«نيويورك تايمز» تلقى صدا من «ويكيليكس» بسبب انتقادها لمؤسسها

أنقذتها «الغارديان» بتسريب الوثائق إليها باعتبار الصداقة

TT

هذه المرة، لم تحصل صحيفة «نيويورك تايمز» على السلعة المبتغاة من «ويكيليكس»، وإنما شرعت الصحيفة بدءا من الأحد في نشر مقالات حول مفاجآت كبرى - وهي محتويات الآلاف من برقيات خاصة من وزارة الخارجية، نتيجة تسريب لتسريب.

وكانت «نيويورك تايمز» المؤسسة الأميركية الإعلامية الوحيدة التي اطلعت على كمية هائلة من الوثائق الحكومية التي كشف عنها موقع «ويكيليكس»، وهو مؤسسة على شبكة الإنترنت «لا تتبع لدولة معينة» ومتخصصة في كشف أسرار حكومية عبر معلومات مسربة. إلا أن «نيويورك تايمز» لم تكن على قائمة المتلقين الأصليين لوثائق «ويكيليكس»، وإنما وقعت أيدي الصحيفة على هذا الكنز المتمثل في نحو 250000 برقية بفضل صحيفة «غارديان» البريطانية، التي مررت بهدوء المادة الخام التي حصلت عليها باعتبارها واحدة من خمس مؤسسات إعلامية خصها الموقع بهذا الكشف.

من جهته، لم يكن بيل كيلر، رئيس تحرير «نيويورك تايمز» واثقا من السبب وراء قرار «ويكيليكس» ومؤسسها جوليان أسانج بعدم العمل مع صحيفته بخصوص أحدث الوثائق المسربة، لكنه لمح إلى أن الأمر ربما له صلة بمقال عن شخصية أسانج نشرته الصحيفة في أكتوبر (تشرين الأول) وصفت خلاله أسانج بأنه «رجل صعب المراس». وذكر المقال الذي أشار إلى أسانج باعتباره رجلا يتملكه الخوف» أن «بعض أقرانه بدأوا في التخلي عنه لما اعتبروه نمط سلوك غريب الأطوار ومتعجرف».

كما تعاملت «نيويورك تايمز» بقسوة مع برادلي ماننغ، جندي الجيش الأميركي المشتبه في سرقته وثائق سرية تخص المؤسسة العسكرية ووزارة الخارجية وتمريرها إلى «ويكيليكس». في أغسطس (آب)، أشارت الصحيفة لعلاقة ماننغ بـ«شخص يصف نفسه بأنه مثلي»، وأضافت أنه خلال فترة المراهقة «كان زملاؤه في الفصل يسخرون منه لكونه أحمق.. ومثلي».

ووصف كيلر إعادة «غارديان» تسريب الوثائق إلى «نيويورك تايمز» باعتباره تصرفا تقتضيه الصداقة والضرورة الصحافية. يذكر أن الصحيفتين، بجانب مجلة «دير شبيغل» الألمانية، كانوا المتلقين الأصليين لوثائق الحرب الأفغانية والعراقية، وتولد لدى جميع المؤسسات الإعلامية «اعتقاد بأننا سنكون رفاقا على امتداد هذه السلسلة من التسريبات».

في بادئ الأمر، طلبت «غارديان» من «نيويورك تايمز» الإبقاء على مصدر الوثائق سرا - ربما لتحتفظ بعلاقتها الطيبة مع أسانج - لكن هذا الطلب تم رفعه مساء الأحد مع بدء أخبار التسريبات في الانطلاق.

في الوقت ذاته، عرضت «نيويورك تايمز» «خبرتها ووجهة نظرها» حيال الدبلوماسية الأميركية على الصحيفة البريطانية، حسبما ذكر كيلر. كما تولت تفحص أكثر المواد حساسية مع وزارة الخارجية الأميركية وأعادت تنقيح المعلومات التي قد تعرض أمن أفراد أميركيين للخطر. ووافقت «نيويورك تايمز» على تنسيق عملية نشر موضوعات حول البرقيات مع «غارديان» وثلاث مؤسسات إعلامية أخرى تلقت وثائق من «ويكيليكس»، وهي: صحيفتا «لو موند» الفرنسية و«إل بايس» الإسبانية و«دير شبيغل». وتم الإسراع من نشر الموضوعات بضع ساعات، الأحد، عندما وقعت عينا رجل من سويسرا على نسخ مبكرة من «دير شبيغل» وشرع في كتابة رسائل عبر «تويتر» عن المعلومات الواردة بها.

وطلب «ويكيليكس» من «سي إن إن» و«وول ستريت جورنال» التوقيع على اتفاقات لضمان السرية تمنح الموقع حق المطالبة بما يصل إلى 100000 دولار إذا كسر أحد الشركاء الحظر، طبقا لمصادر مطلعة على الاتفاق رفضت كشف هويتها لأنه غير مصرح لها الكشف عن هذه المعلومات. كما نص الاتفاق على أن بإمكان «ويكيليكس» فرض الاتفاق في المحكمة التي يختارها.

وقالت آشلي هوستن، المتحدثة الرسمية باسم «وول ستريت جورنال»، إن صحيفتها رفضت طلب «ويكيليكس» لأنه «لم نرغب في الموافقة على مجموعة من الشروط المسبقة... من دون حتى حصولنا على فكرة عامة بشأن ما تحويه هذه الوثائق».

ورفض متحدث رسمي باسم «سي إن إن» التعليق على معلومات مفصلة حول الشروط التي اعتبرتها المحطة مرفوضة.

إلا أن كيلر، من «نيويورك تايمز»، قال إن صحيفته لم توقع قط أي اتفاقات مع «ويكيليكس» عندما تعاونت معها في البداية.

وذكر ماركوس بروتشلي، رئيس تحرير «واشنطن بوست»، أن صحيفته لم يعرض عليها الاطلاع على برقيات وزارة الخارجية. وقد أجرت الصحيفة اتصالا مع «غارديان» للتعرف على الترتيبات الممكنة للتعاون قبل الكشف علانية عن الوثائق، «لكنهم رفضوا التشارك في الوثائق معنا»، حسبما أضاف. ولم نتمكن من الوصول لممثلين عن «غارديان» للحصول على التعليق.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»