«الشرق الأوسط» تزور محافظة الجوف المرعبة في اليمن الحلقة (5): الحوثيون ينتشرون في الجوف ويسمون أنفسهم «المجاهدين»

قائد ميداني حوثي: لا تهمنا حرب سابعة أو ثامنة أو حتى عاشرة

حسين فيصل الناطق الإعلامي لعبد الملك الحوثي («الشرق الأوسط»)
TT

عندما تتعامل كصحافي مع حسين فيصل الناطق الإعلامي لعبد الملك الحوثي، القائد الميداني لجماعة الحوثي في شمال شرقي اليمن، أو أن تكون متلقيا منه رسالة إعلامية، يتولد لديك انطباع باعتدال الجماعة، لكن الواقع في الميدان يقول غير ذلك، دون أن يكون ذلك اتهاما للجماعة، بقدر ما هو استنتاج ينقل بأمانة مهنية للقارئ.

وخلال زيارة «الشرق الأوسط» إلى الجوف، أتيحت فرصة الالتقاء بصورة مباشرة ببعض القيادات والقواعد الحوثية، وهي حالة نادرة في مناطق مغلقة ووعرة، ويمكن القول إن وجود الحوثيين في محافظة الجوف، وهو حديث، هو، في الوقت الراهن، بمثابة «موسم»، إن جاز التعبير، فالجماعة نشطت للغاية هذه الأيام وخاصة منذ حادثة التفجير الانتحاري الذي وقع في 24 من الشهر الماضي، فقد أكدت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يتوسعون في الاستيلاء على بعض المناطق، وأنهم قاموا بنصب العديد من النقاط ويقومون بتفتيش السيارات والتأكد من الهويات، وذلك تحت مبرر الهاجس الأمني والخوف من السيارات المفخخة، وهذه الخطوة التي أقدموا عليها، لا تلقى ترحيبا من قبل عامة الناس، في محافظة يرفض فيها المواطنون التوقف للتفتيش في النقاط العسكرية، فما بالك بنقاط ميليشيا حوثية؟! ويدرك الزائر للجوف أن القواعد الحوثية لا تختلف كثيرا، في تشددها عن كثير من الجماعات الإسلامية المتطرفة، يضاف إلى ذلك تسلح أفراد الجماعة والخشونة في التعامل، كما يدرك الزائر ويلمس مدى التعبئة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل والنظام اليمني، وهناك ستشعر ولو للحظة بسيطة، أثناء لقائك بهم، أن أميركا على الأبواب وأن ساعة «الجهاد» ضدها قد حانت! ولعل ما يميز جماعة الحوثي عن الجماعات الأخرى «الطاعة العمياء»، مجازا، التي تبدو واضحة من الجماعة لزعيمهم عبد الملك الحوثي، رغم المسافة البعيدة التي تفصلهم عن المنطقة التي يوجدون بها، وكذا دقة التنظيم وسرعة وسهولة وصول المعلومة وإيصال المواقف وتوحيدها إزاء أي من القضايا.

ويصنف الحوثيون، في الجوف، أنفسهم بـ«المجاهدين»، وهم بالمناسبة، خليط من أبناء المحافظة والوافدين إليها من محافظة صعدة، والأخيرون يكادون أن يمسكوا بزمام الأمور في محافظة الجوف.

وتنفرد «الشرق الأوسط» بنشر حوار مع أحد القادة الميدانيين للحوثي في الجوف، الذي ربما يكون هو الأول من نوعه لمثل هؤلاء الأشخاص، وقد التقته الصحيفة في مديرية المتون:

* ما هو حجم وجودكم في الجوف؟

- بالنسبة لحجم الوجود في الجوف، لنا وجود وتأثيرنا إيجابي وبيننا تفاهم مع المواطنين وهناك إقبال من المواطنين على هذه المسيرة لأنها نفس المسيرة التي اعتادوها أيام رسول الله، الدعوة إلى الإخاء، إلى الحب، إلى الوفاء، إلى الاستقامة، إلى الحضارة، إلى التعليم، إلى التمسك بحبل الله جميعا، والناس مستجيبة معنا.

* ما هي طبيعة المواجهات المسلحة التي تدور بينكم وبين بعض القبائل الموالية للحكومة هنا؟

- طبيعة هذه المواجهات، طبيعة ليست غريبة على البلاد؛ فأميركا وإسرائيل تستأجران أذنابا لهما وعملاء في الوطن، ضد الدين والإنسانية وضد الحقوق والحريات، وأميركا تستأجر لها أناسا لشق وحدة الأمة الإسلامية، وجعلها على خلاف بأسماء الشيعة والسنة.

