نبيل شعث: أي انتفاضة شعبية ستكون غير مسلحة وحماس تشاركنا في وقف العمليات العسكرية

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: استخدمنا الكفاح المسلح 27 عاما ولا نعتقد أنه الأفضل الآن

نبيل شعث (أ.ب)
TT

أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مفوض العلاقات الدولية نبيل شعث، أن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي تحولت في هذه المرحلة إلى كفاح شعبي غير مسلح، وذلك لكونه الوسيلة الأمثل حاليا، مشيدا بالتضامن والحراك الدولي المتنامي ضد السياسة العنصرية الإسرائيلية، مركزا على ضرورة أن يسعى الفلسطينيون لتوحيد صفوفهم وبناء مؤسساتهم حتى يتسنى لهم جني ثمار هذا النوع من الكفاح الشعبي السلمي الذي حقق نجاحات مشهودة في أكثر من رحلة كفاح. مؤكدا حقهم في رفض العودة لمفاوضات عبثية وحدود مرفوضة في ظل بناء متواصل للمستوطنات.

«الشرق الأوسط» التقت نبيل شعث صباح أمس أثناء زيارة قصيرة قام بها إلى العاصمة النمساوية فيينا؛ حيث التقى بوزير الخارجية النمساوي وعدد من المسؤولين، كما قدم أكثر من محاضرة عن الأوضاع المتردية التي يعيشها الفلسطينيون بسبب الاحتلال والحصار التعسفي الإسرائيلي.

* تشهد الساحة الفلسطينية هدوءا فهل وضع المقاتل الفلسطيني السلاح؟

- عدنا في هذه المرحلة إلى النضال الشعبي غير المسلح المرتبط بالحراك الدولي. أنا الآن في طريقي إلى المشاركة في اجتماع لقمة رؤساء الأحزاب الاشتراكية الأوروبية التي ستنعقد بوارسو، وسنبحث بروتوكول تعاون يشمل كل الأحزاب الاشتراكية على قاعدة برنامج سياسي مشترك ونتوقع توقيع وثيقة. تربطنا علاقات قوية بالحزب الاشتراكي السويدي والألماني والبرتغالي واليوناني والنرويجي، ومنذ أن بدأت العمل بمفوضية العلاقات الدولية صعدنا التعامل ليس فقط مع الدول والحكومات، بل والقواعد الشعبية التي تدعو لما يعرف بالـ«بي دي إس» أو المقاطعة للبضائع الإسرائيلية والاستثمارات في إسرائيل والعقوبات الإسرائيلية المفروضة ضد الشعب الفلسطيني، كما سنعمل على حراك أقوى مع المنظمات الشعبية، ونرغب وبقوة في التعامل مع هذه القوى المناصرة للقضية الفلسطينية التي تشكل ما لا يقل عن 40% من المتعاونين معنا في بلدات بلعين ونعلين وبيت جالة، حيث النضال يومي ضد جدار الفصل العنصري.

في ذات الوقت سنستمر في مخاطبة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات، وبالتالي ستكون هناك حملة كبيرة تجمع بين النضال الفلسطيني على الأرض والحراك الدولي لمواجهة ما هو واضح أنه استمرار للاحتلال. لا سيما مع انعدام فرصة للعودة للمفاوضات ليس فقط بسبب شروطنا، وهي شروط عادلة وقانونية أن نتمسك بوقف الاستيطان ورفع الحصار، وحتى لو قبلت إسرائيل بهذه الشروط فليس هناك سلام إسرائيلي مطروح بل هو تصعيد ومزيد من الاحتلال.

* هل هذه دعوة لانتفاضة من نوع جديد؟

- أخذت الانتفاضة أشكالا عديدة ولا أحد بإمكانه التنبؤ بأشكال جديدة، وإنما سنصعد انتفاضة شعبية، لنقل غير مسلحة، باعتبارها الشكل الأفضل، ولا أحد يستطيع أن يطالبنا بالعودة للنضال المسلح وهو حقنا الشرعي. لقد استخدمنا الكفاح المسلح 27 عاما، وعدنا له في الانتفاضة الأخيرة، ولا نعتقد أنه الأفضل الآن. تشاركنا في ذلك حماس التي أوقفت كل العمليات العسكرية. وكل شعب له قيادة من حقه أن يقرر الوسيلة الأفضل لنضاله.

