مسؤولون عراقيون مرتبطون بـ«فيلق القدس».. ودعم إيراني بـ200 مليون دولار سنويا

تسريبات «ويكيليكس»: دبلوماسيون أميركيون حذروا من الحكومة التي يسعى المالكي لتشكيلها

TT

كشفت برقية بعثت بها السفارة الأميركية في بغداد قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في مارس (آذار) الماضي، عن تحذيرات أطلقها دبلوماسيون أميركيون من الائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي المكلف نوري المالكي والذي يسعى إلى تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. وجاءت هذه البرقية ضمن تسريبات أخرى كشف عنها موقع «ويكيليكس» مؤخرا.

وجاءت تحذيرات الدبلوماسيين الأميركيين على الرغم من تأكيد المسؤولين الأميركيين أنهم «راضون» عن الحكومة التي يسعى المالكي لتشكيلها. وحذرت البرقية، التي أرسلت إلى واشنطن عام 2009 قبل الانتخابات البرلمانية، من أن مثل هذه الحكومة ستكون حليفة لإيران. وحسب صحيفة «واشنطن بوست» تشير هذه البرقية وغيرها إلى تنامي النفوذ الإيراني الاقتصادي والسياسي في العراق وعبر تدريب الميليشيات الشيعية وتزويدها بالسلاح. وكان المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، قد تحالف مع الائتلاف الوطني العراقي، بزعامة عمار الحكيم، وشكلا الكتلة الأكبر في البرلمان تحت اسم «التحالف الوطني». ويقود هذا التحالف الحكومة المقبلة بدعم من الأكراد، وبمشاركة القائمة العراقية التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.

وجاء في إحدى البرقيات التي أرسلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 أنه «على ضوء فوز شيعي محتمل في الانتخابات فإن إيران تبدو مهتمة أكثر بتماسك الكتلة الشيعية في مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة». وتشير البرقية أيضا إلى أن الأكراد سيكونون «عنصرا مهما لضمان نصر شيعي موال لإيران».

ويرى محللون أن البرقية «لا تبعث على الدهشة» لا سيما مع استعداد القوات الأميركية للانسحاب من العراق بالتوازي مع القلق من تزايد النفوذ الإيراني. كما يستبعد المحللون أن تؤثر هذه التسريبات على عملية تشكيل الحكومة العراقية والتي كان المالكي قد وعد بالإعلان عنها منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وقال النائب الكردي البارز محمود عثمان إن «الحكومة العراقية رفضت تلك البرقيات ووصفتها بأنها دعاية غربية ضدنا، حتى قبل أن تطلع على فحواها»، وأضاف: «إنهم (المسؤولون العراقيون) يقولون بأنه تم إعداد تلك البرقية في هذا الوقت بالتحديد لخلق مشكلات (أمام تشكيل الحكومة) وإنهم سيتجاهلونها ولن يكون لها أي تأثير»، غير أنه شدد قائلا: «بالطبع هناك آخرون سيستخدمون عقولهم لقراءتها، وهي ستكشف الكثير لهم».

وكان مسؤولون أميركيون قد عبروا عن أملهم في شق وحدة الكتلة الشيعية وإضعاف الدور الديني والتأثير الإيراني.

ووصفت البرقية انشقاق المالكي عن حلفائه من القوى الشيعية قبل الانتخابات، والذين يعتبرون الأقرب إلى طهران، في إشارة إلى ائتلاف الحكيم، ورغبته بخوض الانتخابات بشكل منفرد، بأنه «ضربة» للخطط الإيرانية في تحويل العراق إلى بلد «خاضع» و«غير مستقل اقتصاديا».

غير أن المالكي سرعان ما تراجع عن موقفه وأعلن تحالفه مجددا مع الائتلاف الوطني بعد ظهور نتائج الانتخابات التي لم تحقق له الفوز الذي كان يتوقعه، كما أعطى الصدريون، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، دعمهم له في صراعه للوصول إلى السلطة وقطع الطريق أمام علاوي وبقية المتنافسين على منصب رئاسة الوزراء. كما تبرز البرقية ما اعتبره الدبلوماسيون الأميركيون علاقة وثيقة بين قائد فيلق القدس الإيراني البريغادير جنرال قاسم سليماني وكبار المسؤولين في الحكومة العراقية بما في ذلك تمويل حلفاء إيران بما بين 100 و200 مليون دولار سنويا ومشاورات «منتظمة» بين المسؤولين العراقيين وكبار القادة الإيرانيين.

وجاء في البرقية: «تتضمن أدوات النفوذ الإيراني دعما ماليا (وضغطا) لطيف واسع من الأحزاب والمسؤولين والمعونة الاقتصادية الإنمائية خاصة للمنظمات الدينية والمساعدات المميتة لجماعات شيعية معينة تقاتل بالنيابة (عن إيران) وتوفير الملاذ للشخصيات العراقية التي تخشى الاستهداف (الأميركي).. وهذا الدعم يمتد، ولكن بدرجة أقل، إلى لاعبين سنة منتقين».

ومن غير المعروف حتى الآن التأثير الذي ستخلفه تلك البرقيات على العلاقات بين المسؤولين العراقيين والأميركيين في الوقت الذي تنسحب فيه القوات الأميركية من العراق.