وثائق «ويكيليكس»: خامنئي مصاب بسرطان الدم.. ورفسنجاني يخطط لأن يصبح مرشدا أعلى

وزارة الاستخبارات الإيرانية أجرت اتصالات بكندا وعرضت المساعدة في أفغانستان مقابل «تقاسم معلومات»

رفسنجاني (أ.ف.ب) وعلي خامنئي (رويترز) وأحمدي نجاد (أ.ف.ب)
TT

كشفت وثيقة أميركية مؤرخة عام 2009 نشرها موقع «ويكيليكس» عن أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، يعاني من مرض سرطان الدم في مراحله النهائية، وقد يؤدي إلى «وفاته خلال أشهر». وأن الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني يخطط لأن يحل محله. كما أورد الموقع وثيقة كشفت عن أن الاستخبارات الكندية أجرت اتصالات عام 2008 بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية بناء على طلب الأخيرة التي عرضت تقديم مساعدة في أفغانستان. وجاء ذلك بينما جددت الجمهورية الإسلامية تأكيداتها بأن علاقاتها مع دول الجوار لن تتأثر بالوثائق السرية، ودعت إيران دول المنطقة إلى «عدم الوقوع في الفخ» بتصديقها.

وبحسب وثيقة نشرتها صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية أمس، فإن رجل أعمال لم يتم كشف هويته وجنسيته ويبدو أنه على صلة برفسنجاني قال إن خامنئي يعاني من نوع نادر من سرطان الدم.

وجاء في الوثيقة التي أرسلتها في أغسطس (آب) 2009 قنصلية الولايات المتحدة في إسطنبول أن «خامنئي سيموت على الأرجح خلال بضعة أشهر».

وكان رفسنجاني أطلق حينذاك حملة ضد إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا لإيران بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل أشهر من ذلك في يونيو (حزيران) من ذلك العام.

وأضافت الوثيقة أن رفسنجاني قام بعد إعلامه بالوضع الصحي للمرشد الأعلى «بوقف حملته ضد خامنئي في مجلس الخبراء وقرر ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي».

وجدير بالذكر أن رفسنجاني يرأس مجلس الخبراء الذي يعتبر أحد مراكز القرار في النظام السياسي الإيراني، والذي يقع على عاتقه تسمية أو عزل المرشد الأعلى في البلاد.

وتابعت الوثيقة التي كشفها «ويكيليكس»، «بعد وفاة المرشد الأعلى، سيحاول رفسنجاني استخدام مجلس الخبراء لتتم تسميته مرشدا أعلى جديدا. إذا نجح في ذلك (...) سيدعو أحمدي نجاد إلى الاستقالة وسيطالب بانتخابات جديدة».

وفاز أحمدي نجاد في الانتخابات التي جرت في يونيو 2009 مما أدى إلى مظاهرات كبيرة في شوارع طهران، وقالت البرقية إن المظاهرات تراجعت في الفترة نفسها التي كتبت فيها هذه الوثيقة لأن رفسنجاني قرر تغيير استراتيجيته.

وكشفت البرقية عن أن رفسنجاني «لم ير قادة المعارضة يدعون إلى مظاهرات أخرى أو يقومون بنشاطات استفزازية (...) يمكن أن تعرقل جهوده لترشيح نفسه لمنصب القائد الأعلى في المستقبل».

وكانت عائلة رفسنجاني قد تعرضت لمضايقات عدة منذ انطلاق ما يسمى بـ«الثورة الخضراء» التي قادتها المعارضة الإيرانية برئاسة زعيميها مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين طعنا بنتائج الانتخابات الرئاسية، وقالا إنها زورت لصالح نجاد. وكانت السلطات الإيرانية قد أصدرت في وقت سابق مذكرة اعتقال بحق مهدي نجل رفسنجاني، كما تعرضت ابنته فائزة إلى مضايقات هي الأخرى.

ورأت الصحيفة البريطانية أن أي تأكيد لنبأ مرض خامنئي يمكن أن يؤدي إلى تغيير أساسي في العلاقات الدبلوماسية.

ويحاط أسلوب حياة وتفاصيل الوضع الصحي للمرشد الإيراني بالسرية الشديدة. لكن إشاعات كثيرة كانت قد روجت في أوقات سابقة حول تلقي خامنئي العلاج لإصابته بمرض السرطان.

