«ويكيليكس»: أميركا عرضت أموالا على دول أخرى لاستقبال معتقلي غوانتانامو

برقيات سرية أميركية تشيد ببرنامج التأهيل السعودي للمتطرفين

حارسان أمريكيان أثناء قيامهما بواجباتهما في سجن غونتانامو (أ. ب)
TT

كشفت تسريبات لموقع «ويكيليكس» أن الولايات المتحدة خاضت مفاوضات صعبة مع عدد من الدول، وأنها عرضت عليها أموالا لإقناعها باستقبال معتقلين من غوانتانامو. ووفقا لوثائق أميركية سرية سربها الموقع ونشرتها صحيفتا «نيويورك تايمز» و«إلباييس» الإسبانية أمس، فإن عددا من الدبلوماسيين الأميركيين طافوا عددا من الدول لإقناع المسؤولين في تلك الدول باستقبال سجناء من غوانتانامو بعد انتهاء مدة محكوميتهم.

وضمن الوثائق، قال اليمن إنه على استعداد لاستقبال مواطنيه في حال تقديم 11 مليون دولار له لإقامة مركز لإعادة تأهيل المتشددين. ووجدت واشنطن صعوبة في إقناع حلفائها الأوروبيين باستقبال معتقلين من غوانتانامو، ووفقا لـ«إلباييس» فإنها «وعدت دولا مثل إسبانيا وبلجيكا بمزيد من النفوذ داخل الاتحاد الأوروبي في حال تعاونت معها». كما عرضت واشنطن أموالا على عدد من الدول، وبينها جمهورية كيريباس وهي أرخبيل في المحيط الهادي، حيث عرضت عليها استثمارات بنحو 3 ملايين دولار إذا ما وافقت على استقبال 17 معتقلا من غوانتانامو من مسلمي الصين. ووفقا للوثيقة، عرضت الولايات المتحدة على إسبانيا 85 ألف دولار مقابل معتقل واحد. واستقبلت بلجيكا سجينا سابقا من غوانتانامو لمساعدة حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إغلاق هذا المعتقل، الذي تم استحداثه في يناير (كانون الثاني) عام 2002 من قبل سلفه الرئيس السابق جورج بوش لإيداع «المقاتلين الأعداء» فيه في الحرب ضد الإرهاب بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول). وفي فبراير (شباط) دعا سفير الولايات المتحدة لدى بلجيكا هاورد غوتمان، بروكسل إلى تقديم نموذج يحتذى عبر استضافتها مزيدا من معتقلي غوانتانامو.

وهناك أكثر من برقية دبلوماسية سرية تتحدث عن نجاح برنامج التأهيل السعودي لدمج المتطرفين في المجتمع، وتحدثت برقيات في مارس (آذار) 2009 عن تأهيل 1500 متطرف بينهم 119 عائدا من غوانتانامو، ولخصت برقية دبلوماسية أميركية أن نسبة النجاح في برنامج التأهيل السعودي تقدر بنحو 90 في المائة بينما نسبة النكوص والعودة إلى العنف تقدر بنحو 8 في المائة. وأشارت برقية أخرى إلى أن نسبة النجاح بـ90 في المائة تعود إلى أن غالبية السجناء العائدين من غوانتانامو تراجعوا ونبذوا الفكر الجهادي. وتحدثت برقية أخرى عن أن 11 من قائمة الـ85 المطلوبين في السعودية من خريجي غوانتانامو، كما تحدثت عن اقتراح سعودي بإطلاق المعتقلين في غوانتانامو ووضع شريحة إلكترونية لمعرفة تحركاتهم، وتطرقت برقية أخرى إلى معتقل كويتي عائد من غوانتانامو قام بتنفيذ عملية انتحارية في العراق عام 2008. وفي فبراير عام 2009 تتحدث برقية دبلوماسية أميركية عن مفاوضات إعادة أربعة معتقلين كويتيين في غوانتانامو واقتراح مسؤول كويتي إعادتهم إلى أفغانستان باعتبارهم اعتقلوا هناك فهي منطقة حرب.

