واشنطن تنتقد الانتخابات المصرية.. والمعارضة غاضبة من نتيجتها.. وارتياح في الحزب الحاكم

«الإخوان» يبحثون مقاطعة الإعادة.. و«الوفد» يدرس تجميد نشاطه.. و«التجمع» يحضر لرد حاسم

مرشد «الإخوان» في المؤتمر الصحافي الذي عقده في القاهرة أمس (أ. ف. ب)
TT

بعد يومين عاصفين شهدا عمليات اقتراع وفرز الأصوات في الانتخابات البرلمانية المصرية، خيم ضباب كثيف على القاهرة في الساعات الأولى من صباح أمس، غرقت معه العاصمة المصرية في عتمة تبددت مع انتصاف النهار، لكنها كشفت عن مشهد أكثر غموضا قالت الإدارة الأميركية إنها «فزعت» منها، فيما قال الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك إن الحزب مرتاح لنتيجة الانتخابات، لكن الغضب اجتاح قوى المعارضة المصرية، التي قالت إنها تدرس الرد على «تزوير الانتخابات».

وفي تطور لافت قالت جماعة الإخوان المسلمين أمس إنها قد لا تخوض انتخابات الإعادة وإنها سترجئ إعلان قرارها لليوم (الأربعاء)، مضيفة أنها ستلاحق كل من شارك فيما اعتبرته «تزوير إرادة الأمة» بالوسائل القانونية والإعلامية والشعبية.

ولم ينجح أي من مرشحي الإخوان في الجولة الأولى من الانتخابات التي قالت تقارير حقوقية إنها شهدت مخالفات على نطاق واسع، لكن 27 من أعضائها قد يخوضون انتخابات الإعادة إذا ما قررت الجماعة الاستمرار في العملية الانتخابية. وشكل نواب الإخوان نسبة 20 في المائة من مجلس الشعب (المجلس الأول في البرلمان) الذي تنتهي مدته القانونية مع انعقاد المجلس الجديد خلال أيام.

وقال الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقر الكتلة البرلمانية للجماعة: «أصبح النظام هو المعارض الحقيقي لإرادة الأمة ولاختياراتها، رافضا حقوقها التي كفلها الدستور والقانون، وأصبح يضرب بها عرض الحائط».

وحذر مرشد الجماعة من استخدام عصا الأمن الغليظة قائلا إنه «لعب بالنار، وتصرف غير مسؤول من نظام فاقد الأهلية».

وتوالت ردود الفعل الغاضبة داخل الأحزاب الرسمية المصرية، وقالت مصادر رفيعة بحزب الوفد الليبرالي المعارض إن تيارا داخل الهيئة العليا بالحزب يدعو لتجميد نشاط الوفد ردا على ما وصفوه بـ«المهزلة الانتخابية التي جرت»، وقال عصام شيحة عضو الهيئة العليا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انقسام داخل الحزب فالبعض يدعو لتجميد نشاط الحزب رسميا فيما يدعو آخرون لتقديم أعضاء الحزب الذين فازوا في الجولة الأولي استقالتهم من المجلس الجديد».

وخاض حزب الوفد أبرز أحزاب المعارضة الرسمية الانتخابات التي جرت الأحد الماضي بـ186 مرشحا، فاز ثلاثة منهم بمقاعد البرلمان في الجولة الأولى، فيما يخوض 7 آخرون انتخابات الإعادة المقرر لها 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

لكن مصادر بالوفد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب سيخوض انتخابات الإعادة في كل الأحوال، لكنه سيدرس بعد ذلك البدائل المطروحة أمامه للرد على ما جرى في الانتخابات».