ويعاني خامنئي (71 عاما) أساسا من وهن في ذراعه إثر إصابته في انفجار قنبلة، كما أنه توكأ على العصا في مشيته. كما تروج المعارضة الإيرانية أمر إدمانه على الأفيون.

وعلى الرغم من التقارير عن إصابة خامنئي بالسرطان، فإنه بدا بصحة جيدة طوال العام الحالي وقد التقى بالكثير من الشخصيات والرؤساء خلالها، وآخرهم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قبل يومين حيث التقطت صورة لهما. كما كان قد زار مدينة قم الإيرانية في وقت سابق وأجرى لقاءات مع أبرز القيادات الدينية هناك.

وفي سياق متصل، أوردت وثيقة أخرى تتعلق بإيران كشفها موقع «ويكيليكس» أن الاستخبارات الكندية أجرت اتصالات عام 2008 بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية بناء على طلب الأخيرة التي عرضت المساعدة في أفغانستان.

وتحدثت الوثيقة التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» عن لقاء عقد في أوتاوا في الثاني من يوليو (تموز) 2008 بين رئيس جهاز الاستخبارات الكندية جيم جود والمستشار لدى وزارة الخارجية الأميركية إيليوت كوهين.

وأبلغ جود المسؤول الأميركي أن إيران تثير «قلقا كبيرا» لدى جهازه. وأضاف أن «الاستخبارات الكندية تحدثت مؤخرا إلى وزارة الاستخبارات والأمن (الإيرانية) بعدما طلبت الأخيرة قناة اتصال مع كندا».

وأوردت البرقية الدبلوماسية التي بعثت بها السفارة الأميركية في أوتاوا أن «الإيرانيين وافقوا على (مساعدة) (كندا) في قضايا أفغانية، على أن يشمل ذلك تقاسم معلومات في شأن اعتداءات محتملة».

لكن جود تدارك «لم نفهم ماذا يريدون تحديدا» لأنه من الواضح أن «الإيرانيين يريدون استنزاف إيساف ببطء»، في إشارة إلى القوة الدولية للمساعدة في إرساء الأمن في أفغانستان التابعة للحلف الأطلسي.

إلى ذلك، دعت إيران، أمس، دول المنطقة إلى «عدم الوقوع في الفخ» بتصديق الوثائق السرية، معتبرة أن هدفها «بث الفرقة» في العالم الإسلامي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمان باراست في لقائه الأسبوعي مع الصحافيين، إن آلاف البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي نشرت على موقع «ويكيليكس» والتي تظهر بعضها خصوصا قلق الدول العربية المجاورة من نيات الجمهورية الإسلامية تندرج في إطار «مؤامرة مريبة» من قبل الولايات المتحدة.

واعتبر أن «أعداء العالم الإسلامي يواصلون زرع هاجس الخوف من إيران وبث الفرقة»، مضيفا «لكن مشروعهم لا يهدف إلا إلى حماية مصالح النظام الصهيوني وأنصاره، وعلى دول المنطقة أن لا تقع في هذا الفخ»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وجدد المتحدث تأكيدات أحمدي نجاد على أن «نشر هذه الوثائق ما كان يمكن أن يحدث دون تعاون أجهزة استخبارات غربية، ولا سيما أميركية». وأضاف أن «تركيز (وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري) كلينتون من بين كل هذه الوثائق على تلك المتعلقة بالأنشطة النووية لإيران يثير الشكوك في صحتها».

وقد بدأ موقع «ويكيليكس» الأحد الماضي بنشر أكثر من 250 برقية سرية للدبلوماسية الأميركية، عبر الكثير من الصحف، تتضمن أغلبها آراء حادة، ما سبب انزعاجا أو إحراجا للبعثات الدبلوماسية الأميركية في العالم.

ونددت كلينتون بشدة بهذه التسريبات ووصفتها بأنها «اعتداء على المجتمع الدولي»، مشددة في الوقت نفسه على أن بعض الوثائق التي تتحدث من قريب أو من بعيد عن البرنامج النووي الإيراني تتيح استخلاص أن «المخاوف المتعلقة بإيران لها ما يبررها وتلقى مشاركة واسعة».