لقاء غير رسمي بين الرئيس الجزائري ووزيرة خارجية فرنسا في طرابلس

بحث الديناميكية الجديدة التي تشهدها علاقات البلدين بعد سنوات من التوتر

TT

أجرى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة محادثات غير رسمية مع وزيرة الخارجية الفرنسية، ميشيل أليو ماري، على هامش أشغال «قمة أفريقيا أوروبا» في ليبيا. وتناول اللقاء الديناميكية الجديدة التي تشهدها العلاقات الثنائية، على خلفية زيارة موفد للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر قبل أيام، لمحاولة تدارك أسباب توتر العلاقات.

وقالت مصادر جزائرية تابعت زيارة بوتفليقة إلى طرابلس، إن لقاءه بوزيرة الخارجية الفرنسية مساء أول من أمس لم يكن مبرمجا، «ولكنه كان مثمرا وإيجابيا من حيث إنه خطوة إيجابية نحو إزالة الحواجز النفسية التي حالت دون القيام بأية مبادرة في الميدان تدفع العلاقات الثنائية إلى الأمام، وذلك منذ شهور».

وتحدثت المصادر عن «شخصية السيدة ماري المحبوبة من طرف الجزائريين»، في إشارة إلى أن تنحية وزير الخارجية، برنار كوشنير، في التغيير الحكومي الذي جرى بفرنسا قبل أسابيع قليلة، تلقاها المسؤولون الجزائريون بارتياح.

وأطلق كوشنير تصريحات في الفترة التي تولى فيها حقيبة الدبلوماسية، وصفت جزائريا بأنها استفزازية. ومن بين أكثر ما أثار حفيظة الجزائريين قوله في فبراير (شباط) الماضي إن العلاقات بين البلدين «يمكن أن تتحسن في المستقبل لو رحل جيل الثورة عن الحكم في الجزائر».

ولم تتسرب معلومات كثيرة عن لقاء بوتفليقة - أليو ماري، لكن المصادر قالت إنه «تناول الديناميكية الجديدة التي تشهدها العلاقات الثنائية في الوقت الحالي، والرغبة التي حملها مؤخرا جان بيار رافاران، رئيس وزراء فرنسا السابق، لإزالة ما يمنع قيام تطبيع كامل للعلاقات الثنائية، خلال زيارته الأخيرة».

وزار رافاران الجزائر الأسبوع الماضي، بناء على مهمة كلفه بها الرئيس ساركوزي، تتمثل في «تسهيل» تنفيذ الاستثمارات الفرنسية في الجزائر، المتعثرة بسبب التوتر السياسي بين البلدين الذي يعود إلى رواسب التاريخ المشترك، المرتبط بفترة استعمار فرنسا للجزائر (1830 - 1962).

وقالت المصادر ذاتها إن المسؤولين الجزائريين «يترقبون زيارة قريبة لأليو ماري، ستكون بمثابة القطيعة مع نظرة كوشنير إزاء الجزائر».

وتم خلال عامي 2008 و2009 الاتفاق على إقامة زيارة لوزير الخارجية السابق إلى الجزائر. وتأجل المشروع مرتين جراء تصريحات لكوشنير حول العلاقات الثنائية، وصفت جزائريا بأنها «خالية من أية لياقة» تارة، وبأنها «تدخل في الشؤون الداخلية» تارة أخرى.

ومن المواضيع التي فاقمت الخلاف بين البلدين، استياء الجزائر مطلع العام الحالي من قيام فرنسا بإدراجها في لائحة سوداء للبلدان التي تشكّل مخاطر على النقل الجوي. كما أنها استاءت من نزع السرية عن وثائق فرنسية عن مقتل رهبان فرنسيين في الجزائر عام 1996. وفي المقابل ندد نواب اليمين الفرنسي بمقترح قانون عرضه نواب جزائريون في فبراير الماضي، يهدف إلى تجريم الاستعمار الفرنسي.

وظل الماضي لسنوات طويلة يسمم العلاقات بين البلدين. ويرى الكثير من المهتمين بالعلاقات الجزائرية - الفرنسية أن هناك جماعات ضاغطة من الطرفين، تمنع التطبيع. وفي سياق ذلك قال محمد القورصو أستاذ التاريخ المعروف في الجزائر، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد بوجود قوة منسجمة مناهضة للتطبيع بالجزائر.. ربما هناك تيار ثقافي وتاريخي وسياسي، قد أكون واحدا منه، أوجدته قراءة وطنية مشتركة لتاريخ الجزائر ليست مناهضة لفرنسا الديمقراطية وإنما لسياسة فرنسا المتعنتة، التي ما زالت تتبنى الآيديولوجية الاستعمارية. ففرنسا تشعر بالذنب تجاه الحركيين والأقدام السوداء ولا تشعر بالذنب بسبب ممارساتها الاستعمارية، بل تتبجح بذلك».