تساؤلات حول صاروخ كوري قالت وثيقة «ويكيليكس» إنه سلم لإيران

الروس يعتقدون أنه مزعوم ومعلومات بأن أصله من ترسانة البحرية السوفياتية السابقة

TT

في إطار احتفالها بالذكرى السنوية الخامسة والستين لقيامها كدولة أحادية الحزب يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشفت كوريا الشمالية عن صاروخ جديد في استعراض عسكري تقليدي. ويطلق الكوريون الشماليون على هذا الصاروخ اسم «موسودان». ويلعب «موسودان» الآن دور البطولة في التقارير التي تم تداولها هذا الأسبوع والمدفوعة بنشر موقع «ويكيليكس» لبرقيات دبلوماسية أميركية. وتقول إحدى الوثائق إن إيران حصلت على 19 صاروخا من صواريخها من كوريا الشمالية، وهو ما عزز من التقارير الإخبارية التي تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية يمكن أن تضرب أهدافا في أوروبا الغربية وأهدافا في عمق روسيا، وهو مجال أبعد من المدى الذي يمكن أن تصل إليه الصواريخ الإيرانية الحالية. ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود أي إشارة حول ما إذا كان صاروخ «موسودان»، الذي يعرف أيضا اختصارا باسم «بي إم - 25»، جاهزا للتشغيل أم أنه لم يتم اختباره مطلقا من قبل. ولم تعلن إيران مطلقا بشكل علني عن الصواريخ، حسبما ذكر خبراء ومسؤول بارز في وكالة الاستخبارات الأميركية، بعضهم يشككون في أن الصواريخ كانت قد نقلت من قبل إلى إيران. وقال خبراء حللوا الصور التي تم التقاطها يوم 10 أكتوبر الماضي لصاروخ «موسودان» إنه بدا نموذجا مقلدا للعرض فقط. وتوضح اللقطة التي قدمتها البرقية - اعتمادا على اجتماع واحد أو مصدر واحد - كيف يمكن أن تساهم في تعقيد المسألة بنفس مدى قدرتها على توضيحها. وفي هذه الحالة، قال الخبراء إن الاستنتاج القائل بأن إيران قادرة على ضرب أوروبا الغربية بصاروخ واحد يبدو غير مبرر. ولخصت الوثيقة التي تتكون من 19 صفحة، والتي صنفت بأنها «سرية» اجتماعا جرى يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) عام 2009 بين 15 مسؤولا أميركيا و14 مسؤولا روسيا اجتمعوا في إطار برنامج ثنائي لمراقبة التهديدات الصاروخية التي تمثلها إيران وكوريا الشمالية. واشتبك الجانبان بشكل متكرر واتفقا أحيانا. وادعى الروس أن البرنامج الصاروخي الإيراني لم يكن يمثل تهديدا بنفس القدر الذي يخشاه الأميركيون وأكدوا على أن صاروخ «بي إم - 25» ربما لا يكون موجودا من الأساس، ووصفوه بأنه «صاروخ غامض». واعترف خبراء أميركيون حضروا الاجتماع بأنهم لم يروا مطلقا هذا الصاروخ الجديد في إيران. ووفقا لخبراء على اطلاع بالبرنامج الإيراني، جاء الأميركيون والروس إلى الاجتماع بأجندات متنافسة. وكان الأميركيون عازمين على تأكيد التهديد الإيراني بسبب مخاوفهم إزاء برامج الأسلحة النووية الإيرانية المزعومة ودعمهم لخطة الدرع الدفاعية الصاروخية التي تصل تكلفتها إلى عدة مليارات من الدولارات والتي تمثل أولوية لإدارة أوباما. وركز الروس على التقليل من التهديد لأنهم كانوا يعارضون الدرع الصاروخية وبسبب ارتباكهم لأن التكنولوجيا الروسية كانت تظهر بوضوح في الأنظمة الصاروخية الكورية الشمالية والإيرانية. وفي لحظة معينة، قال الجانب الأميركي إنه يعتقد أن صاروخ «بي إم - 25» كان قد بيع إلى إيران بواسطة كوريا الشمالية. واستشهد الفريق الأميركي بتقارير إخبارية كدليل على صحة هذا الاعتقاد. ولكن مصدر الأخبار الرئيسية بشأن هذه القضية كان قصة أوردتها جريدة «بيلد تسايتونغ» الألمانية عام 2005، استشهدت بأقوال مصادر استخباراتية ألمانية قالت إن إيران قد اشترت 18 مجموعة من مكونات صاروخية لصاروخ «بي إم - 25» من كوريا الشمالية ولم تشتر 19 صاروخا من الصواريخ نفسها. وقال مايكل إيلمان، خبير الصواريخ في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مشيرا إلى النقاش الذي ورد في الوثيقة: «الجانب الأميركي لم يذكر بشكل قاطع أننا نمتلك دليلا على أن صاروخ «بي إم - 25» موجود في إيران. ولم يقدموا أي شيء. ولقد شعرت بالدهشة بشكل محدود لأنهم لم يوضحوا الأمر بشكل أكثر تحديدا». وقال تيودور بوستول، الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمسؤول السابق في البنتاغون: «إذا ادعيت أن هناك صاروخا قادرا على الوصول إلى أوروبا الغربية من إيران، يجب أن تكون قادرا على تقديم الدليل. ولكنهم غير قادرين. ويحب الإيرانيون عرض صور لما يمتلكونه لأن جزءا من لعبتهم هو محاولة الظهور بشكل أكبر من مكانتهم الحقيقية. وليس هناك سبب يستدعي من الإيرانيين الإبقاء عليها سرا. وأنا مندهش نوعا ما من تأكيدات الجانب الأميركي». وقال مسؤول بارز في الاستخبارات الأميركية، أول من أمس، إنه لم يكن على دراية بأي صفقة بيع لصاروخ «بي إم - 25» كامل، رغم أنه كان هناك نقل محتمل لمجموعات من الأدوات التي تستخدم في صناعة الصواريخ. وقال: «كان هناك نقل للمعلومات وأجزاء الصاروخ» من كوريا الشمالية إلى إيران، ولكن بيع هذا الصاروخ الفعلي لم يتم التحقق منه بشكل كامل». ويوضح وجود «أجزاء الصاروخ» هذه أسباب عصبية الروس وحرصهم على إنكار أن صاروخ «بي إم - 25» كان حقيقيا. وأوردت الوثيقة أن الوفد الروسي قال: «الإشارات إلى وجود الصاروخ يمكن تصنيفها ضمن نطاق المطبوعات السياسية بشكل أكبر من كونها حقيقة تقنية. وباختصار، ترى روسيا أن هناك شكا في وجود هذا النظام». ولكن ثمة دليل على أن أصل صاروخ «موسودان» كان سوفياتيا. وبحسب خبراء متخصصين في صناعة الصواريخ ومسؤولين أميركيين، تم شحن كمية كبيرة من أجزاء الصواريخ الباليستية البحرية السوفياتية إلى كوريا الشمالية خلال المرحلة التي شهدت انهيار الاتحاد السوفياتي في عقد التسعينات من القرن الماضي. وقال بوستول وإيلمان إن روسيا لم تعترف مطلقا بهذا النقل، لأن هذا الاعتراف سوف يلطخ سمعة روسيا كدولة تدعي أنها لم تبع مطلقا تكنولوجيا يمكن أن تستخدم في صنع صاروخ باليستي عابر للقارات. ولكن، بمرور الوقت، بدأت أجزاء اتضح أنها من الصواريخ الباليستية التي تعرف اختصارا باسم «آر - 27» وتعرف في الغرب باسم «إس إس - إن - 6»، في الظهور بوضوح على أنظمة الصواريخ الكورية الشمالية والإيرانية، وفقا لتعليقات مسؤولين وردت في الوثيقة. وحسبما ذكر بوستول. وعندما أطلقت إيران قمرا صناعيا في شهر فبراير (شباط) عام 2009، لاحظ خبراء أن محرك الدفع على صاروخ سفير الإيراني كان هو نفس المحرك الذي ظهر على صاروخ «آر - 27». وذكر بوستول أن الأميركيين لم يشيروا إلى مكونات أخرى من الصاروخ «آر - 27» الذي ظهر خلال السنوات الأخيرة أثناء الاجتماع الذي وصف في الوثيقة السرية. وقال، على سبيل المثال، عندما اختبرت كوريا الشمالية بوضوح صاروخها «تايبودونغ - 2» خلال العام الماضي، كان الدليل قويا على أن المرحلة الثانية من الصاروخ كانت مصنوعة من صاروخ «آر – 27»، وهو ما يعزز بشكل محتمل من مداه لكي يتجاوز 2.500 ميل. وبدأت كوريا الشمالية أيضا في بناء نموذج مختلف لصاروخ «آر - 27» تطلق عليه «موسودان». وذكر بوستول أن البرنامج لم يذهب إلى حد بعيد جدا. وفي الاستعراض العسكري الذي جرى خلال شهر أكتوبر الماضي، تم عرض الصاروخ فوق قاذفة صواريخ. وكان أطول بنحو ستة أقدام تقريبا عن الصاروخ الأصلي «آر - 27». وقال: «ولكنها كانت صواريخ مقلدة للعرض فقط. لذا، ليس من الواضح ما يمكن أن تفعله. إنها لم تصبح سلاحا بعد». وذكر بوستول أن هذه الخطوة ما زالت تحتاج إلى فترة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات على الأقل.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»