وكما استخدمنا خبرة فيتنام والجزائر والصين، وكان هناك أبطال مثل تشي جيفارا، هناك كذلك الكفاح الذي قامت به الهند وجنوب أفريقيا والسود بأميركا. ذلك كان كفاحا باسلا حقق نتائج باهرة دون استخدام سلاح. إن قضيتنا قضية صعبة. وكفاحنا طال أمده قرنا كاملا من الزمان، وقد جربنا الكفاح المسلح والمفاوضات. والآن نحن في طريق الكفاح الشعبي غير المسلح، والحراك الدولي ضد نظام الأبارتيد العنصري الإسرائيلي. وبالطبع فإن هذا له متطلبات فلسطينية في مقدمتها تحقيق الوحدة التي من دونها يصعب تحقيق النجاح لأي نضال. يتبع ذلك أيضا إعادة بناء منظمة التحرير، وبالتأكيد حركة فتح من الداخل، فهي العمود الفقري للنضال الفلسطيني وعليها أن تتحمل مسؤوليتها في هذا النضال. وأخيرا علينا أن نستمر في بناء المؤسسات والاقتصاد الفلسطيني وهذا ما نقوم به الآن.

* لنقف نقطة نقطة عند ما اعتبرتموه متطلبات فلسطينية لا بد من تحقيقها حتى ينجح تكتيك خطط نضالكم المقبل ونبدأ بالسؤال عن خطوات عملية للصلح بينكم وبين حماس؟

- هناك حراك متسارع من أجل تحقيق المصالحة وحتى اجتماع دمشق الأخير رغم أنه لم يحقق ما كنا نتمناه بتوقيع الورقة المصرية، فإنه لم يكن اجتماعا فاشلا غير موضوعي. لقد ذهبنا إلى دمشق رغم الحساسية التي نشأت في اجتماع سرت وذلك دليل على أننا لن نسمح لأي شيء أن يعرقل مسيرة الوحدة.

* هل تشير لعراقيل عربية؟

- كل طرف له حلفاء خارجيون وداخليون، ويجب حساب هؤلاء الحلفاء، لكن في النهاية نحن نعتبر حماس حركة وطنية فلسطينية مستقلة أيا كان حلفاؤها. من جانبنا لم نرضخ لأي ضغوط سواء أميركية أو إسرائيلية. إننا نواجههم أرضا فلماذا لا نواجههم في مسألة الوحدة وحقوقنا الوطنية.

* وماذا عن دعم المؤسسات وتقويتها والاتهامات بالفساد تزكم الأنوف؟

- الاتهام بالفساد أصبح الآن فرية لا أساس لها من الصحة. في الماضي كانت هناك حالات فساد (هذا قبل سنوات). أما الآن، فأستغرب أن يقال لنا هذا الكلام في بلاد عربية رغم أن تقارير البنك الدولي وصندوق النقد يقولان إن النظام المالي للسلطة الفلسطينية أكثر دقة وصحة وشفافية من كل الأنظمة العربية كافة وبلا استثناء. لهذا فإننا نستغرب أن يردد البعض ما تقوله إسرائيل وغرضها من ذلك وقف المعونة عن الشعب الفلسطيني.

* اشتراطكم وقف بناء المستوطنات يعتبره البعض عقبة يمكن تجاوزها باعتبار أن الأرض عند عودتها ستعود بمبانيها تماما كما حدث في سيناء؟

- هذا ما يقوله الإسرائيليون، لكن من جانبنا نحن نتمسك برفض الاستسلام والعودة لمفاوضات عبثية وحدود مرفوضة في ظل عمليات بناء متواصل للمستوطنات. هذه الاتهامات إسرائيلية - أوروبية. تنبثق كلها من فكرة ما سرق 1948 وأنهم يجب أن يسرقوا ما احتلوه 1967 وأن أي إصرار على حدود 67 هو إضاعة للفرص.