وكان حزب الوفد قد استنكر الممارسات التي شهدتها الانتخابات البرلمانية ووصفها بـ«اللاديمقراطية»، وحمَّل اللجنة العليا المشرفة عليها مسؤولية ما اعتبره «مذبحة الحرية وانتهاك الشرعية الدستورية والقانونية»، وقال في بيان له صدر الليلة قبل الماضية إنه (حزب الوفد) « شارك في هذه الانتخابات اعتمادا على وعد رئيس الجمهورية بنزاهتها (...) وللأسف فقد انحرفت الحكومة والحزب الحاكم عن هذا الوعد الرئاسي وتمت أسوأ انتخابات تشريعية في تاريخ البلاد مما يفقدهما ثقة الشعب».

واتفق حزب التجمع اليساري المعارض مع «الوفد» في تحميل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات مسؤولية ما اعتبره أيضا «أسوأ انتخابات برلمانية في التاريخ المصري»، وأعرب عن استيائه من تصريحات قيادات بالحزب الحاكم قالوا فيها إن الانتخابات نزيهة وإن يوم الأحد الماضي (الذي جرى فيه الاقتراع) كان عرسا للديمقراطية.

وأدان التجمع ما جرى في الانتخابات وقال إنه قرر عقد اجتماع عاجل لهيئاته القيادية لاتخاذ موقف حاسم للرد على «الممارسات الفجة». وقال الدكتور رفعت السعيد رئيس الحزب إن اجتماعا سيعقد عقب جولة الإعادة، مؤكدا أن التجمع سيستمر في الانتخابات. ورفض السعيد الكشف عن طبيعة المواقف التي قد يتخذها الحزب حيال ما اعتبره «تزوير إرادة الأمة»، وقال «هذا متروك للاجتماع ولن نملي عليهم شيئا».

لكن قيادات بالحزب حملت مسؤولية ما جرى للسعيد، وتقدم أمس النائب السابق البدري فرغلي عضو لجنة السياسات بحزب التجمع باستقالته وقال إنه فوجئ بعد 40 عاما بأنه كان يعيش في أكذوبة تسمى «حزب التجمع»، بعد أن اكتشف أن أجهزة الأمن هي المسيطرة على الحزب وسياساته، على حد قوله.

وعلق السعيد على هذه الاتهامات بقوله إن «فرغلي تعرض لظلم فادح.. نجح في الانتخابات ثم تم إسقاطه ومن الطبيعي أن يتعامل بتوتر.. نستوعب ذلك ونحترمه». وأشار السعيد إلى أن وفدا من الحزب سيذهب إلى فرغلي لمناقشة كافة القضايا.

وأثارت الانتخابات المصرية ردود فعل عالمية.. فمن جهتها أعربت الولايات المتحدة عن شكوكها في «نزاهة العملية وشفافيتها» بعد الأنباء التي ترددت عن «مخالفات» شابتها. وكانت الإدارة الأميركية قد حثت مصر على قبول مراقبين دوليين على الانتخابات، لكن القاهرة رفضت واعتبرت الرقابة الدولية «تدخلا في شؤونها الداخلية».

وقال بي. جيه. كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مساء أول من أمس في مؤتمر صحافي: «إننا نشعر بخيبة الأمل من جراء الأنباء في الفترة التي سبقت الانتخابات عن إفساد أنشطة الحملات الانتخابية لمرشحي المعارضة واعتقال أنصارهم وكذلك حرمان بعض الأصوات المعارضة من الوصول إلى أجهزة الإعلام»، مضيفا أن واشنطن «فزعت من الأنباء عن أعمال التدخل والتخويف من جانب قوات الأمن يوم الاقتراع».

ومن جانبه قال صفوت الشريف الأمين العام للحزب الحاكم، إن حزبه لم يخدع أحدا ولم يعقد صفقات مع أحد، داعيا كوادر الحزب وقياداته إلى استمرار العمل وبذل الجهد حتى تنتهي الجولة الثانية، مضيفا على الموقع الإلكتروني للحزب، أن النتائج التي حققها في الجولة الأولى هي ثمرة جهد سياسي وحزبي وتنظيمي على مدى خمس سنوات، وأن الحزب يجنى ثمار احترامه للشعب وتبنيه لمصالحه والتعبير عن قضاياه من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية استهدفت مصالح المواطنين.