انسحاب الوفد و«الإخوان» يحيي «فقه المقاطعة» في الحياة السياسية المصرية

بدأت بمقاطعة «شبه جماعية» في انتخابات 1990

TT

للمرة الثانية في تاريخ الحياة السياسة المصرية المعاصرة والقائمة على التعددية الحزبية وتنوع الاتجاهات السياسية.. تقرر قوى معارضة رئيسية مقاطعة العملية السياسية في مصر، منذ أجريت أول انتخابات تشريعية في البلاد على أساس حزبي عام 1979.

وقرر كل من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد المعارض، الانسحاب من الانتخابات ومقاطعة جولة الإعادة في الانتخابات النيابية التي تجرى حاليا، بعد خسارة الجماعة وفوز الوفد بمقعدين فقط، في الجولة الأولى التي جرت يوم الأحد الماضي.

لكن د. محمد بديع المرشد العام لجماعة المسلمين قال إن «قرار الانسحاب جاء كخطوة احتجاجية على ما حدث في انتخابات الجولة الأولى، وإن عدم مشاركتهم في هذه الجولة الانتخابية لا يعني تغييرا في استراتيجية الجماعة الثابتة بالمشاركة في جميع الانتخابات، ولكنه موقف فرضته الظروف الحالية، وكل حالة تُقدَّر بقدرها».

وبذلك يكون هذا القرار هو الأول من نوعه كـ«انسحاب» من العملية الانتخابية بعد قرار المشاركة فيها، والثاني من حيث مقاطعة البرلمان في تاريخ المشاركات الحزبية في الانتخابات المصرية. حيث كانت المقاطعة الأولى لانتخابات مجلس الشعب التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1990، حين قرر عدد من الأحزاب والقوى الرئيسية في ذلك الوقت، يتقدمها (الوفد، الأحرار، العمل، وجماعة الإخوان المسلمين)، مقاطعة الانتخابات، احتجاجا على إلغاء نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية النسبية عام 1987، والعودة إلى نظام الانتخاب الفردي الذي كان معمولا به قبلها.

مع العلم بأن حزب التجمع، الذي رفض الانسحاب من البرلمان الحالي أسوة بـ«الوفد» و«الإخوان»، كان قد رفض المقاطعة أيضا حينذاك، وقرر المشاركة في الانتخابات، مثلما هو حاصل اليوم.

وعلى الرغم من أن بعض المراقبين اعتبروا أن قرار المقاطعة عام 1990 هو قرار صائب، لأن التجربة أثبتت أن نظام القوائم أفضل لتنشيط الحياة الحزبية في مصر، فإن آخرين قالوا إن المقاطعة الحزبية لانتخابات 1990، قلصت حصة أحزاب المعارضة مجتمعة من نحو مائة مقعد إلى أقل من عشرين مقعدا في الانتخابات التي تلت المقاطعة، بسبب غيابها عن الحياة السياسية طيلة هذه الفترة.

ومنذ أن صدر قانون رقم 40 لسنة 1977 والذي قرر تدشين نظام الأحزاب السياسية في مصر، أجريت في عام 1979 أول انتخابات تشريعية على أساس حزبي، وفي 14 من أكتوبر 1981 تولى الرئيس محمد حسني مبارك رئاسة الجمهورية، وبدأت مصر تتجه نحو إطلاق الحريات العامة، حيث أدخلت عدة تعديلات بقوانين على نظام انتخاب مجلس الشعب.. حيث تم إقرار نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية والتمثيل النسبي عام 1983.

وفي عام 1986 صدر قانون بتعديل نظام الانتخاب على أساس الجمع بين نظام القوائم الحزبية والنظام الفردي، غير أن التجربة فشلت، وتم العودة إلى نظام الانتخاب الفردي في عام 1990.

أما عن تجربة حزب الوفد تحديدا، فقد خاض الحزب أول انتخابات عام 1984 وحصل خلالها على 57 مقعدا، ثم 1987 وحصل خلالها على 34 مقعدا، ثم قاطع انتخابات 1990، وعاد عام 1995 ليحصل علي ستة مقاعد، ومثلهم في الانتخابات الماضية عام 2005.

وكان الخلاف حول فكرة المقاطعة والمشاركة قد ظهر واضحا بين القوى السياسية المصرية في الآونة الأخيرة وقبل انتخابات 2010، حين دعت قيادات أحزاب الغد (أيمن نور)، وحزب الجبهة الديمقراطية، وحركة كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، وحركة 6 أبريل إلى مقاطعة شاملة للانتخابات، وعدم المشاركة فيما سموه «مسرحية انتخابية»، ما لم يتم تعديل قوانين الانتخابات.

وهو الأمر الذي لاقى تباينا في الرأي، حين علقت جهات أخرى مقاطعتها على وجود إجماع بين كل القوى السياسية.