من جانب آخر ليس صحيحا أنهم أعادوا لمصر الأرض بمبانيها، بل دمروا كل المستوطنات، ولم يبقوا سوى فندق هيلتون لكونه كان تحت الوصاية الدولية. يجب الضغط على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات. لقد سبق أن سأل إيهود باراك الرئيس محمود عباس: لماذا ترغب أن أمدد مهلة خرقتها 900 مرة؟ وأميركا بدلا من الضغط فإنها تمنح الحكومة الإسرائيلية هدايا ومكافآت لوقف الاستيطان لمدة 3 أشهر.

نحن بحاجة لحدود معترف بها. فحدود 67 التي اعترف بها الجميع تنكرها الحكومة الإسرائيلية كلما جلسنا للتفاوض، يجب أن يعرف الجميع أن الأرض لن تكون مقابل السلام وأننا لن نقبل بتمزيق وتشريح الزقزاق الذي بقي من الأرض.

* كثر الحديث عن دور تسعى إيران للعبه في القضية الفلسطينية ضمن بحثها عن دور في المنطقة.. مارأيكم؟

- هناك من يعتقد أن لإيران أثرا كبيرا على حماس، وقد تكون إيران تبحث عن دور في فلسطين للتأثير على أميركا، لكن لا أعتقد أن لإيران تلك القوة على حماس. إن قيادة حماس في سورية وليست في إيران، وهناك اختلافات بين حماس وإيران، وعلى كل لا يعقل أن نرمي بمشكلاتنا واختلافاتنا على المصريين أو الإيرانيين. مهمتنا أن نكون حكومة وحدة وطنية ولا عذر لأي قائد فلسطيني في بقاء الانقسام الحالي. لا أريد أن ألقي التبعة على حماس أو أن أبرئ أي قيادة فلسطينية ومسؤوليتنا أن ننهي هذا الانقسام الذي خلقته إسرائيل.

* ماذا عن الرئيس أوباما.. هل ما زلتم تأملون أن يلعب دورا فاعلا لتحقيق سلام عادل؟

- أملنا أن يحقق الرئيس أوباما شيئا، لكنه انشغل بمشكلاته الداخلية، فلم يحقق الكثير في مجال السياسة الخارجية، ولو فكر جيدا رغم هزيمته في انتخاباتهم الداخلية الأخيرة فقد يكون تحقيق السلام فرصته للحصول على فترة رئاسية ثانية. لقد سبق أن سألت الصديق الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن الكيفية التي حقق بها سلاما مصريا إسرائيليا وكان هو بدوره قد خسر انتخابات النصف مثله مثل الرئيس الحالي أوباما؟

لقد ضحك الرئيس كارتر يومها محددا 4 أسباب؛ منها 2 خارج مسؤوليته هي أن 75% من الإسرائيليين بعد حرب 1973 كانوا قد رغبوا حقيقة في الوصول إلى سلام، أما السبب الخارجي الثاني فكان وجود قائد شجاع هو الرئيس المصري أنور السادات الذي حارب بشجاعة وسالم بشجاعة. فيما كان السبب الأول المرتبط بكارتر شخصيا أنه اتخذ قرارا بضرورة النجاح خارجيا، عندما خسر انتخابات النصف داخليا، واضعا في مقدمة ذلك قرار أن يقود علمية سلام ناجحة. ووصولا لتحقيق ذلك فإنه قرر أن يدرس شخصية رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن دراسة تامة وبالتفصيل، مما مكنه من إقناعه بتوقيع اتفاق للسلام عادت بموجبه كل الأراضي المصرية.. لقد دعوت الرئيس كارتر أن يزور الرئيس أوباما وأن يقنعه بأن يحزو حزوه لا سيما أننا قد تعلمنا الصبر وسنواصل العمل من أجل تفاوض جاد لتحقيق دولتين.

* هل هناك أية أخبار عن فك الأسرى والإفراج عن البرغوثي؟

- ليست هناك أية أخبار عن فك الأسرى، نحن بصدد إعداد سفينة خاصة نسميها «شموع الحرية» تحمل صور الأسرى وتطوف مدن البحر الأبيض المتوسط.. ولن ننسى الأسرى.