ليبيا: تضارب المعلومات بشأن أسباب هروب الرئيس السابق لتشريفات القذافي

مصادر تحدثت عن مكيدة.. وأخرى أشارت إلى خلافات حول تأسيس قناة تلفزيونية

TT

تضاربت أمس المعلومات حول أسباب هروب نوري المسماري، الرئيس السابق لتشريفات الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي إلى فرنسا، واعتقاله هناك بناء على مذكرة اعتقال ليبية. فبينما أفادت مصادر ليبية مطلعة أمس بأنه كان مسافرا للعلاج في الخارج، لتدهور صحته و«وجود مكيدة وراء إشاعة نبأ هروبه»، تحدثت مصادر أخرى لـ«الشرق الأوسط» عن خلافات بشأن أموال تخص تأسيس قناة تلفزيونية إخبارية كان القذافي يعتزم إطلاقها. وقالت إن المسماري كان يعتزم التقاعد والإقامة بمصر ما يدل على حداثة خلافه مع سلطات طرابلس الغرب.

ونفت مصادر ليبية التهم الموجهة إلى المسماري الموقوف منذ يوم الأحد الماضي في فرنسا، وقالت إن المسماري ذهب «ضحية مؤامرة خططت لها جهات ودوائر أمنية، هدفها إبعاد الأخير عن القائد (القذافي)».

وكانت المصادر ذاتها تتحدث لوكالة «ليبيا برس» الخاصة، المقربة ممن يطلق عليهم اسم «الإصلاحيين» في ليبيا، الذين يتزعمهم سيف الإسلام القذافي.

وتم توقيف المسماري بباريس بناء على مذكرة اعتقال وتسليم صادرة عن طرابلس الغرب تتهمه باختلاس أموال، حسب مصادر قضائية أشارت أيضا إلى أن هناك معلومات على هامش القضية عن «خلافات على أموال يبلغ قدرها ملايين الدولارات كانت ليبيا قد كلفت رجل إعلام عربيا يعيش في أوروبا (لم تسمه) لتأسيس قناة فضائية ليبية إخبارية تابعة للدولة».

وأضافت المصادر أن «المسماري بصفته مقربا من القذافي كان قريبا من صفقة تأسيس القناة التي لم تر النور لأسباب غير معلومة»، مشيرة إلى أن «تأخير تأسيس هذه القناة التلفزيونية يقف وراء تفجر الخلافات حول المسماري، من جانب خصومه على الأقل».

ويتفق ليبيون مقربون من سلطات طرابلس ومن المعارضين لها بأهمية المسماري، كونه أحد أطول من عمل بالقرب من الزعيم الليبي عبر عدة عقود شهدت فيها البلاد الكثير من المتغيرات بما فيها العداء مع الغرب والتصالح معه. كما نقلت وكالات أنباء عن مصادر قريبة من ملف قضية المسماري حديثها عن أنه كان حاضرا في كل المناسبات العامة والخاصة التي ظهر فيها الزعيم الليبي.

وقالت مصادر ليبية أخرى على صلة بعائلة المسماري إن الرجل البالغ من العمر نحو 69 عاما، كان يعد نفسه للتقاعد والإقامة في مصر في ضيعة تابعة لأحد القيادات الليبية تقع بالقرب من القاهرة.

وأوضح السياسي والمحلل الليبي إبراهيم عميش لـ«الشرق الأوسط» أن المسماري ترك ليبيا بشكل مفاجئ بعد أن ترددت أنباء بخصوص مصير المبالغ المالية التي تخص تأسيس قناة فضائية إخبارية.

وقال عميش «إن أهمية المسماري تكمن في الاعتقاد بأنه يحمل الكثير من الأسرار الخاصة بعدد من الحوادث التي شهدتها ليبيا في النصف الثاني من القرن الماضي، ومنها اختفاء موسى الصدر، واختفاء منصور الكيخيا، وقضية سجن أبو سليم وغيرها».

ونقلت وكالة «ليبيا برس» عن مصدر لم تسمه، أن المسماري «سافر إلى فرنسا بعد تدهور صحته، وإجرائه عملية جراحية على قلبه، وأنه لم يكن واردا لديه الهرب وتقديم اللجوء السياسي في باريس»، مشيرا إلى أن ما حصل هو أن «هناك جهات أمنية تحاول منذ مدة إفساد الثقة التي يوليها القائد (القذافي) للمسماري، واستغلت فرصة خروجه لتقدم ملفا ملفقا حول تورط المسماري في اختلاس أموال الدولة».

وحسب المصدر نفسه، اتصل المسماري بأحد أبناء القذافي، وطلب منه التوسط والتدخل في موضوعه، وأكد له أنه «لم يهرب ولا ينوي أبدا طلب اللجوء السياسي، وأنه كان ينوي العودة بعد استقرار صحته، وأنه ذهب ضحية تآمر بعض الجهات الأمنية التي كانت غير راضية عن علاقته المميزة بالقذافي، ولفقت له تهما لدى النيابة الليبية التي أصدرت بدورها مذكرة اعتقال».