ويكيليكس يطلق شرارة أزمة دبلوماسية عالمية

مؤسس الموقع: تعيش حياتك مرة واحدة.. لم لا تفعل إذن شيئا مجديا؟

نسخة من الصحف العالمية التي غطت أمس تسريبات موقع «ويكيليكس» (أ.ف.ب - رويترز - إ.ب.أ)
TT

كشف موقع «ويكيليكس» أول من أمس عن نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية سارعت كبريات الصحف العالمية إلى نشر أعداد منها تكشف عن خفايا الاتصالات الدبلوماسية الأميركية. وسارع البيت الأبيض إلى التنديد بالعمل «غير المسؤول والخطير» لموقع «ويكيليكس»، معتبرا أن هذه الخطوة يمكن أن تعرض حياة كثيرين للخطر. وما تم الكشف عنه هو عبارة عن «ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية سرية»، وفق صحيفة «نيويورك تايمز». وحصلت الصحيفة على حق الاطلاع على وثائق «ويكيليكس»، مع 4 صحف ودوريات عالمية مهمة هي: «لوموند» الفرنسية، و«الغارديان» البريطانية، و«الباييس» الإسبانية، و«دير شبيغل» الألمانية، فيما لم تحصل قناة «الجزيرة» على حق النشر، («الجزيرة» وسيلة الإعلام العربية الوحيدة التي حصلت على حق نشر الوثائق السابقة التي تخص الحرب على العراق). صحيفة «نيويورك تايمز» قالت إن البرقيات المسربة «تقدم صورة غير مسبوقة للمفاوضات الخفية التي تقوم بها السفارات في العالم».

وقالت عواصم عالمية أمس أن موقع «ويكيليكس» أطلق شرارة أزمة دبلوماسية عالمية.

و«ويكيليكس» الذي أكد سابقا أنه تعرض لعملية قرصنة معلوماتية، بدأ أول من أمس بنشر عدد قياسي من الوثائق بلغ 251 ألفا و287 برقية دبلوماسية تغطي مرحلة تمتد من عام 1966 حتى فبراير (شباط) الماضي. وأثارت الوثائق السرية الجديدة التي نشرها موقع «ويكيليكس» الإلكتروني ونقلتها صحف عالمية وإسرائيلية، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية الدولية، بعد أن كشف الموقع الشهير عن ملفات تعد الأكثر سخونة، كملف العدوان الإسرائيلي على غزة، بالإضافة إلى خفايا وأسرار الملف النووي الإيراني، والعلاقات التركية - الإسرائيلية المتدهورة. وتحت عنوان «ربع مليون وثيقة مسربة تكشف نظرة الولايات المتحدة إلى العالم»، قدمت صحيفة «الغارديان» سلسلة عناوين أخرى، لتفاصيل عن الوثائق هذه، وخصصت لها الصفحات الـ10 الأولى. ويلفت الكاتبان إلى أن الكشف هذا، الذي جاء في مذكرات سرية أرسلتها السفارات الأميركية في العالم العربي يعرض الضغوط خلف الكواليس في السعي لاحتواء إيران التي تشتبه الولايات المتحدة وإسرائيل بعزمها امتلاك أسلحة نووية. ولطالما اعتبر ضرب إيران الملاذ الأخير الذي يمكن أن يطلق شرارة حرب أوسع. كما تسلط الوثائق الضوء على القلق الإسرائيلي على أحادية تفوقها النووي في المنطقة، واستعدادها للتحرك وحيدة في وجه إيران، وكذلك مساعيها اللامحدودة للتأثير على السياسة الخارجية الأميركية.

وقدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في يونيو (حزيران) 2009 أن هناك نافذة لـ«مدة تتراوح بين 6 و18 شهرا من الآن، لوقف إيران عن امتلاك سلاح نووي ما زال ممكنا». وقال باراك لاحقا: «أي حل عسكري سينتج عنه أضرار غير مقبولة». وحذر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في فبراير من أنه إذا فشلت الجهود الدبلوماسية، «سنخاطر بحصول تهريب نووي في الشرق الأوسط، وبحرب تطلقها ضربة إسرائيلية».

وجاء عنوان آخر فردت له «الغارديان» صفحتين تحت عنوان «بطاقة ذاكرة صغيرة واحدة، تسبب صداعا في رأس الولايات المتحدة». ويشرح الصحافي ديفيد ليه كيف وقعت بطاقة ذاكرة لا يعدو حجمها ظفري أصبعين، في يد مراسل لـ«الغارديان» مطلع العام. إلا أن ما كان على بطاقة الذاكرة تسبب بضربة كبيرة للدبلوماسية الأميركية. إذ حملت ملفات بحجم 1.6 غيغابايت ملايين الكلمات التي شكلت محتوى 251.287 ألف برقية مسربة أرسلت من السفارات الأميركية حول العالم وإليها. وبحسب الصحيفة، يعتقد الجيش الأميركي أنه عرف مصدر التسريبات، فقد اتهم الجندي برادلي مانينغ (23 عاما) الموقوف في سجن انفرادي منذ 7 أشهر، وسيواجه محاكمة عسكرية في العام الجديد. ويتهم الشاب الذي عمل محللا للمعلومات الاستخبارية بالتحميل غير الشرعي لمواد سرية خلال خدمته في قاعدة عسكرية خارج بغداد.

ويشتبه في أن مانينغ نسخ ليس فقط أرشيف وزارة الخارجية الأميركية، بل أيضا شريط فيديو لجنود على متن مروحية من طراز «أباتشي» يفتحون النار على مدنيين في بغداد، ومئات آلاف التقارير اليومية عن العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق.

وقال مانينغ «ستصاب هيلاري كلينتون وعدة آلاف من الدبلوماسيين بنوبة قلبية عندما يستيقظون صباح يوم ما، ويجدون كل الوثائق الدبلوماسية السرية متوفرة، ويمكن البحث عنها، من قبل العموم»، مشددا على أن «المعلومات يجب أن تكون حرة، فهي ملك للقطاع العام». بدورها، أفردت صحيفة «التايمز» 6 صفحات لموضوع تسريبات «ويكيليكس»، ووضعت لها عناوين أبرزها «البيت الأبيض ترك مترنحا بعد التسريبات الإلكترونية»، و«تحذير إسرائيلي لأوباما: إذا لم تحل مسألة طهران، سنحلها نحن». وكتب الصحافي أليكسي موستروس تقريرا عن مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانغ يقول فيه الأخير «ما أفعله مجدٍ». «تعيش حياتك مرة واحدة. لم لا تفعل إذن شيئا مجديا؟»، هذا ما قاله أسانغ لـ«التايمز» وهو يجلس في غرفة مليئة بأجهزة الكومبيوتر والمبرمجين الذين يتولون نشر آلاف الوثائق السرية. يقول: «تغطي البرقيات مواضيع خطيرة لكل دولة في العالم في ظل الدبلوماسية الأميركية. وما يعرف عما يحصل في العالم يمكنه التأثير على قراراتنا، يجب أن ينجم عن هذه المواد تغيير سياسي وإصلاح». وسينشر أسانغ الوثائق على دفعات، باعتبار أنه لا يريد أن يغرق الإنترنت بها مرة واحدة. وهو اختار بالنشر المقنن لزيادة وقع الوثائق هذه.