السعودية: الملف النووي الإيراني يشكل عبئا إضافيا للتحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة

وكيل الخارجية السعودية: ننظر إلى جميع العراقيين دون تصنيف طائفي أو مذهبي أو عرقي

TT

أكد الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير، وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات متعددة الأطراف، أن بلاده تولي أمن منطقة الخليج أهمية قصوى «لما له من أثر كبير في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين»، فيما ترى الرياض أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق واليمن وإيران معنية أكثر من غيرها بأمن واستقرار المنطقة، إضافة إلى أن البعد الدولي للإطار الأمني للمنطقة يقتضي المشاركة الإيجابية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول المهمة على الساحة الدولية، من منطلق أن الضمانات الدولية لا يمكن توفرها على أساس منفرد.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأمير تركي بن محمد، أمس، أمام الدورة السابعة لمنتدى «حوار المنامة»، المنعقد في العاصمة البحرينية المنامة، وقال «إن جهود المملكة في دعم أمن واستقرار منطقة الخليج تندرج في عدد من المحاور والأدوار، من خلال الإسهام في حل القضايا والأزمات الدولية الشائكة، التي لها تأثير على المنطقة والعالم، كما تحاول من خلال دورها الرامي إلى تحقيق السلم والأمن دعم الجهود الإقليمية والدولية الهادفة لتحقيق ذلك».

وأوضح المسؤول السعودي أن بلاده بذلت، وما زالت، جهودا كبيرة لدعم استقرار وأمن هذه المنطقة في عدد من القضايا والأزمات الإقليمية «فقد أكدت المملكة دوما أهمية أمن واستقرار العراق ودعم وحدته الوطنية وسلامته الإقليمية والحفاظ على استقلاله وسيادته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكل كان»، وقال «نحن في المملكة العربية السعودية، قيادة وشعبا، ننظر إلى العراق بوصفه بلدا شقيقا وجارا عزيزا وجزءا أساسيا وأصيلا من أمتيه العربية والإسلامية، وننظر إلى جميع أبناء شعبه نظرة الأخ لأخيه دون تصنيف طائفي أو مذهبي أو عرقي، ونقف على مسافة واحدة من جميع مكوناته وتياراته السياسية».

ولفت الانتباه إلى أن السعودية عبرت في كل المؤتمرات الدولية والإقليمية، بما فيها مؤتمرات دول الجوار ومؤتمرات المانحين المتعلقة بالعراق، عن رفضها لكل دعاوى التجزئة أو التقسيم، أو تحويل هذا البلد إلى ساحة للأطماع الإقليمية والدولية، أو التنافس فيما بينها وتقاسم مناطق النفوذ والهيمنة على أرضه وعلى حساب شعبة وسيادته «ومن هنا جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين المتمثلة بدعوة كافة الأحزاب والقيادات العراقية للاجتماع في الرياض، تحت مظلة جامعة الدول العربية، لمحاولة تحقيق المصالحة الوطنية، والاتفاق فيما بينهم لما فيه مصلحة العراق ومستقبله، وهي خير دليل على حرص المملكة على ما فيه مصلحة العراق وأمنه وسيادته واستقلاله».

وأضاف أن السعودية تهتم أيضا بأمن واستقرار اليمن، وذلك لأهمية اليمن في المنطقة، بوصف ذلك امتدادا للأمن القومي لدول المنطقة، ومنها السعودية، مبينا أن علاقات البلدين تمتاز بأنها «علاقات أخوية وثيقة، وهناك تنسيق دائم ومشاورات بين قيادتي البلدين الشقيقين، وبين الأجهزة الحكومية في البلدين، من خلال مجلس التنسيق السعودي اليمني، الذي يعقد اجتماعاته سنويا، ويقوم بجهود بارزة في دعم اليمن في كافة المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، وقد دعمت السعودية جهود اليمن في مكافحة الإرهاب والتصدي له، وكان لهذه الجهود الأثر الإيجابي في مواجهة هذه المحاولات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، وقال «من هذا المنطلق، فإن المملكة تحث المجتمع الدولي على مساعدة اليمن اقتصاديا وتنمويا، ودعم جهوده في تجاوز المشكلات الاقتصادية والأمنية، من خلال تقديم الدعم والمساعدة مع الالتزام بالحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، مقتنعين أن أمنه من أمننا، واستقراره يرسخ استقرارنا، ونماءه ورفاهه يهمنا جميعا، وملتزمين كل الالتزام بوحدة واستقلال وسيادة اليمن الشقيق، ومؤكدين عدم التدخل في شؤونه الداخلية، ونتطلع إلى أن يتمكن مؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن، الذي دعت المملكة إلى استضافته في مطلع العام الميلادي المقبل، ليكون رافدا مهما في تقديم الدعم والمساندة لليمن الشقيق والوقوف معه في تجاوز مشكلاته الاقتصادية والأمنية التي يمر بها الآن، فأمن واستقرار اليمن مرتبط وبشكل أساسي بأمن واستقرار المنطقة، الذي هو جزء من الأمن والاستقرار العالمي».

