الوثائق كشفت خوفا عربيا من إيران

قلق واسع بين قادة الدول العربية من أطماع إيران الإقليمية

TT

قالت أمس مصادر أميركية إن وثائق الخارجية الأميركية، التي كشفها، أول من أمس، موقع «ويكيليكس»، توضح أن الخوف من إيران لا يقتصر فقط على إسرائيل، ولكن، أيضا، على دول عربية.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»، الصحيفة الأميركية الوحيدة التي وفر لها موقع «ويكيليكس» الوثائق: «فسر دبلوماسيون أميركيون تصريحات لهم من وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أن إيران على وشك إنتاج قنبلة نووية بأنها ليست إلا نوعا من الضغط على الحكومة الأميركية. وكتب السفير الأميركي في إسرائيل، جيمس كاننغهام، أن باراك قال إن إيران ستنتج قنبلة نووية خلال ستة أو ثمانية عشر شهرا. وكان ذلك قبل سنة ونصف السنة.

وأشارت الصحيفة إلى وثائق تحتوي على تقييم الاستخبارات الأميركية لبرنامج إيران الصاروخي. وتكشف للمرة الأولى أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران حصلت على الصواريخ المتطورة من كوريا الشمالية. وأن هذا يمكن أن يسمح لإيران بضرب العواصم الأوروبية الغربية وموسكو. وأيضا، يمكن أن يساعد إيران على تطوير المزيد من الصواريخ بعيدة المدى.

وقالت الصحيفة: «أوضحت الوثائق أن إدارتي الرئيسين بوش الابن وباراك أوباما تعرضتا لضغوط من جميع الأطراف لمواجهة طهران. وتظهر كيف أن الرئيس بوش، الذي انشغل بتعقيدات حرب العراق، وبشكوك (أميركية) من أنه يخطط لهجوم على إيران، حاول، على أي حال، فرض عقوبات متواضعة على إيران. وأيضا، أوضحت الوثائق أن الرئيس أوباما، رغم تصميمه على الحوار مع إيران، وعد أيضا بزيادة الضغط على الإيرانيين. وجمع ائتلافا وافق على فرض مجموعة من العقوبات أقسى بكثير من أي محاولة من قبل».

وأشارت وثيقة من فبراير (شباط) من هذا العام إلى غداء عمل في باريس بين ايرفيه موران، وزير الدفاع الفرنسي، ووزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس. أثار موران هذا الموضوع «الحساس»، إذا كانت إسرائيل قد تضرب إيران من دون الدعم الأميركي. وأجاب غيتس «إنه لا يعرف إذا كانت ستكون ناجحة، ولكن إسرائيل يمكن أن تنفذ العملية».

ثم أضاف أن أي ضربة «يمكن أن تؤخر فقط خطط إيران لمدة سنة أو ثلاث سنوات. لكنها ستوحد الشعب الإيراني إلى الأبد، في مرارة، ضد المهاجم».

وقالت الصحيفة: «إلى حد ما، هذا الهوس العربي من إيران سببه تقسيم طائفي غير مستقر في العالم الإسلامي: بين الشيعة الذين يحكمون إيران، والسنة الذين يسيطرون على معظم أنحاء المنطقة. وقد وضح هذا التقسيم بعد غزو العراق، الذي نقل السيطرة الفعلية على الحكومة هناك من زعماء السنة إلى زعماء الشيعة. وزاد هذا من قلق كثير من الدول العربية من إيران».

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إنه، بالنسبة إلى الملف الإيراني، أيضا كشفت وثيقة نشرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة سنة 2009 أن استراتيجيتها للتفاوض مع إيران «لن تنجح». حدث ذلك خلال مراسلات بين عاموس جلعاد، مدير الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وايلين تاوشر، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية. وقال جلعاد إن دبلوماسية الرئيس أوباما التي تقوم على التفاوض «فكرة جيدة، ولكن من الواضح جدا أنها لن تنجح».

