مصادر تكشف إحالة أكثر من 500 ضابط مخابرات عراقي إلى التقاعد

بأمر من هيئة المساءلة والعدالة

TT

كان جهاز المخابرات في زمن النظام السابق وما زال من أكثر الملفات تعقيدا، فكثير من الغموض يحوم حول هذه المؤسسة وتشعبات لا حصر لها أضيفت إلى مهامها بأمر من الرئيس الأسبق صدام حسين الذي حرص على تكوينات محددة لمنع اختراق الجهاز والتوسع تدريجيا حتى بلغت خبرات منتسبيه الذروة. وبلمح البصر انهار ما تم بناؤه عبر عقود للبدء من جديد بخبرات جديدة لم تسهم في مد يد العون لبقية الأجهزة، خاصة بعد انفتاح العراق على العالم وتحوله إلى مركز استقطاب لقيادات التنظيمات الإرهابية، على حد تعبير ضابط سابق في الجهاز. وأضاف الضابط الذي أحيل إلى التقاعد في زمن النظام السابق برتبة مقدم أنه «كان من الصعب جدا في زمن النظام الحصول على مقعد في كلية الأمن القومي، وخاصة لشباب من أصول مناطق الجنوب والفرات الأوسط بل وحتى المناطق الغربية وأعني الأنبار، خاصة أن أغلب محاولات الانقلاب على صدام قادها أشخاص من هذه المناطق، والجميع يعلم أن أي عمل فكري ومعلوماتي تكون فيه الخبرات متراكمة، لكننا أجبرنا على التقاعد على الرغم من صغر أعمارنا، كوننا من مناطق غير مرغوب فيها».

وبعد سقوط النظام، أكد المقدم الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية أنه بقى في انتظار من يطرق بابه ليدعوه إلى العمل مجددا والاستفادة من خبراته لكن هذا لم يحدث، إلا عبر أحزاب وقالوا له هذا شرط أساسي لإعادته. لكنه يرفض الارتباط بحزب.

وعن طبيعة عمل المخابرات سابقا، بيَّن المقدم «إن هذا الجهاز مكلف بالكثير من النشاطات المعلوماتية لكن أكثرها خارجية، ولم يكن مكلفا بأمور أمنية داخلية وأفعال أي ممارسة سلطات أو تحرك مباشر، فقط مهمته تفسير معلومات دراسة مواقف ووضع استراتيجيات مستقبلية»، مؤكدا أن «استراتيجية خطة فرض القانون كان هو شخصيا أول من نظر فيها وطرحتها على المسؤولين كدراسة متكاملة ولم تطبق إلا بعد تأزم الأوضاع، وحاليا لديه أيضا استراتيجيات أمنية من شأنها إنهاء توغل عناصر إرهابية من الخارج لداخل العراق، لكن لا يمكن تنفيذها وهو خارج العمل ولا يملك غير راتب تقاعدي لا يشكل شيئا لسد كامل احتياجات أسرته».

وعن إمكانية إعادة تشكيل جهاز بعناصر تمتلك خبرات سابقة بين ضابط الاستخبارات السابق، قال: «إن أغلب العناصر السابقة هم موظفون في وزارات أخرى ويمكن الاستعانة بهم، وجميعهم يمتلكون الحس الوطني ورغبة لخدمة وطنهم».

إلى ذلك، كشف ضابط آخر تضرر من قرار أصدرته هيئة المساءلة والعدالة أخيرا قال: إن «الأخيرة قررت إحالة أكثر من 500 ضابط ومنتسب من جهاز المخابرات الحالي، ممن عملوا في جهاز مخابرات النظام السابق، إلى التقاعد وهم لم يكملوا المدة القانونية المحددة في الدستور العراقي الخاص بإحالة ضباط ومنتسبي الأجهزة الأمنية للنظام السابق ممن لم تتلطخ أيديهم بالدم العراقي». وأضاف أن الدستور «اشترط في إحالة ضباط الأجهزة الأمنية السابقة أن يكون عمره قد تجاوز 50 عاما ولديه خدمة فعلية 15 سنة، ومن لم يتجاوز عمره الـ50 عاما ولم يقض هذه الخدمة الفعلية يتم نقل خدماته إلى الدوائر الأمنية الأخرى لإكمال السن القانونية».

من جهته، بين أحد ضباط جهاز المخابرات الجديد من الذين تمت إحالتهم إلى التقاعد لـ«الشرق الأوسط»، رافضا الكشف عن اسمه، إن «هيئة المساءلة والعدالة أحالت أكثر من 500 ضابط ومنتسب من جهاز المخابرات الجديد، ممن عملوا بالجهاز في زمن النظام السابق بشكل قوائم أسبوعية تضم القائمة الواحدة أكثر من 50 اسما ». وأضاف: «للأسف، لاحظنا عدم شمول البعض لأسباب محسوبية ومنسوبية، كما لاحظنا تعيين أشخاص لا يمتلكون خبرات ولا شهادات تؤهلهم». وأضاف أن الكثير من المتضررين «لم يعملوا في جهاز المخابرات في النظام السابق سوى أيام معدودة، وبعد عام 2003 تمت إعادتهم إلى الجهاز ومنهم من استشهد ومنهم من أصيب في الإعمال الإرهابية ومنهم من تم تهجيرهم وتمت مكافئتهم بطردهم»، مشيرا إلى أنهم «قدموا طعونا في قرار هيئة المساءلة والعدالة إلى المحكمة الاتحادية للنظر في قضيتهم».