وبعد القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما عند بدء ولايته بإغلاق معتقل غوانتانامو (كوبا) أجرت واشنطن اتصالات مع عدة دول يمكنها أن تستقبل معتقلين يفترض أن يفرج عنهم. وفي برقية أخرى خلال فبراير 2009 حث دبلوماسي قطري وزير العدل الأميركي على عدم لقاء مواطنه جار الله المري العائد من غوانتانامو بسبب كسره لتعهداته بعدم السفر إلى خارج البلاد، ورفضه تجنب السفر إلى بريطانيا للمشاركة في تجمع يندد بمعسكر غوانتانامو، مع السجين البريطاني السابق الباكستاني الأصل، معظم بك العائد هو الآخر من غوانتانامو.

ووفقا للوثائق التي سربها موقع «ويكيليكس»، فقد اعتذر رئيس لجنة الأمن الوطني في ليتوانيا أرفيداس أنوسوسكاس لدبلوماسيين أميركيين سرا بسبب هذا التغيير واقترحوا حتى ممارسة ضغوط على الرئيسة لإعادة النظر في قرارها. وتتوافق تلك المعلومات مع تصرفات جريبا وسكايت لدى توليها مقاليد السلطة حيث أصرت على إجراء تحقيق جديد بشأن وجود منشأة سرية تابعة لـ«سي آي إيه» التي يعتقد أنها عملت في ليتوانيا منذ سبتمبر عام 2004 حتى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005. وخلص التحقيق الذي ترأسه أنوسوسكاس إلى أنه رغم وجود المنشأة، فإنه ليس هناك دليل يثبت وجود سجناء محتجزين هناك.

ورفض أنوسوسكاس أمس الثلاثاء التعليق على وثائق «ويكيليكس» التي وصفها بأنها «معلومات مسروقة». وكانت وسائل إعلام أميركية رددت في نوفمبر عام 2009 أن منشأة سرية تتسع لاحتجاز ما يصل إلى ثمانية أشخاص، يعتقد أنهم من المتشددين، جرى بناؤها من قبل مقاولين أميركيين في مجمع «أنتافيلياي» للفروسية الذي يقع على مسافة 20 كيلومترا خارج فيلنيوس. وكشفت الوثائق نحو 800 برقية دبلوماسية أميركية تتعلق بحلف شمال الأطلسي، الذي يوجد مقره في بلجيكا، إلا أن أيا من هذه الوثائق «ليس سريا للغاية».

وأوضحت الوثائق أن «799 وثيقة تتعلق بالحلف الأطلسي. من بينها 111 مصنفة (أسرار دفاعية) و520 (وثيقة سرية)». وتتطرق إحدى هذه البرقيات إلى موقف الحكومة البلجيكية بشأن استقبال معتقلين من غوانتانامو في طريقة سهلة لتتخذ بلجيكا مكانة مهمة في أوروبا. صحيفة «نيويورك تايمز» قالت إن البرقيات المسربة «تقدم صورة غير مسبوقة للمفاوضات الخفية التي تقوم بها السفارات في العالم». ويعتقد أن برقيات السفارات تم تحميلها بداية هذا العام من قبل جندي أميركي ومررها لموقع «ويكيليكس» مشكلا أكبر أرشيف إلكتروني في التاريخ عن الدبلوماسية الأميركية في الخارج. وتغطي هذه الوثائق مرحلة تمتد منذ عام 1966 حتى فبراير الماضي. وتوضح موقف السفراء الذين عادة ما تحفظ رسائلهم الدبلوماسية في الأرشيف القومي لمدة خمسين عاما قبل أن يكشف عنها للباحثين. ووعد الموقع بنشر مزيد من الوثائق التي قال إنها أضعاف الوثائق التي نشرها حول العراق في وقت سابق (400 ألف وثيقة). وحصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على حق الاطلاع على وثائق «ويكيليكس»، مع أربع صحف ودوريات عالمية مهمة هي: «لوموند» الفرنسية، و«الغارديان» البريطانية، و«إلباييس» الإسبانية، و«دير شبيغل» الألمانية، بينما لم تحصل قناة «الجزيرة» على حق النشر، («الجزيرة» وسيلة الإعلام العربية الوحيدة التي حصلت على حق نشر الوثائق السابقة التي تخص الحرب على العراق قبل نشرها على الموقع).