مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: ما زلنا ننتظر ردا سوريا حول مفاعل دير الزور

مصادر غربية: عدم تعاون دمشق قد يؤدي إلى قرار من مجلس الأمناء واللجوء إلى مجلس الأمن

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو ينتظر بدء مجلس محافظي الوكالة الدولية للحكام اللقاء في المركز الدولي في فيينا أمس (أ. ف. ب)
TT

قال يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنه ينتظر ردا سوريا رسميا على رسالته التي بعث بها لوزير الخارجية السوري بتاريخ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي حث فيها الحكومة السورية على ضرورة تقديم كل ما يمكن من مساعدات وعون حتى تتمكن الوكالة من الحصول على المعلومات التي تحتاجها، على وجه السرعة، للوصول لحقيقة ما كان يدور من أنشطة بموقع مفاعل دير الزور.

وكان أمانو قد أوضح في مؤتمر صحافي عقده عقب انفضاض الجلسة الأولى لاجتماع دوري يعقده مجلس أمناء الوكالة بمقرها بالعاصمة النمساوية، منذ الأمس، وضمن أجندته، قضية الملف النووي السوري الذي ظل موضع نقاش لأكثر من عامين ونصف العام بسبب تضارب في المعلومات حول مصدر آثار التلوث النووي الذي عثر عليه فريق تفتيش دولي ضمن مهمة تحقق وتحر للموقع في يونيو (حزيران) 2008.

هذا، وفيما تمتنع سورية عن منح الوكالة تصريحا ثانيا لزيارة الموقع لمزيد من التحقق، مع إصرار أن الموقع عسكري مقفول، وأن آثار التلوث تعود للصواريخ الإسرائيلية التي دكت الموقع في يوليو (تموز) 2007، تشير تقارير إسرائيلية وغربية إلى أن آثار التلوث نتاج عمليات نووية كانت سورية تجريها سرا بالموقع الصحراوي.

من جانبها، كانت مصادر غربية قد هددت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن السياسة السورية المتمسكة برفض التعاون مع الوكالة ستدفع مجلس الأمناء لتصعيد الأمر وبحث كل السبل الممكنة لإجبار سورية على التعاون والسماح بزيارة ثانية للموقع وتقديم كل المعلومات المطلوبة بما في ذلك السماح بإجراء تحقيق مع الجهات التي كانت مسؤولة عن الموقع. مؤكدين أن التصعيد قد يصل إلى طلب من مدير عام الوكالة بإجراء عمليات تفتيش خاص وفي حالة لم ترضخ سورية قد يصل الأمر أن يجيز مجلس الأمناء قرارا يدين سورية بعدم الالتزام مما قد يؤدي لرفع الأمر إلى مجلس الأمن.

من جانب آخر علمت «الشرق الأوسط» أن المجموعة العربية بالوكالة الدولية ستقدم اليوم أمام المجلس بيانا يعيد التأكيد على الموقف العربي الداعم للإدانة السورية للانتهاكات الإسرائيلية والعدوان على الموقع العسكري الذي كان قيد الإنشاء في دير الزور. مطالبا الدول أعضاء الوكالة بممارسة الضغط على إسرائيل للاستجابة للنداءات التي وجهها لها مدير عام الوكالة لتقديم المعلومات المطلوبة عن طبيعة المواد التي استخدمتها لدك الموقع.

ويمضي البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن المجموعة العربية تؤكد أن ما قدمته سورية من تعاون مع الوكالة بالسماح للمفتشين الدوليين بزيارة الموقع رغم طبيعته العسكرية ورغم أنه لا يندرج تحت التزام سورية الدولي بموجب اتفاقية الضمانات، هو دليل شامل على مدى شفافية سورية وتعاونها مع الوكالة.

في سياق مواز رحب البيان بمزيد من التعاون السوري فيما يختص بمفاعل منسر (موجود بالقرب من دمشق سبق أن اكتشف به فريق تفتيش آثار تلوث لمواد غير معلنة) بهدف إخراجه من تقارير المدير العام وإعادته إلى إطار طبيعته الروتينية بموجب اتفاقية الضمانات.

وتشير متابعات «الشرق الأوسط» أن المعلومات حول ضرب إسرائيل مفاعل دير الزور لم تخرج للعلن إلا بعد حين، إذ لم تشتك سورية كما لم تخطر الولايات المتحدة الأميركية الوكالة الدولية بنية إسرائيل شن هجوم على المفاعل رغم أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تعلم بذلك منذ أبريل (نيسان) 2007 أي قبل شن الهجوم بأشهر رغم أن قوانين الوكالة تلزم الدول الأعضاء بالتبليغ في حالة حصلوا على معلومات ذات شبهة نووية.

وكانت سورية قد وصفت الموقع في بداية الأمر بأنه مبنى مهجور ثم وصف بأنه مركز لدراسات زراعية في الأراضي القاحلة والجافة «اكساد» ثم وصف أخيرا بأنه موقع عسكري ومنصة لإطلاق صواريخ ممنوع دخولها أو الاقتراب منها كغيرها من المناطق العسكرية في مختلف البلاد..

ومعلوم أن الوكالة الدولية وفقا لاتفاقات الضمان الموقعة مع دولها الأعضاء ومن ضمنها سورية لا يمكنها زيارة وتفتيش إلا المواقع النووية، أما غير ذلك فلا سبيل لتفتيشه بغير قرارات خاصة كالتفتيش الخاص أو قرارات ملزمة من مجلس المحافظين ومجلس الأمن.

ومن جهة أخرى كشفت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية بالتعاون مع معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن لأول مرة عن موقع ثلاث منشآت في سورية تطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء عمليات تفتيش لها على خلفية الاشتباه في وجود برنامج نووي سري. ووفقا لمعلومات الصحيفة الصادرة أمس فإن أحد المواقع يوجد في الضاحية الشرقية للعاصمة دمشق، بينما يوجد الثاني بالقرب من مدينة مصياف غربي البلاد والثالث شمال مدينة حماة غربي البلاد. وذكرت الصحيفة أن معهد العلوم والأمن الدولي وجد في صور التقطتها أقمار صناعية مجمع مبان بالقرب من مصياف، من المحتمل أن يكون إحدى المنشآت المشتبه فيها. ووفقا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يشتبه في أن يكون للمنشآت الثلاث «علاقة وظيفية» بمفاعل «الكبر» السوري المشتبه فيه، الذي قصفته إسرائيل في سبتمبر (أيلول) عام 2007. ولم يكشف مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن عن تلك المنشآت أو وظيفتها. ويوجد لدى الوكالة معلومات، بينها صور التقطتها أقمار صناعية، بأنه كان يتم نقل مواد بين المواقع الثلاثة والمفاعل الذي تم قصفه. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي بارز في فيينا القول إن إحدى المنشآت الثلاث على الأقل من المحتمل أن يكون لها علاقة بـ«إنتاج الوقود»، إلا أنه أوضح أنه لا يوجد حتى الآن «دليل على أنشطة حساسة» ؛ أي تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجته.

ووفقا لتقرير موجز لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.إيه) في أبريل (نيسان) عام 2008، من المحتمل أن هذه المنشآت كانت تستخدم كمستودعات لمواد وعتاد مخصصة للمفاعل. ولم يعرف حتى الآن ما إذا كانت أنقاض المفاعل المقصوف قد تم تخزينها في هذه المواقع الثلاثة أم لا.