* عفوا على المقاطعة ولكن ما تقوله هو كلام عام، أنا أريدك أن تتحدث لي عن الجوف؟

- الجوف ضمن اليمن وضمن العالم الإسلامي والانتماء هو الإسلام في العالم، في الكون كله، لأن الانتماء الذي يجمعنا كأمة عربية وعجمية، هو الإسلام، وهو ديننا، وهو نظام أنزله الله سبحانه وتعالى على سيد البشرية، والسيد (عبد الملك الحوثي) دعانا إلى ما دعانا إليه الرسول ولم يأت بشيء جديد علينا، دعانا بدعوة الرسول من كتاب الله سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والقرآن يدعونا إلى الاعتصام وإلى الوحدة وإلى المحبة والإخاء.

* هل أنتم كحوثيين في محافظة الجوف تغلبون الروابط القبلية أم الولاء للسيد؟

- أصلا المجاهدون يغلبون الولاء لله ولرسوله وللذين آمنوا، الولاء من منبع القرآن، هو لله، أما بالنسبة للنعرات القبلية، أقول إن القومية لم تنفع دعوتها العرب من أجل نصرة فلسطين وتحريرها، لكن الدعوة إلى الله ورسوله، هي التي استطاعت أن تحرر الأوطان من الاستعمار ومن الغزو الاقتصادي والعسكري والسياسي والفكري والثقافي..

* أعيد سؤالي لماذا تحدث مواجهات بين الحوثيين والقبائل؟

- لأن هناك من يرضى لنفسه بأن يستأجر من أجل إثارة الفتن، يقبل من خلال الثقافات والتعبئات اليهودية والنصرانية العميلة التي تريد أن تستعمر بلادنا وتفرق صفنا الواحد، نحن يمنيون، أمة واحدة، ندعو إلى الوحدة ولا ندعو إلى الانفصال وليست لنا جريمة سوى أننا قلنا: «الله أكبر.. الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام»، لم نقل أكثر من ذلك.

* أنت من القيادات الميدانية في الجوف؟

- لا، أنا مجاهد.

* هل تعلم أن هذا الشعار الذي ترددونه إيراني؟

- هذا الشعار وإن كان إيرانيا، فنحن نأخذ تجارب من أميركا، وهذا الشعار حرر إيران نفسها من الاستعمار الأميركي ومن الشاه ودولته الجبارة التي تسلطت على رقاب الإيرانيين، وبالتالي لا مانع أن نأخذه بهذه التجربة من أجل تحرير أوطاننا وتحصين بلادنا من الاستعمار.

* تقول لي إنكم مجاهدون.. تجاهدون ضد من بالضبط؟

- ضد أميركا والسياسة الأميركية والإسرائيلية فقط، ضد سياسات اليهود والنصارى الذين يسعون لإبادتنا.

* أنت تصف نفسك بالمجاهد، لكنك في اليمن ولست في فلسطين؟

- نعم، ولكن لي معبود وهناك قرآن يأمرني بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (يردد بعض الآيات)، لا نتولاهم، توليا سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا أو اجتماعيا، لا يجوز أن نتولاهم، والإسلام هو الذي يأمرنا بمعاداة اليهود والنصارى.

* لكن الإسلام لا يجيز الاقتتال الداخلي؟

- نحن نحرم الاقتتال الداخلي ولا نرضى به، نحن ندعو الأمة إلى الوحدة، وسبق وأن قلت إن هناك مستأجرين، والمستأجر هو الأداة لأميركا، الأداة الأميركية لشق العصا الإسلامية والعربية، وهو اليد القذرة والإجرامية.

* هل تعتقد أنه وفي حال اندلعت حرب سابعة بين الجيش اليمني والحوثيين، يمكن أن تمتد إلى الجوف؟

- نحن نعتقد أن دين الله هو الغالب وأنه سيملأ الأرض، لا يهمنا سواء سابعة أو ثامنة أو حتى عاشرة، سيتم النور وسيملأ الأرض، شاء الناس أم أبوا، وهذا وعد الله ونحن في زمن الدجل والتضليل والله وعد بأن ينصر دينه وأن يخذل المعاندين والكافرين والفاجرين.

* أريد إجابات مباشرة دون التفاف وجمل مطاطة؟

- اتساعنا ظاهر يا أخي والواقع يشهد على أن دين الله ملأ الجوف.

* قبل وجودكم الم يكن هناك دين في الجوف؟! - نعم، كان هناك دين ولكنه دين لا يحمي إنسانا ولا عرضا ولا يقيم أية حدود، لأنه كان دينا مشتتا ومبعثرا، لكن الدين الموحد تحت قيادة واحدة ومبدأ واحد وهدف قرآني واحد، يقوم على مبدأ أنك مستعد للتضحية مع الله بنفسك ومالك وبكل ما تملك، وبالتالي فإنك ستردع الناس والظلمة والطغاة والمستبدين وستقيم الحدود.