فيضانات مهولة تجتاح المغرب.. وتتسبب في خسائر كبيرة

مقتل 24 شخصا بعد أن جرفت السيول حافلة شمال الدار البيضاء

TT

اجتاحت المغرب أمس فيضانات مهولة أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وأصبحت مدينة الدار البيضاء كبرى مدن المغرب، وعاصمته التجارية، معزولة تماما، وغمرت المياه بعض أحيائها بالكامل، مما اضطر السلطات إلى نقل مئات منهم عبر قوارب مطاطية إلى أماكن آمنة، كما انقطعت الطرق البرية وتوقفت القطارات بين المدينة وباقي أنحاء المغرب.

وفي سياق ذلك، قتل 24 شخصا في حادث مروري مفجع وقع أمس في الطريق بين مدينتي المحمدية وبوزنيقة (شمال الدار البيضاء) بعد أن جرفت الفيضانات حافلة كانت تقل عددا من الركاب، وسقطت في نهر، بسبب رداءة أحوال الطقس، كما قتل 5 أشخاص في أنحاء متفرقة من البلاد نتيجة هطول الأمطار الغزيرة منذ 3 أيام.

وتسببت الأمطار والفيضانات في إغلاق المدارس في الدار البيضاء. وأعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس أنه سيتكفل شخصيا بمصاريف علاج جرحى الفيضانات، ودفن جثامين الضحايا، وقدم تعازيه الشخصية لعائلاتهم.

وقالت مصادر الوقاية المدنية إن حصيلة ضحايا سقوط حافلة في نهر صغير صباح أمس بلغت 24 قتيلا من بينهم أحد رجال الوقاية المدنية، بعد أن توفي ثلاثة جرحى متأثرين بجروحهم البليغة، كما تم العثور على جثة جرفتها مياه نهر «وادي الشكيك».

وذكرت مصادر الوقاية المدنية في منطقتي طنجة تطوان (شمال المغرب) أن شخصا اعتبر في عداد المفقودين قد تكون جرفته السيول القوية لوادي «مريجات» بدائرة مقريصات في منطقة وزان بسبب الأمطار التي شهدتها المنطقة طيلة يوم أول من أمس.

وأوضح المصدر أن عناصر الوقاية المدنية، التي هرعت إلى مكان الحادث، لم تتمكن من إنقاذ الضحية، الذي قد تكون جرفته السيول حينما كان يهم بعبور الوادي نحو الضفة الأخرى.

وفي إقليم شفشاون (شمال) تمكنت عناصر الوقاية المدنية من إنقاذ 3 أشخاص من موت محقق جراء السيول الجارفة، بعدما انتشلت شخصا من وادي «سيي فلاو» بمنطقة الدردارة التي تبعد 9 كيلومترات عن مدينة شفشاون، فيما أنقذت شخصين آخرين بوادي «إفراتن».

وتم الليلة قبل الماضية انتشال شخص عزلته مياه بركة «تكونت» بعد هطول الأمطار التي عرفتها منطقة بني سعيد التابعة لدائرة «واد لاو» بإقليم تطوان. وغمرت المياه، بشكل محدود، بعض المنازل والطرق في مدن شفشاون والقصر الكبير ومرتيل، بينما تمت إعادة فتح الطريق البرية بين تطوان والفنيدق.

وبعد تلقيها تحذيرات من الأرصاد الجوية حول توقعات الأمطار خلال الأيام المقبلة، نشرت عناصر الوقاية المدنية مجموعة من نقط مراقبة مستوى منسوب المياه بالمناطق المعرضة لخطر الفيضان من أجل التدخل الوقائي. وفي هذا الإطار، تم نشر 10 نقاط مراقبة داخل طنجة، و4 نقاط مراقبة في تطوان والفنيدق، بالإضافة إلى نشر عتاد الإنقاذ وتجهيزات التدخل السريع مثل القوارب المطاطية.

وفي مدينة سلا المجاورة للرباط، لقي شخص مصرعه، في الساعات الأولى من صباح أمس جراء انهيار جزئي لسقف أحد المنازل بالمدينة العتيقة، نتيجة تساقط الأمطار بغزارة. وتم انتشال الضحية، الذي يبلغ من العمر 35 سنة من تحت الأنقاض.

وبسبب رداءة أحوال الطقس، لقي 3 أشخاص من أسرة واحدة في خنيفرة مصرعهم وأصيب اثنان آخران، مساء أول من أمس، في حادث انهيار سقف منزل طيني في قرية الهري التابعة للإقليم بعد الأمطار التي هطلت على المنطقة، وأسفر الحادث عن مقتل الأب (38 سنة)، وطفلة عمرها 8 سنوات، وطفل عمره 3 سنوات، بينما أصيبت الجدة وطفل آخر يبلغ من العمر 12 سنة بإقليم الحسيمة، وتم مساء أول من أمس انتشال جثة شخص فيما اعتبر 6 آخرون في عداد المفقودين بعد أن جرفتهم مياه أمطار غزيرة مصحوبة بالتربة على الطريق المحاذي لأحد الأودية وهم على متن سيارة.

وذكرت مصادر الوقاية المدنية أن الحادث وقع على مشارف دوار (كفر) مزوز في قرية بني أحمد إموكزن، الواقع على الطريق الوطني رقم 8 الرابطة بين الحسيمة وتاونات، مشيرة إلى أنه رغم الصعوبات الناجمة عن سوء أحوال الطقس فإن عملية البحث عن المفقودين لا تزال تتواصل.

وفي الدار البيضاء، بلغت كمية الأمطار، من الساعة السادسة من صباح أول من أمس إلى حدود الساعة السادسة من صباح أمس 178 ملليمترا.

ومن المرتقب، حسب مديرية الأرصاد الجوية المغربية، ظهور انفراجة واسعة اليوم انطلاقا من السهول الغربية. وقال محمد بريجة النائب الأول لعمدة الدار البيضاء لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع سيئ بالمدينة لأن الأمطار التي هطلت كانت استثنائية، ولم تعرفها المدينة من قبل. وأضاف أن كل الأحياء بالمدينة تضررت بفعل الأمطار.

وفي سياق ذي صلة، حاصرت مياه الأمطار 3 أحياء في منطقة «سيدي البرنوصي وعين حرودة» بولاية الدار البيضاء الكبرى، حيث اضطر رجال الوقاية المدنية إلى استعمال الزوارق المطاطية لإجلاء السكان الذين قدر عددهم بألف شخص، حيث نقلوا إلى قاعة تستعمل عادة للمناسبات الاجتماعية.

وانهارت، بسبب الفيضانات، دور كثيرة في بعض أحياء الدار البيضاء الشعبية، كما تضررت المناطق الصناعية ضررا كبيرا في حي مولاي رشيد وسيدي البرنوصي وعين السبع، ضررا كبيرا.

وعزت مديرية الأرصاد الجوية المغربية الأجواء المتقلبة، التي شهدها المغرب منذ نهاية الأسبوع الماضي إلى تسرب مجموعة من السحب الماطرة على الواجهة الشمالية الغربية والناتجة عن اضطرابات جوية تكونت عبر المحيط الأطلسي وانتقلت إلى المغرب بفعل الرياح.

وأوضحت أن هذه الاضطرابات التي امتدت شمالا حتى منطقة طنجة وجنوبا نحو منطقة سوس مرورا بالسهول الغربية، أدت إلى سقوط أمطار غزيرة، وبكميات كثيرة، خاصة بالمنطقة الشمالية الغربية وناحية تارودانت، وكانت مسبوقة بهبوب رياح قوية فاقت سرعتها 90 كيلومترا في الساعة.