قبول هنية دولة بحدود 1967 يثير بلبلة في حماس وفتح تعتبر موقفه تنازلا عن المبادئ والشعارات

رئيس الوزراء المقال يقبل بنتائج استفتاء شعبي حول السلام

TT

أثارت تصريحات رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، القيادي البارز في حركة حماس، مساء أول من أمس، حول احترام حركته نتائج أي استفتاء فلسطيني يتعلق باتفاق سلام محتمل مع إسرائيل حتى لو خالف قناعات الحركة، جدلا كبيرا. فبينما استغربت مصادر سياسية إسرائيلية طرح حماس، اعتبرت حركة فتح التصريحات غطاء تتستر به حماس على ما قالت إنه تنازلات عن شعاراتها وميثاقها.

وكان هنية قد أكد في تصريحات لمجموعة من الصحافيين الأجانب، في غزة، أن حماس التي يدعو ميثاقها للقضاء على إسرائيل ستقبل بنتيجة استفتاء فلسطيني على أي اتفاقية سلام تبرم مع إسرائيل في المستقبل، مضيفا أن حركته «لا تعارض إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين بما في ذلك الإفراج عن الأسرى في السجون الإسرائيلية».

وتؤكد تصريحات هنية ما أفشته تسريبات «ويكيليكس» نقلا عن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وقوله للسيناتور الأميركي جون كيري إن حماس ستقبل بدولة فلسطينية في حدود عام 1967.

وتابع هنية القول «عرض الموضوع على الشعب الفلسطيني في أي استفتاء يعني أن حماس ستحترم نتائج الاستفتاء حتى وإن خالف قناعاتها». لكن هنية أوضح أن الاستفتاء الذي يتحدث عنه يجب أن يضم جميع الفلسطينيين القاطنين في غزة والضفة الغربية والدول الأخرى.

ومع ذلك أبدى هنية شكوكا كبيرة في إمكانية الوصول إلى هذه المرحلة، قائلا إن إسرائيل غير معنية بتمكين الفلسطينيين من إقامة دولة تتمتع بسيادة كاملة، وأن لا أمل لديه بأن تتكلل بالنجاح الجهود الرامية إلى إحياء العملية التفاوضية. كما أعاد هنية التأكيد على أن حركته مستعدة لإجراء تعاون مع الدول الغربية المعنية بمساعدة الفلسطينيين على نيل حقوقهم.

والتزمت حماس الصمت تجاه تعقيبات هنية، وقالت مصادر في الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحاته أثارت بلبلة ويجب توضيحها، لكنها لن تعطي أي توضيح. وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالناطق الرسمي في مكتب هنية، طاهر النونو، دون أن يتسنى لها ذلك.

وأسقطت مواقع حماس هذه الجمل من تصريحات هنية، ونشرت على لسانه تصريحات أخرى في سياقات مختلفة. غير أن بعض المحللين التابعين لحماس قالوا إن هنية استند إلى استحالة إجراء هذا الاستفتاء في كل مناطق الوجود الفلسطيني.

وفتحت التصريحات باب التحليلات في إسرائيل نفسها، بين من استغربها ومن قال إنها لا تحمل أي جديد. وعقبت مصادر دبلوماسية مسؤولة في تل أبيب على هذه التصريحات بالقول إنه «إذا أرادت حركة حماس تحقيق السلام فإن الباب مفتوح أمامها، ولكن يتعين عليها استيفاء الشروط التي حددتها اللجنة الرباعية الدولية». وأعربت المصادر الدبلوماسية مع ذلك عن استغرابها من إطلاق هذه التصريحات في الوقت الذي لا تستعد فيه حماس حتى لتحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية.

أما نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه يعلون، فوصف التصريحات بغير المفاجئة، وقال في سياق مقابلة إذاعية إنه لا يرى تغييرا في موقف حماس أو موقف السلطة الفلسطينية، على حد سواء.

وفي رام الله، جاء الرد سريعا متهما حماس بالتراجع عن ثوابتها وميثاقها، وقال أحمد عساف المتحدث باسم حركة فتح، «إن الحركة أول من طرح استفتاء الشعب الفلسطيني، ولكن بعد التوصل إلى اتفاق يشمل كافة ثوابت الإجماع الوطني وليس استفتاء على الثوابت، كما طرح إسماعيل هنية وتريده حماس لتتستر خلفه عن تنازلها عن ميثاقها وعن ثوابت الشعب الفلسطيني وعن كل شعاراتها السابقة».

وأضاف عساف في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، «إن موقف حماس الذي عبر عنه هنية حول قبول حماس بنتيجة أي استفتاء على مصير الأرض الفلسطينية يتفق مع ما كشفه موقع (ويكيليكس) حول موافقة حماس على الاعتراف بإسرائيل، وهذا يتفق أيضا مع المعلومات التي لدى فتح حول وجود اتصالات سرية بين حماس وإسرائيل عبر وسطاء عرب وغير عرب، إذ أعلنت حماس عن موافقتها على دولة بحدود مؤقتة مقابل التفاوض مع حماس كبديل عن الشرعية الفلسطينية».

واعتبر عساف أن «هذه المواقف تؤكد أن حماس تنازلت عن ميثاقها الذي يدعو إلى القضاء على إسرائيل، أو أن هذا الميثاق استخدمته حماس كإحدى وسائل الخداع الأخرى مثل المقاومة والممانعة وعدم الاعتراف بإسرائيل وعدم التنسيق معها، وأن الوقائع المعاشة اليوم تثبت حقيقة مواقف حماس من كل هذه الشعارات التي استخدمتها مع الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق هدف حماس المنسجم مع مشروع الإخوان المسلمين العالمي، وهو الوصول إلى السلطة والتفرد بها ككل، حتى ولو بالانقلاب».

واتهم عساف حماس بتغليب مصلحتها على مصلحة الشعب الفلسطيني، قائلا إنها كانت ترفض إجراء استفتاء قبل أربع سنوات عندما فازت بانتخابات المجلس التشريعي، إذ قالت: «هل يستفتى الجائع أو المحاصر؟. هذا كان موقف حماس لأنه قد يمس حكم حماس لصالح الشعب الفلسطيني، أما اليوم فهي توافق على استفتاء قد يمس ثوابت ومصالح الشعب الفلسطيني، ولكنه يصب في مصلحة حماس».