«البوليساريو» تفرج عن ولد سيدي مولود وتسلمه إلى مفوضية اللاجئين بموريتانيا

في انتظار اختياره مكان إقامته

TT

أفرجت جبهة البوليساريو، الليلة قبل الماضية، عن مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، مفتش عام شرطتها السابق، وسلمته إلى مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في موريتانيا، بعد أن ظل معتقلا لديها منذ 21 سبتمبر (أيلول) الماضي؛ حيث من المقرر أن يعلن ولد سيدي مولود أمام مندوب مفوضية اللاجئين بنواكشوط عن البلد الذي سيختار الإقامة فيه.

كانت قيادة جبهة البوليساريو قد اعتقلت ولد سيدي مولود بالقرب من مخيمات تندوف، ووجهت له تهمة «التجسس لصالح العدو، والإخلال بالواجبات القانونية لأجهزة الأمن، وإفشاء أسرار تتعلق بمؤسسات الدولة»، وذلك بعد زيارة قام بها للمغرب أعلن خلالها تأييده لمشروع الحكم الذاتي، الذي اقترحه العاهل المغربي الملك محمد السادس، لحل نزاع الصحراء، واعتزامه العودة إلى المخيمات لحشد التأييد لهذا المشروع. ويوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت جبهة البوليساريو عن إطلاق سراحه، إلا أنه تبين فيما بعد أنه ما زال معتقلا لديها، وكشفت جمعيات حقوقية عن تعرضه للتعذيب. ونتيجة لذلك واصل المغرب مناشداته المنظمات الحقوقية الدولية الضغط على الجزائر من أجل إطلاق سراحه، بالنظر إلى مسؤوليتها القانونية والسياسية التي تترتب على وجود مخيمات تندوف على أراضيها، ومن أجل ذلك نظمت جمعيات مدنية مغربية عددا من التظاهرات أمام السفارات والقنصليات الجزائرية بالخارج. وقال أحد المعارضين البارزين لجبهة البوليساريو، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من موريتانيا: إنه تم تسليم ولد سيدي مولود إلى مفوضية اللاجئين بمنطقة أغونيت. وقال المصدر ذاته إنه لا يعرف بعدُ القرار الذي اتخذه ولد سيدي مولود بخصوص المكان الذي يريد التوجه إليه تحت حماية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. وتساءل قائلا: «لا نعرف هل سيختار اللجوء إلى المغرب، أم العودة إلى مخيمات تندوف، أم الإقامة في بلد آخر مثل إسبانيا أو فرنسا!». وأضاف المصدر أنه يرجح أن يختار ولد سيدي مولود العودة إلى مخيمات تندوف، الأمر الذي سيخلق مشكلة جديدة، حسب رأيه؛ لأن الجزائر وقيادة جبهة البوليساريو ترفضان عودته للمخيمات، كما أن مفوضية اللاجئين ليست لها الصلاحية لفرض عودته إلى المخيمات إذا اعترضت جبهة البوليساريو على ذلك، على حد قوله. في السياق ذاته، أعلن عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، الليلة قبل الماضية، أنه بعد الكثير من المماطلة تم تسليم ولد سيدي مولود إلى مندوب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بنواكشوط في موريتانيا.

وأكد الدبلوماسي المغربي، في تصريح للصحافة نقلته وكالة الأنباء المغربية، أنه تم نقل ولد سيدي مولود نحو نواكشوط، بتعاون مع السلطات الموريتانية، من أجل إجراء مقابلة سرية وجها لوجه مع ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بخصوص اختياره بلد إقامته، وذلك وفقا لقوانين المفوضية وإجراءاتها.

وأعرب هلال عن شكر المغرب للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمات أخرى دولية، وكذا الدول التي مارست ضغوطا على الجزائر وجبهة البوليساريو منذ الأيام الأولى لاعتقال ولد سيدي مولود، من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عنه.

وأكد هلال أن الإفراج عن ولد سيدي مولود «لا يعفي الجزائر، البلد الذي يوجد فوق ترابه السكان المحتجزون (اللاجئون) في مخيمات تندوف، من مسؤولياتها الدولية بخصوص قضية اعتقال هذا المناضل الحقوقي فوق ترابها وتسليمه لجبهة البوليساريو»، مذكرا بأن الجزائر تتحمل بشكل كلي مع البوليساريو المسؤولية عن سوء المعاملة والتعذيب الجسدي والنفسي اللذين تعرض لهما ولد سيدي مولود أثناء مدة اعتقاله.

وقال هلال: إن المغرب يحيي المفوضية السامية للاجئين التي «لم ترضخ لاستفزازات الجزائر والبوليساريو، اللتين حاولتا من دون جدوى توظيف التدخل الإنساني للمفوضية لصالح ولد سيدي مولود لغايات دعائية سياسية وتحريف الحقيقة على أرض الواقع»، على حد تعبيره.

وأضاف أن الإفراج عن ولد سيدي مولود، عقب رفض الجزائر إطلاق سراحه انطلاقا من تندوف، جرى وفقا لأحكام القانون الدولي فوق تراب دولة ذات سيادة، هي موريتانيا؛ حيث تم تسليمه إلى مندوب المفوضية في هذا البلد.

وأوضح هلال أن المغرب سيحترم بشكل كلي اختيارات ولد سيدي مولود، التي سيعبر عنها للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بخصوص بلد إقامته.

وجدد دعوة المغرب من أجل ضمان تمتع ولد سيدي مولود بكامل حقوقه المرتبطة أساسا بحرية التعبير والتنقل.