وأضاف أن السعودية تعد من الدول الداعية إلى نزع أسلحة الدمار الشامل بجميع أنواعه وأشكاله «وبناء على ذلك فقد اتخذت موقفا واضحا في سياستها الخارجية، يتمثل في تأييد ودعم كل الجهود الدولية الرامية إلى الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل على الصعيد العالمي والإقليمي، وقد انضمت المملكة إلى معظم المعاهدات والاتفاقيات الدولية القاضية بإزالة أسلحة الدمار الشامل، وفيما يتعلق بخلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، فقد تبنت المملكة إلى جانب الدول العربية الأخرى، إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، سواء من خلال الجامعة العربية أو في إطار الأمم المتحدة».

وأشار إلى أن المملكة تؤيد حق جميع الدول في الحصول على التقنية وبرامج الطاقة النووية للأغراض السلمية، «وعليه فقد أضحى الملف النووي الإيراني يشكل عبئا إضافيا لما نواجهه من تحديات ومخاطر، ما يستدعي منا جميعا التعامل مع هذا التحدي بكل مسؤولية وعقلانية، وانتهاج الحلول الدبلوماسية، وعلى النحو الذي يضمن حق الدول في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن لا يشكل ذلك أي خطر أو تهديد لأمن وسلامة الدول المجاورة والمنطقة».

وتابع الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير يقول «إن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة لا يتأتى عن طريق السعي نحو امتلاك الأسلحة الفتاكة أو الهيمنة، بل عن طريق إدراك الحقوق والمصالح والمشاغل الأمنية لكل الأطراف، حيث إن ذلك هو الطريق الأمثل والأسلم لبلوغ هذا الهدف، وفي إطار تحقيق الأمن في المنطقة، فإن إسرائيل التي تشكل قدرتها النووية خطرا جسيما على أمن واستقرار المنطقة مطالبة بإخضاع جميع منشآتها وترسانتها النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى لا يكون لوجود هذه الأسلحة خطر على أمن المنطقة وسلامتها، وندعو المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لأهمية الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، فمنطقة الشرق الأوسط هي أحوج من أي وقت مضى إلى تحقيق الأمن والاستقرار، فقد عانت هذه المنطقة الكثير من الكوارث والأزمات، ولا شك أن شعوبها أحق أن تستثمر هذه الإمكانات المالية والتقنية في الرفع من مستوى شعوبها وتطوير برامجها التنموية بدلا من إهدارها في برامج تعد مصدر خطر وتهديد وليس عامل استقرار وأمن».

وشدد على أن ظاهرة الإرهاب «تشكل تحديا كبيرا للمجتمع الدولي»، وقال «لهذا، فإن تكاتف الجهود الدولية وتضافرها كفيل بالتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تعد ظاهرة غريبة على مجتمعاتنا جميعها، كما أنها تتنافى مع القيم والمبادئ التي نؤمن بها جميعا»، مشيرا إلى أن بلاده قامت بجهود كبيرة وخلاقة للتصدي لظاهرة الإرهاب، «فعلى المستوى الخليجي والعربي، عملت المملكة بالتعاون والتنسيق مع الدول الخليجية والعربية لمواجهة ومكافحة الإرهاب، ومن ذلك تصديقها على اتفاقية مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب لعام 2004»، مبينا أن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول المصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998، كما قامت بجهود فعالة في مكافحته على المستوى الدولي، كان من بينها مصادقتها على معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي لعام 1999، ونسقت وتعاونت مع الكثير من الدول الصديقة في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وانضمت وصادقت على كافة الاتفاقيات الدولية الـ13 بشأن مكافحة الإرهاب وتمويله، ولنفس الهدف استضافت المملكة المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي عقد في الرياض عام 2005، وصدر عنه الكثير من التوصيات المهمة، أبرزها مبادرة خادم الحرمين الشريفين لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة. واستضافت مدينة الرياض ورشة العمل الخليجية الأوروبية المشتركة السادسة لمكافحة تمويل الإرهاب عام 2009، وحققت المملكة نجاحات مميزة في القضاء على هذه الظاهرة وتجفيف منابعها، داخليا ودوليا، كما نجحت من خلال برنامج المناصحة والتأهيل في إعادة المغرر بهم ليكونوا أعضاء صالحين في مجتمعهم.