إذا لم تكن تلم بثقافة واسعة، موضحا أن المجتمع السعودي عادة ما يصرف النظر عن النساء في ظل الاعتقاد بعدم قدرتهن على ارتكاب جرائم من هذا النوع.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تعد المرأة جزءا من المجتمع، ولا تختلف عن الرجل بأي شيء، حتى من ناحية التعصب لمذهب أو فكر معين، إلا أن الخصوصية التي تتمتع بها في السعودية من شأنها أن تجعل استغلالها أمرا سهلا»، مشيرا إلى أن احترامها ومنع الاحتكاك بها كونها تعتبر حدا ليس من السهل الاعتداء عليه قد يسهّل عملية التغرير بها واستخدامها في مثل تلك الجرائم.

وشدد على ضرورة وجود وعي بثقافة الجريمة لدى المجتمع، إلى جانب عدم استثناء أي عنصر من احتمالية تورطه في الأعمال الإرهابية بما في ذلك المرأة، لافتا في الوقت نفسه إلى أن النساء يسهل استعطافهن في تجمعاتهن من أجل الحصول على موارد مالية قد تستخدم في تغذية وتمويل عمليات إجرامية إرهابية.

ودعا اللواء يحيى الزايدي إلى ضرورة إبلاغ الجهات المختصة بأي سلوك مشتبه به تفاديا لاستفحال الخطأ، في ظل وجود فئة من الناس تستغل الأمور الدينية والتشدد فيها لأهداف أخرى، لافتا إلى أن السعودية بشكل عام مستهدفة نتيجة استقرار أمنها واقتصادها ومجتمعها المحافظ.