ونقل أمس تلفزيون «سي إن إن» أن «قلقا» واسعا بين قادة دول الخليج بشأن البرنامج النووي الإيراني كان أكثر المواضيع اهتماما في الوثائق التي وزعها موقع «ويكيليكس».

وتعكس العديد من الوثائق «قلقا واسعا» بين زعماء وقادة الدول العربية من أطماع إيران الإقليمية. وذكرت برقية أميركية أخرى أن الموقف الروسي حول الملف الإيراني يبقى «غامضا» بالنسبة للإسرائيليين. فيما تكشف الوثائق أن فرنسا تدعو بشكل واضح إلى الحزم.

وقد وصف جان - ديفيد ليفيت، المستشار الدبلوماسي للرئيس نيكولا ساركوزي، إيران بأنها «دولة فاشية»، في حديث مع مسؤول أميركي في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 2009.

وهذه البرقيات، عبارة عن عينة كبيرة من البرقيات المتبادلة يوميا بين وزارة الخارجية ونحو 270 سفارة وقنصلية أميركية. ويمكن القول إنها تمثل تسلسلا زمنيا لعلاقة الولايات المتحدة مع العالم، في عصر الحرب والإرهاب. ومن بين ما كشفت عنه هذه الوثائق، التي ستقوم صحيفة «نيويورك تايمز» بنشر محتوياتها بصورة مفصلة خلال الأيام المقبلة.

منها أزمة خطيرة بين باكستان والولايات المتحدة حول الوقود النووي: منذ عام 2007، تبذل الولايات المتحدة جهودا سرية للغاية، غير ناجحة حتى الآن، لإزالة كمية من اليورانيوم عالي التخصيب من مفاعل أبحاث باكستاني يخشى المسؤولون الأميركيون أن تستخدم في تطوير نووي غير مشروع. وتشير البرقيات إلى أنه في مايو (أيار) 2009، ذكرت السفيرة آن دبليو باترسون أن باكستان ترفض تحديد موعد لزيارة خبراء تقنيين أميركيين لأنه، كما يقول مسؤول باكستاني: «إذا نمت إلى علم وسائل الإعلام المحلية كلمة عن إزالة الوقود، فإنهم بالتأكيد سوف يصورون الأمر كما لو أن الولايات المتحدة استحوذت على الأسلحة النووية الباكستانية».

وكذلك الحديث عن انهيار تام ونهائي لكوريا الشمالية: ناقش مسؤولون أميركيون وكوريون جنوبيون آفاق توحيد كوريا في حال أدت الأزمات الاقتصادية وأزمة انتقال السلطة السياسية في كوريا الشمالية إلى انهيارها. حتى إن كوريا الجنوبية فكرت في تقديم حوافز تجارية للصين، لإغرائها للموافقة على هذا السيناريو، وفقا للسفير الأميركي في سيول. وقالت واشنطن في فبراير (شباط) إن المسؤولين الكوريين الجنوبيين يعتقدون أن صفقات تجارية «ستساعد على تهدئة» مخاوف «الصين من العيش بجوار كوريا الموحدة» التي ترتبط «بتحالف حميد» مع الولايات المتحدة.

وتتطرق إلي المداولات حول تفريغ سجن خليج غوانتانامو: عندما ضغط الدبلوماسيون الأميركيون على بلدان أخرى لإعادة توطين المعتقلين، أصبحوا مشاركين مترددين في سياسة وزارة الخارجية الأميركية القائلة «دعونا نتوصل إلى اتفاق». وتشير البرقيات إلى أن سلوفينيا طلب منها استقبال أحد معتقلي غوانتانامو إذا كانت ترغب في لقاء مع الرئيس أوباما، في حين أن دولة جزيرة كيريباتي تلقت حوافز مالية قيمتها ملايين الدولارات نظير استقبال معتقلي غوانتانامو الصينيين.